صفحة جزء
الشرط الثالث : المماثلة في العضو ، فلا يقتص من اليمنى إلا باليمنى ، وكذلك سائر الأعضاء إذا اختلف ; لأنه معنى القصاص لغة . وفي الكتاب : إن [ ص: 338 ] قطع يمينه عمدا ( ولا يمين له ، فديته من ماله دون العاقلة ، فإن كان عديما ) ففي ذمته ، ولا تغلظ عليه الدية في العمد إذا قتلت ; لتعذر القصاص أصالة بخلاف قبولها ، وإن فقأ أعور العين اليمنى عينا يمنى خطأ ، فعلى عاقلته نصف الدية ، أو عمدا ، فعليه ديتها في ماله ، ولا يقتص من اليد أو الرجل اليمنى باليسرى ، ولا اليسرى باليمنى ، ولا العين أو السن بمثلها في صفها وموضعها ، الرباعية بالرباعية ، والعليا بالعليا ، والسفلى بالسفلى ; فإن تعذر رجع للعقل ، وإن فقأت عين أعور العين اليسرى ففيها الدية كاملة ; لأنه لا قصاص في عين الجاني للمخالفة ، وإن فقأ الأعور عين الصحيح التي مثلها باقية للأعور فللصحيح أن يقتص ، وإن أحب أخذ دية عينه ، ثم رجع مالك فقال : له القصاص أو دية عين الأعور : ألف دينار . قال ابن القاسم : والأول أحب إلي . وإن فقأ أعمى عينا فديتها في ماله ; لأن العاقلة لا تحمل عمدا ، وإن فقأ أعور عيني رجل ، فله القصاص في عينه ونصف الدية في العين الأخرى .

في التنبيهات : قوله : إذا فقأ الأعور مثل عينه من الصحيح ، يخير بين القصاص والدية ، قيل : يخرج منه قول في التخيير في أخذ الدية في جراح العمد ، وهو قول ابن عبد الحكم . والمشهور خلافه . ويتخرج أيضا إجبار القاتل على الدية كقول أشهب ، وقال أبو عمران الفاسي : إذا قال ذلك لعدم التساوي في عين الأعور ; لأنها أزيد من عين الصحيح ; لأنه إن اختار القصاص ففي مثل عينه ، أو الدية فقد دعي إلى صواب . قال : ويلزمه على هذا الإجبار على الدية ، وخرج بعضهم على هذه أن لولي القتيل إذا كان القاتلون جماعة أن يلزم كل واحد فيه دية كاملة عن نفسه كديته ; لأن [ ص: 339 ] له قتله واستحياء من أراد ، وكذلك قاطعو اليد على كل من عفا عنه دية يد نفسه ، قال : وهو لا يلزم أبا عمران ; لأن جماعة الأنفس زيادة على نفس على كل حال . وفي النكت : قوله : إذا فقأ الأعور اليمنى عين رجل فله القصاص بعين ونصف الدية من العين الأخرى . قال أشهب : هذا إذا فقأهما في فور ، أما واحدة بعد واحدة وتقدمت اليمنى ففيها نصف الدية ; لعدم النظير ، وفي الأخرى القصاص ، أو تقدمت اليسرى التي هي باقية ففيها القصاص ، وفي الأخرى دية كاملة . وقال ابن القاسم : خلاف . وقوله في الأعور يفقأ عين صحيح بمثلها باقية ، يخير فلزمه في المسألة المتقدمة إن فقأهما معا أن الحر الصحيح في معنى عين الأعور بعينه ، أو يأخذ منه دية كاملة وخمسمائة في عينه الأخرى التي ليس لها مثل ، وإنما جوابه في المسألة على ما قال مالك في آخر أقواله : أن ليس له إلا القصاص . وبنى أشهب قوله على مذهبه . أما على قول ابن القاسم : إن تقدمت اليمنى التي لا نظير لها في الأعور ، أو تقدمت من اليسرى التي مثلها باقية ، خير في القصاص أو دية كاملة عوض ما بقي ، وله في اليمنى ألف دينار بكل حال ; لأنها عين الأعور . قال ابن يونس : في عين الأعور كمال الدية ; أخذ في الأولى عقل ، أو ذهب بأمر سماوي عند مالك وجميع أصحابه . قاله : عمر ، وعثمان ، وعمر بن عبد العزيز ، وغيرهم رضي الله عنهم .

في الجواهر : الذكر المقطوع الحشفة ، والحدقة العمياء ، واليد الشلاء ، لا يقتص من صحاح وإن رضي لحق الله تعالى فيها ، وإن ردت السن فنبتت : فله العقل في الخطأ ، والقود في العمد عند ابن القاسم . وقال أشهب : القود [ ص: 340 ] في العمد ، فلا عقل في الخطأ . والفرق : أن المعتبر الجرح حال الجناية في القود ، والعقل يوم النظر ، وإن وقعت سن فأخذ عقلها ثم نبتت لم يلزمه رده ، ولا يقلع سن البالغ بسن الصبي الذي لم يثغر ; لأنه فضلة في الأصل ، وسن البالغ أصل ، وإن عادت الموضحة ملتئمة لم يسقط القصاص ، وتقطع يد الجاني الناقصة أصبعا ، ولا شيء للمجني عليه غير ذلك ، وروي : له الأصبع الناقصة ; فإن نقصت أكثر من أصبع خير عند مالك بين العقل والقصاص ، ومنع عبد الملك القصاص ; لأنه تعذيب . وعلى الأول اختار القصاص لبذله أخذ ما نقص من الأصابع ، قولان لابن القاسم . فإن كانت يد المجني عليه هي الناقصة أصبعا : الإبهام أو غيره ; اقتص عند مالك ، أخذ الذاهب عقلا أم لا . وقال أشهب : ليس له إلا القصاص . قال عبد الملك : له ذلك إلا أن يكون الإبهام فلا قصاص . قال محمد : إن نقصت أصبعين فلا قصاص عند مالك وأصحابه ، وتؤخذ العين السالمة بالضعيفة من أصل الخلقة أو كبر فإن كان من جدري ، أو كوكب ، أو قرحة ، أو رمية ; أخذ فيها عقلا أم لا فلا قود ، وحمله عبد الملك على النقص الفاحش . وفي الكتاب : إذا أصيبت العين خطأ فأخذ عقلها وهو ينظرها ، ثم أصيبت : ففيها القصاص .

فرع

في الكتاب : إن قطع يمين رجل ، فذهبت يمين القاطع بأمر سماوي ، أو في قطع سرقة ، فلا شيء للمقطوع يده بذهاب المحل ، وإن قطع أقطع الكف اليمنى يمينا من المرفق ، خير المجني عليه في مثل يده ، أو قطع اليد الناقصة من المرفق ، ولا عقل له ، وكذلك من قطعت من يده ثلاثة أصابع فقطع يدا ، فيقتص من اليد الناقصة أو يأخذ العقل .

قاعدة : الأصل في القصاص : ( التساوي ; لأنه من القص ) ومتى قص شيء من [ ص: 341 ] شيء فهو بينهما سواء من الجانبين فهو شرط إلا أن يؤدي إلى تعطيل القصاص قطعا أو غالبا ، وله مثل : أحدها : التساوي في أجزاء الأعضاء ، وسمك اللحم لو اشترط في الجاني لما حصل إلا نادرا بخلاف الجراحات في الجسد . وثانيها : تساوي الأعضاء . الثالث : العقول . الرابع : الحواس . الخامس : قتل الجماعة بالواحد ، وقطع الأيدي باليد لو اشترط الواحدة ; لتساعد الأعضاء ببعضهم ، وسقط القصاص . السادس : الحياة اليسيرة كالشيخ الكبير مع الشباب ومنفوذ المقاتل على الخلاف . السابع : تفاوت الصنائع والمهارة فيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية