صفحة جزء
قاعدة : قال : كل عضو فيه منفعة ، فالدية للمنفعة ، والعضو تبع ; فإن ذهبت المنفعة وحدها ففي العضو حكومة . ومذهب مالك : أن العقل في القلب ، لقوله تعالى : ( قلوب يعقلون بها ) كما قال : ( أعين يبصرون بها ) وعليه أكثر الفقهاء وأقل الفلاسفة ، وقال عبد الملك وأكثر الفلاسفة و ( ح ) والمعتزلة : هو في الرأس ; لأنه إذا مرض الدماغ أو جرح ذهب العقل . وجوابه : مسلم ، ولكن لم لا يجوز أن يكون ذلك ; لأن استقامة الدماغ شرط لا أنه محله جمعا بين الآثار والنصوص ، فإن ذلك العقل في المأمومة فله عند مالك دية العقل ودية المأمومة لاختلاف الموضع ، كمن أذهب عين رجل وسمعه . وعلى رأي الآخرين دية واحدة ، لاتحاد الموضع . كمن أذهب العين والبصر والأذن والسمع . وفي المنتقى عن مالك : إذا ذهب الشم لا دية حتى يستأصل ، لظاهر الحديث ، وإن ذهب الشم مع الجدع : فقال ابن القاسم : دية واحدة ، وقال ابن الجلاب : القياس - عندي - ديتان ، وإن وطئ امرأته فأفضاها : فحكومة في ماله إن قصر عن الثلث ، أو الثلث فعلى عاقلته ، قاله مالك ; لأنه تعدى في مأذون فيه ، فله حكم الخطأ ، وفي الأجنبية ففي ماله وإن جاوز الثلث مع صداق المثل ; لأنه عمد لعدم الإذن ، وإن أذهب عذرة امرأته بأصبعه ( ثم طلقها ، فعليه بقدر ما شانها عند الأزواج مع نصف الصداق ; لأن ذلك بأصبعه ) غير مأذون فيه ، ولا يتم الصداق ; لأنه ليس بوطء ، قال مالك في الذكر المسترخي واللسان المسترخي من الكبر ، أو ضعف العين من كبر ، أو [ . . . ] : الدية كاملة ، وعن أشهب : إن أصيبت [ ص: 370 ] رجله بعرق أو تنقص عينه برمد ، ثم يجنى عليها فإنما له بحساب ذلك .

فرع

في المنتقى : إذا علاها بياض فادعى ذهاب بصره . قال أشهب : يقبل قوله ويشار إلى عينه ، فإن لم يظهر كذبه ، حلف وأخذ ما ادعى ; لأنه لا طريق لصدقه إلا بهذا ، وإن تبين كذبه لاختلاف قوله بطلت دعواه . قال أصبغ : إن ادعى ذهاب جماع النساء وأمكن اختباره اختبر ، وإلا حلف وأخذ الدية ، فإن رجع له جماعه بقرب ذلك أو ببعده رد ما أخذ ، وكذلك كل ما لا يعرف إلا من قبله نحو : كلامه وسمعه ، وفي الجواهر : يقرب إليه بيضة كما فعله علي بن أبي طالب رضي الله عنه من جهات شتى في النظر ، وفي السمع : يصاح به من مواضع شتى ويسأل ، فإن تساوت أقواله أو تقاربت صدق مع يمينه . قال أشهب : ويحسب له ذلك على سمع وسط من الرجال مثله ، فإن اختلف قوله لم يكن له شيء ، وقال ابن دينار : له الأقل مع يمينه .

فرع

في النوادر : إن ضرب فذهب عقله انتظر به سنة ، فإن أخذ العقل ثم رجع إليه عقله . روى أصبغ : لا يرد شيئا ; لأنه حكم قد قضي به .

فرع

قال : إن اسود نصف السن وتحركت فله الأكثر مثل أن يذهب ثلث قوتها فله نصف ديتها ، وكذلك إن اسود ثلثها وذهب نصف قوتها ثم عقلها أو كسر بعضها بقدره فما أشرف منها لا من أصلها .

فرع

قال : قال ابن القاسم عن مالك : إذا تمت الموضحة الخطأ إلى المنقلة ، فله عقل منقلة أو عقله فله الموضحة وعقل العين .

[ ص: 371 ] فرع

قال : قال مالك : إن أصابه موضحتين ، أو مأمومتين ، أو منقلتين ، عقل كل ذلك ، قال أشهب : إن ضربه ضربة فأوضحه موضحتين بينهما حاجز ، ثم ضربه فأزاله ، فثلاثة مواضح .

فرع

قال : قال محمد : قول مالك وابن القاسم وأشهب : إن العين إذا أصيبت خطأ وقد نقصت قبل ذلك ، إن أخذ له عقل حوسب به وإن قل ، وإن ضعف البصر لا يأخذ له شيئا إلا أن ينقص جزءا معلوما وإن قل ، ويلزم الجاني ما بقي ، وإن كان عمدا اقتص منه ولم يحاسب ، وإن كان من أمر سماوي لم يحاسب ، وقال مالك : يحاسب .

فرع

في الجواهر : إن بقي حوالي الجرح شين وكان أرش الجرح مقدرا اندرج الشين إلا في موضحة الرأس ; فإنه يزاد على عقلها بقدر ما شانت بالاجتهاد . روى أشهب : لا يزاد لأنه مقدر .

فرع

قال : إذا وقف للصبي الذي لم يثغر عقل سنة حتى ينظر هل تجب أم لا ، فمات قبل ذلك ورثت عنه ، وإن لم ينبت أخذ هو العقل ، فإن نبتت قدرها أخذ من ديتها قدر نصفها ، وإن نبت بعضها ثم مات ; دفع لوارثه عقلها لعدم حصول بدلها ، قال سحنون : لا يوقف كل العقل ، بل مقدار ما إذا نقصت السن لم يعقل به كالعين إذا ضعفت .

[ ص: 372 ] فرع

قال : رجل الأعرج عرجا خفيفا كالصحيح إن لم يأخذ به أرشا .

تمهيد : في [ . . . ] المنافع التي في كل منها الدية ، عشرة : العقل ، والسمع ، والبصر ، والشم ، والنطق ، والصوت ، والذوق ، والجماع ، والإفضاء فيه حكومة ، وقيل : كمال الدية ; وهو : اختلاط مسلك الذكر والبول ، العاشر : القيام والجلوس ، فيهما الدية ، فإن بطل القيام فقط ; فعن مالك : فيه الدية . وعن عبد الملك : إذا انكسر الصلب وامتنع الجلوس ; ففيه الدية . قال صاحب الخصال : تسع مفردات في كل واحد منها الدية : النفس ، والعقل ، والأنف ، والذكر ، والمارن ، واللسان ، والصلب إذا كسر فأقعده ، وعين الأعور ، والشواة وهي جلدة الرأس . وثمانية أزواج في كل زوج الدية ، وفي أحدها نصف الدية : العينان ، ونظرهما ، والأذنان ، واليدان ، وكفاهما ، ومن المرفقين ، وثدي المرأة ، وحلمتاها إذا بطل اللبن ، وسبعة فيها الحكومة : إليتا الرجل والمرأة ، والحاجبان ، وجفون العين ، وأشفارها ، وثدي الرجل ، وشعر الرأس إذا لم ينبت ، واللحية إذا لم تنبت .

تنبيه قال مالك : لا تكون الموضحة والمنقلة في اللحي الأسفل ، وقال ( ش ) : في جميع الوجه . لنا : أنه يتغطى بالشعر ، فهو غير مواجه ، فأشبه العين ، وهو ينقلب علينا بالقياس على الرأس بجامع تغطية الشعر ، بل نقول عظم ( مباين لعظم الفخذ فيقاس على الساق ) وإذا جرحه وأذهب عقله فالأرش والدية ، وقاله ( ش ) ، وقال ( ح ) : دية العقل فقط . لنا : أنهما جنايتان ; فيكون لهما جايزان ; كاليد والرجل . احتجوا : بأن العقل كالنفس ، ولو سرى إلى نفسه فدية واحدة ، والعقل والنفس حكمهما واحد ; لسقوط التكليف بعدم كل واحد منهما . وجوابه : أن [ ص: 373 ] الروح إذا فاتت لا ينتفع بعد ذلك بشيء بخلاف غيرها ، وعن الثاني : أن العقل مع بقاء النفس يتوقع عوده بخلاف النفس ، وقد تستوي المختلفات في بعض الأحكام واللوازم ، ولا يلزم استواؤهما في غيرها ; لأن في يدي المجنون الدية ، وفي يدي الميت الأدب فقط ، ومنع ( ش ) تجاوز الحكومة الموضحة . لنا : القياس على قيم المتلفات . احتجوا : بأن المقدرات أهم في نظر الشرع ، ولذلك لم يهملها ، فلا يتجاوز أقلها وهو الموضحة ، وجوابه : أن هذا على أصلكم في أن التعزير لا يزيد على الحد ، ونحن نقول : قد يتجاوز غير المقدر كالمتلفات ، وميراث الابن غير مقدر ، وهو أعظم من الأخ للأم . ونظائره كثيرة .

[ ص: 374 ] فرع

في الكتاب : تعاقل المرأة الرجل في الجراح إلى ثلث ديته فترجع إلى عقلها ، ففي ثلاثة أصابع ونصف أنملة : أحد وثلاثون بعيرا وثلثا بعير ، فتساوي الرجل ، وتخالفه في ثلاثة أصابع : أنملة ستة عشر وثلثان ، لأنها وصلت الثلث ، وإن قطع لها أصبع فعشر ، كذلك ثان وثالث ، فإن قطع ثلاث من كف فثلاثون ، فإن قطع من تلك اليد الأصبعان الباقيان في مرة أو مرتين ، ففي كل أصبع خمس ، وإن قطع بعد الثلاثة من اليد الأخرى : أصبع مرتين ، ففي كل أصبع خمس ، وإن قطع بعد الثلاثة من اليد الأخرى : أصبع أو أصبعان أو ثلاثة في مرة أو مرتين فثلاثون ، لأنها يد أخرى بكم مبتدأ ، أو أصبعان من كل يد في ضربة واحدة ، فعشرون ، ثم إن قطع لها من إحدى اليدين أصبع فعشر ، وإن قطع من اليد الأخرى أصبع فعشر ، ( وكذلك إن قطع لها الأصبعان من اليد معا فعشرون ) فما زاد بعد ثلاثة أصابع من كل كف ، ففي كل أصبع خمس ، خمس ، افترق القطع أو معا ، وإن قطع لها ثلاثة أصابع من يد ، وأصبع من الأخرى في ضربة فخمس خمس ، ثم إن قطع الأصبع أو الأصبعان من اليد المقطوعة منها الثلاثة رابع ومن اليد الأخرى أصبع أو أصبعان ، ففي الرابع من إحدى اليدين خمسة أبعرة ، وفي الأصبع أو الأصبعين من اليد الأخرى : عشر ، عشر ، افترق القطع أو ضربة واحدة ، ما لم يقطع لها في ضربة من اليدين أربع أصابع ورجلان فكاليدين في ذلك ، قال ابن القاسم : إن قطع أصبعان عمدا فاقتصت أو عفت ، ثم قطع من الكف أصبعان خطأ : ففيها عشرون ، ولا يضم عمد إلى خطأ لتباينهما ، [ ص: 375 ] وفي المنقلة ، ثم المنقلة ، ثم منقلة ما للرجل إذا لم يكن في فور واحد ، والمنقلة الثانية في موضع الأول بعد برئها ، فكذلك ، وكذلك المواضح ، وإن أصابها في ضربة بمواضح أو مناقل تبلغ ثلث الدية ، رجعت لعقلها . وفي النكت : إنما استويا في دون العقل لتسوية السنة في الجنين بين الذكر والأنثى ، وهو دون الثلث ، وفي النسائي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث ديته ) وهو في الموطأ عن سعيد بن المسيب وجماعة من التابعين ، قال ابن يونس : لم يختلف أن دية نفسها كنصف دية نفسه ، وأنها على النصف منه في الميراث والشهادة ، واختلف قول ابن القاسم في الأسنان ، فجعلها مرة كالأصابع يحاسب بما يقدم من ثلث الدية ، ومرة لا يحاسب بما تقدم ، قال أصبغ ، والأول أحسن إلا أن يأتي على جميع ذلك ما لم يكن في ضربة واحدة ، بخلاف الأصابع ، وعن ابن القاسم : الأسنان كمواضح أو مناقل لا يجمع منها إلا ما كان في ضربة واحدة ( بخلاف الأصابع ) ما لم يكن شيء له دية لا يحسب منه ما ذهب كالأرنبة ، والسمع ، والبصر ، وأما المواضح والمناقل فلا ، وخالف عبد العزيز فجعل الأصابع وإن كانت من كف واحد كالأسنان ، والمواضح في كل أصبع عشر ، وإن أتى على جميع الأصابع ، ما لم يكن في ضربة واحدة ، وقال ابن وهب ، وعبد الملك ، وعبد العزيز : إن قطع لها أربع أصابع في ضربة واحدة ، وأخذت عشرين ، فإن قطعت الخامسة ، فخمس فرائض ، وقال عبد الملك : عشر خلافا لقول مالك وأصحابه ، قال اللخمي : إن [ ص: 376 ] قطع من اليدين أربعا معا فعشرون ، ثم إن قطع منها أصبعا فعشر ; لأن المقطوع حينئذ من كل ثلاث ، فإن قطع بعد ذلك أصبعان ، فخمس . قاله ابن القاسم ، وجعلها كمن أخذت من الأول عشرا ، وقال ابن نافع : كل ما أصيبت به من الأصابع منفردا فعشر ، ولا تضاف مصيبة إلى مصيبة إلا أن يقطع معا ما يكون عقله ثلث دية الرجل فترجع لعقل نفسها ، وإن أصيبت أصبعان بأمر سماوي ثم جني على الثلاثة الباقية أخذت عشرا عشرا ، فإن اقتصت في الأول وفي الثاني خطأ فلا يضاف للعمد ، ويراعى في المواضح والمنقلات وغيرها من الجراحات أن تكون في ضربة واحدة ; فإن وصلت الثلث فعقلها ويستأنف الحكم في المعترف ، ويضم السمع واليدان ونحوه الآخر للأول .

وفي المنتقى : إن قطع منها أربع أصابع في ضربة واحدة ، أو ما هو في حكمها من التتابع فعشرون ، أو بأفعال مفترقة فثلاثون ، ويضاف ما قطع بعد ذلك من تلك الكف إلى ما تقدم وفيها خمس ; لأن الكف الواحد يضاف بعضها إلى بعض فيراعى اتحاد المحل والعمد والخطأ والفعل . والفرق بين اليد والمنقلة : أن المنقلة لا تؤثر في الثانية ، وقطع الأصبع يشين اليد ، والأسنان كالمنقلة .

وفي النوادر : لا يحسب قطع كف مع أخرى إلا أن يقطع منهما معا وكذلك الرجلان ، فلو قطع لها من كف ثلاثا ( ثم من الأخرى ثلاثا ) فعقل الرجل . فإن قطع من هذه أنملة ، ومن هذه نصف أنملة فهي في الأنملة على ديتها ، وفي نصف الأنملة على دية الرجل كان نصف الأعلى والأنملة في ضربة واحدة أو ضربتين ، من رجل أو رجلين ; فإن مات ما بقي من الأنملة فهي كأنملة ، وكذلك فيما بقي من كل كف ، وإن أصيبت في ضربة بأصبعين من كل [ ص: 377 ] يد ، لم يختلف في هذا أن لها عقل نفسها ، أو ضربت ويدها على رأسها فقطعت لها أصبعين ، وشجها منقلة أو مأمومة فعقل نفسها في ذلك كله ، وإن ذهب بضربة واحدة من كل كف أصبعين ثم أزيل بضربة ثلاثة أصابع : أصبعين من هذه ، وأصبع من هذه ، ففي الأصبعين مثل عقلها ، وفي الأصبع عقل الرجل ، قاله مالك ، وابن القاسم ، وأشهب .

وفي الجواهر : يعتبر اتحاد الفعل كضربة أو ضربات في معنى الضربة الواحدة من رجل أو جماعة ، وإن تعدد الكف ، وكذلك لو اتحد المحل كالكف الواحدة ، وإن تعددت الضربات وتباينت .

التالي السابق


الخدمات العلمية