صفحة جزء
[ ص: 10 ] [ ص: 11 ] القسم الأول

في

أحكام الفرائض والمواريث

[ ص: 12 ] [ ص: 13 ] القسم الأول

في

الأحكام

اثنا عشر بابا :

الباب الأول

في

أسباب التوارث

والفرضيون خلفا وسلفا يقولون : أسباب التوارث ثلاثة ، وهو مشكل ; لأن المراد بالثلاثة إما الأسباب التامة أو أجزاء الأسباب ، والكل غير مستقيم ، وبيانه أنهم يجعلون أحد الأسباب القرابة ، والأم لم ترث الثلث في حالة والسدس في أخرى بمطلق القرابة ، وإلا لكان ذلك ثابتا للابن أو البنت لوجود مطلق القرابة فيهما ، بل بخصوص كونها أما مع مطلق القرابة ، وكذلك للبنت النصف ليس بمطلق القرابة وإلا لثبت ذلك للجدة أو الأخت للأم ، بل لخصوص كونها بنتها مع مطلق القرابة ، فحينئذ يكون لكل واحد من القرابة سبب تام يخصه مركب من جزأين من خصوص كونه بنتا أو غيره وعموم القرابة ، وكذلك للزوج النصف ليس لمطلق النكاح ، وإلا لكان للزوجة لوجود مطلق النكاح فيها ، بل للخصوص والعموم كما تقدم ، فسببه مركب ، وكذلك الزوجة .

إذا ظهر هذا فإن أرادوا حصر الأسباب التامة في ثلاث فهي أكثر من عشرة لما تقدم ، أو الناقصة التي هي الأجزاء فالخصوصيات كما رأيت كثيرة ، فلا يستقيم الحصر مطلقا لا في التام ولا في الناقص ، فتنبه لهذا فهو حسن لم يتعرض فيما رأيت أحد له ولا لخصه .

[ ص: 14 ] واعلم أن أسباب القرابة التامة وإن كثرت فهي لا تزيدها ، ولا تزيد الناقصة التي هي الخصوصيات ، بل الناقصة التي هي المشتركات لمطلق القرابات ومطلق النكاح ومطلق الولاء ، والدليل على حصر النواقص في هذه الثلاث أن الأمر العام بين جميع الأسباب التامة إما أن يمكن إبطاله أو لا ، فإن أمكن فهو النكاح يبطل بالطلاق ، وإن لم يمكن فإما أن يقتضي التوارث من الجانبين غالبا وهو القرابة ، أو لا يقتضي إلا من جانب واحد وهو الولاء يرث المولى الأعلى الأسفل ، ولا يرثه الأسفل ، قولنا غالبا احترازا من العمة ، فإنها يرثها ابن أخيها ولا ترثه ، وسيأتي ضابط من يورث ولا يرث .

فرعان

الأول : اتفق الناس أن المطلقة الرجعية ترث وتورث في العدة ، وقع الطلاق في المرض أو الصحة ، واتفقوا أن المطلقة في المرض طلاقا بائنا أنها لا تورث ، فإن مات زوجها فورثها مالك وأهل العراق مؤاخذة له بنقيض قصده كالقاتل ، وقال جماعة : لا ترثه ، وورثها مالك بعد العدة وإن تزوجت ، وخصه ( ح ) بالعدة ، وابن أبي ليلى ما لم تتزوج .

لنا قضاء عثمان في زوجة عبد الرحمن بن عوف لما طلقها في المرض بمحضر الصحابة - رضي الله عنهم - ولم ينكر عليه أحد إلا عبد الرحمن إلا أنه محكوم عليه فلا يعتبر رضاه .

الثاني : أن الأنبياء - عليهم السلام - لا يورثون خلافا للرافضة ، ورأيت كلاما للعلماء يدل ظاهره على أنهم لا يرثون أيضا .

لنا قوله - عليه السلام - " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة " ومن جهة المعنى أن الملك العظيم يعطي عامة رعيته للتمليك لا للصرف على [ ص: 15 ] غيرهم ، ويعطي خاصته للصرف لا للتمليك ، فالأنبياء - عليهم السلام - خزان الله وأمناؤه على خلقه ، والخازن يصرف لغيره وله ما تدعو إليه ضرورة حياته ، وهو المناسب في أمر الله تعالى إياهم بالزهادة والإعراض عن الدنيا ، وإذا كانوا خزانه والخازن لا يورث عنه ما يخزنه ، احتجوا بقوله تعالى : وورث سليمان داود وبالقياس على غيرهم .

والجواب عن الأول : أن الموروث العلم والنبوءة لقوله - عليه السلام - العلماء ورثة الأنبياء .

والجواب عن الثاني : أنه فاسد الاعتبار لمقابلة النص .

فرع

في التلقين لا تثبت أنساب الأعاجم بأقوالهم لأنهم يتهمون في إزواء المال عنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية