صفحة جزء
[ ص: 17 ] الباب الثالث

في

موانع الميراث

وهي خمسة ، وجميعها مشترك في تأثير وجودها في عدم التوريث ، ولا يؤثر عدمها في وجوده ولا عدمه ، وهي الكفر ، لقوله ، عليه السلام - : " لا يتوارث أهل ملتين " ، والقتل العمد العدوان لقوله - عليه السلام - " قاتل العمد العدوان لا يرث " .

فرع

في النوادر : إذا قتل الأبوان ابنهما على وجه الشبه وسقط القصاص عنهما فالدية عليهما ولا يرثان منها ، ولا من المال لأنه عدوان من الأجنبي ، والشك لأن الشك في المقتضى يمنع الحكم إجماعا ، والرق لأن مال العبد مستحق للسيد ; ولأنه من جرائر الكفر ، ويستوي القن ومن فيه علقة رق ، فلا يرث ولا يورث منه ، واللعان يمنع من إرث الأب ، والأب منه حتى يستلحقه .

والشك ثمانية : في الوجود كالمفقود ، والحياة كاستبهام استهلال أحد المولودين ، والعدد كالحمل ، والذكورة كالخنتثى فيعطى ثلاثة أرباع ميراث ، والنسب كالمتداعي بين شخصين ، وجهة الاستحقاق كمن أسلم على أختين ومات قبل الاختيار ، وتاريخ الموت بطرو النسيان والجهل به كالغرقى .

[ ص: 18 ] تفريع : قال ابن يونس : إن ترك ابن الملاعنة أمه وابنته فالسدس لأمه والنصف لابنته وما بقي للعصبة قاله زيد ، وقال علي : يرد الباقي على الأم والبنت على أربعة ومنها تصح ، وقال ابن مسعود : الباقي للأم ; لأنها عصبته فتصح من اثنين ، وإن ترك أمه وأخته شقيقته فإن الشقيقة تصير أختا لأم ، فللأم الثلث وللأخت السدس ، وما بقي للعصبة قاله زيد ، ويرد عليهما عند علي - رضي الله عنه - على ثلاثة ومنها تصح ، وعند ابن مسعود الباقي للأم فتصح من ستة ، وإن ولدت هذه الشقيقة معه في بطن يتوارثان ; لأنهما شقيقان لاتحاد الأب والاستلحاق ، وفيه خلاف ، وعلى الأول للأم الثلث وللأخت النصف والباقي للعصبة على ما تقدم من الخلاف .

والتوءمان خمسة أقسام : من الملاعنة ، والمغتصبة ، والمتحملة بأمان ، والمسبية ، والزانية ، وفي الكل قولان : أحدهما يتوارثان بأنهما شقيقان ، وثانيهما : أخوان لأم إلا الزانية فقول واحد أنهما لأم لتعذر الاستلحاق وانتفاء الشبهة .

قال : والصواب في غيرها الشقاقة إلا المغتصبة ; لأنها لا شبهة فيها ولا استلحاق .

قال مالك والأئمة : ميراث المعتق بعضه كالعبد ، وعن ابن عباس أنه كالحر يرث ما يرث الحر ويحجب ما يحجب الحر تغليبا للحرية كما غلبنا نحن الرق ، وعن علي رضي الله عنه - يرث ويحجب بقدر ما عتق منه توفية بالشائبتين ، وعلى مذهب علي إن ترك ابنين كل واحد معتق نصفه فالمال بينهما نصفان ، أو ثلث كل واحد حر فثلثا المال بينهما والباقي للعصبة ، أو أحدهما حر كله والآخر نصفه [ فاختلف في تفريع قوله - رضي الله عنه - قيل للكامل الحرية الثلثان وللآخر الثلث لأنها نسبة حريته ، وقيل كما لو ادعى أحدهما كله والآخر نصفه ] فلمدعي الكل النصف بلا منازعة فيصير له ثلاثة أرباع ، وعلى هذا تتفرع أجزاء الحرية وكثرة الأولاد وكونه ابنه أو أباه أو غيره من الورثة .

وفي المدونة : إذا أعتق المديان ولم يعلم الغرماء حتى مات بعض أقارب العبد [ ص: 19 ] المعتق لا يرثه ; لأنه عبد حتى يجيز الغرماء عتقه ; ولأنه متردد بين الرق والحرية وقريبه حر صرف فلم تحصل المساواة ، وإذا بتل عتقه في مرضه وللسيد أموال متفرقة إذا جمعت خرج العبد من ثلثها فهلك العبد قبل جمعها لا يرثه ويرثه الأحرار ; لأن المال قد يهلك فلم تتحقق الحرية ولا المساواة .

قال : في كتاب العتق قال ابن يونس : قال بعض المشايخ : إذا اشتريت عبدا فأعتقته وورث وشهد ثم استحق ، فإن أجاز المستحق البيع نفذ العتق والميراث وغيره ، وإلا بطل الجميع ، والفرق أن المديان متعد على الغرماء بعتقه بخلاف المشتري مع المستحق ، فلو علم المشتري ملك المستحق عند العتق استوى المسألتان ولا ميراث بالشك ، قال ابن يونس : وإن لم يعلم الغرماء حتى ورث ثم أجازوا العتق نفذت الأحكام كالمشتري ، وقد قال مالك وابن القاسم : ولا مال له غيره فهلك العبد قبله وترك ابنته حرة وترك ألفا فقد مات رقيقا وماله لسيده ، ولو كان له مال مأمون كالعقار يخرج العبد من ثلثه بعد عتقه ورثته ابنته والسيد نصفين ، وقيل لا ينظر لفعله إلا بعد موته ، له مال أم لا ، مراعاة للطوارئ البعيدة ، وحيث شك في تاريخ الموت بالجهل كالغرقى ورث كل واحد أحياء ورثته ; لأنهما كأنهما لا قرابة بينهما لعدم الترجيح ، وعن علي - رضي الله عنه - وأحمد : يرث كل واحد من صاحبه ويرث الآخر منه ما ورثه منه ; لأن الأصل أن لا ينتقل المال عنهما إلا بيقين ، ولا يقين ، وعن عمر - رضي الله عنه - إن وجدت يد أحدهما على صاحبه ورث الأعلى من الأسفل .

فعلى قول الجمهور إذا غرق أخوان وتركا أخا وأما فللأم الثلث مما ترك كل واحد ، والباقي للأخ الثلث والثلثين ، وعلى قول علي - رضي الله عنه - تحيي أحدهما وتميت الآخر ويقسم ميراثه ، فللأم السدس لتحقق أخوين ، والباقي للأخوين فتصبح من اثني عشر لكل واحد من الأخوين خمسة ، ثم تميت الحي وتحيي الآخر الميت ويقسم تركة الذي أميت الآن فللأم السدس اثنان ولكل أخ خمسة ، فيصير للأم اثنان من تركة هذا واثنان من تركة الأول ، وفي يد الأخ الحي [ ص: 20 ] خمسة من تركة هذا وخمسة من تركة ذلك ، وفي يد كل ميت خمسة ورثها من الميت الآخر ، فيماتان جميعا ميتة واحدة فيكون للأم الثلث مما بقي لكل واحد منهما ، والباقي لأخيه ، وتركة واحد خمسة لا تنقسم على ثلاث فتضرب الاثني عشر التي كانت فريضة كل واحد منهما في ثلاثة [ تكون ستة وثلاثين ، في يد الأم اثنان من تركة كل واحد منهما في ثلاثة ] بستة ، وفي يد الأخ الحي خمسة من تركة كل واحد في ثلاثة بخمسة عشر ، وفي يد كل واحد من تركة الآخر خمسة في ثلاثة بخمسة عشر ، وللأم من هذه الخمسة عشر خمسة ولأخيه عشرة فيصير لها من تركتها عشرة وذلك اثنان وعشرون ، ويصير للحي من تركة كل واحد خمسة وعشرون فذلك خمسون ، فيتفق ما في يد الأم والأخ بالأنصاف ، فيكون في يد الأخ خمسة وعشرون ، وفي يد الأم أحد عشر .

واتفق العلماء أن قاتل العمد لا يرث من المال ولا من الدية ، وأن قاتل الخطأ لا يرث من الدية ، وورثه مالك من المال ومنعه ( ش ) و ( ح ) من المال ، قال ( ح ) إلا أن يكون القاتل صبيا أو مجنونا لعدم التكليف .

لنا قوله تعالى : يوصيكم الله في أولادكم وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " قاتل الخطأ يرث من المال ولا يرث من الدية " .

احتجوا بقوله - عليه السلام - " القاتل لا يرث " وبالقياس على المطلق في المرض ، وبالقياس على الدية .

والجواب عن الأول : أنه مطلق فيحمل على المقيد في الرواية الأخرى بالعمد .

والجواب عن الثاني : الفرق بأن جهة الميراث قد بطلت بالطلاق ، والقرابة هاهنا باقية .

[ ص: 21 ] والجواب عن الثالث : الفرق أن الدية وجبت فلا يكون له منها شيء لئلا يتناقض .

وميراث المرتد للمسلمين عند مالك و ( ش ) مات أو قتل ، وقال علي وابن مسعود وغيرهما لورثته من المسلمين [ اكتسبه قبل ردته أو بعدها ، وقيل ما بعد الردة للمسلمين ] واتفقوا على أنه لا يرث ورثته المسلمين .

وميراث الذمي إذا مات لبيت المال عند مالك و ( ش ) و ( ح ) كما يعقلون عنه .

وقال عمر - رضي الله عنه - للذين يؤدون جزيته ، وقال النخعي : لأهل قريته قوة على خراجهم ، وإذا مات أحد من أهل الصلح ولا وارث له ورثه المسلمون ، وعن مالك لأهل مؤداه لأن موته لا يضع عنهم شيئا ، وعلى هذا يفرق بين أن يشترط السقوط أم لا ، واتفق مالك والأئمة على أن التوارث منقطع بين المسلم والكافر ، وقال عمر وجمهور الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وعن معاوية ومعاذ بن جبل : " يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم بفضل الإسلام ، كما نتزوج نساءهم ولا يتزوجون نساءنا " .

فرعان مرتبان

الأول : قال ابن يونس : إن أسلم قبل القسم أو عتق العبد لا ميراث عند مالك والأئمة لقيام المانع عند الموت ، وعن عمر وعثمان - رضي الله عنهما - يرثان نظرا لعدم القسمة ، واتفقوا بعد القسم على عدم التوريث .

الثاني : الكفار المختلفون عندنا لا يرث اليهودي النصراني ولا النصراني اليهودي ، قاله في الجلاب ، لعدم المناصرة ، ووقوع العداوة كالمسلم ، وقيل الكل ملة واحدة لقوله تعالى : فمنكم كافر ومنكم مؤمن فجعل الإيمان ملة والكفر كله ملة ، ولقوله - عليه السلام - : " لا يرث المسلم الكافر ولا [ ص: 22 ] الكافر المسلم ، فجعل كل فريق قسما واحدا ، قاله ( ش ) و ( ح ) وغيرهما .

والجواب : المعارضة بقوله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا فجعلهم مللا ، وقيل أهل الكتاب ملة ، والصابئون وعبدة الأوثان ملة لعدم كتاب لهم .

فرع

في المنتقى الزنديق وهو المنافق كمن يعبد شمسا أو حجرا سرا ، روى ابن القاسم عن مالك يرثه ورثته ، ومقتضاه أنه يقتل حدا وعنه لا يرثه ورثته ، ومقتضاه أنه يقتل كفرا .

تنبيه : يتحصل أن التوارث لا يحصل بين ملتين إلا في أربع مسائل : الزنديق ، والصلحي ، والذمي ، والمرتد ، يرثهم بيت المال ، والصحيح أنه وارث ، وقيل حائز فيكون المستثنى الزنديق وحده .

فرع

في الجواهر : إن تحاكم إلينا ورثة الكافر وتراضوا بحكمنا قسمنا بينهم على حكم الإسلام ، وإن امتنع بعضهم والجميع كفار لم نعرض لهم ، أو منهم مسلم قسمنا بينهم على رواية ابن القاسم على مواريثهم إن كانوا كتابيين ، وعلى قسم الإسلام إن كانوا من غير أهل الكتاب ، وقال سحنون : أهل الكتاب وغيرهم سواء .

فرع

في الجواهر : المفقود أو الأسير إذا انقطع خبره إن كان له مال لا يقسم على ورثته ما لم تقم بينة على موته أو لا يعيش إلى مثل تلك المدة غالبا ، وحدها سبعون وقيل ثمانون وقيل تسعون ، فيقسم على ورثته الموجودين عند الحكم ، وإن مات [ ص: 23 ] له قريب حاضر توقفنا في نصيبه حتى نعلم حياة المفقود فيكون المال له ، أو يمضي تعميره فيكون مال الميت لورثته دون المفقود وورثته ، ( وإذا قسمنا على الحاضرين أخذنا في حقهم بأسوأ الأحوال حتى لا نورث بالشك ، كما نقول إن ماتت ) وتركت زوجا وأما وأختا وأبا مفقودا فالفريضة على أن المفقود ميت من ستة ، للزوج النصف ثلاثة ، ( وللأخت ثلاثة ، ويعال للأم بالثلث فتصير من ثمانية ، وعلى أنه حي من ستة أيضا للزوج النصف ثلاثة ) وللأم الثلث مما يبقى سهم ، وللأب سهمان ، فتتفق الفريضتان بالنصف فتضرب نصف إحداها في كامل الأخرى تكون أربعة وعشرين ، فللزوج ثلاثة من ثمانية بيقين مضروبة في ثلاثة نصف الفريضة الأخرى ، وإنما تكون له من ستة بصحة حياة الأب وهي غير معلومة ، الأخت لا ميراث لها من أختها إلا إذا صح موت الأب قبل الأخت وهو مجهول فلا ترث ، وللأم من ابنتها السدس يقينا سهم من ستة مضروب في أربعة نصف فريضة ثمانية ، وإنما يكون لها الثلث بالعول بصحة موت زوجها قبل ابنتها وهو مجهول ، ويبقى من الفريضة أحد عشر سهما إن صح أن الأب كان حيا يوم موت ابنته ، فللزوج ثلاثة من ستة مضروبة في أربعة باثني عشر ، في يده منها تسعة الباقي له ثلاثة من الموقوف ، وللأم سهم من ستة مضروب في أربعة ففي يدها جميع حقها ، وللأب سهمان من ستة مضروب في أربعة بثمانية ، فتدفع له الثمانية الباقية ، وإن ثبت موته قبل ابنته أو مات بالتعمير فكما تقدم : للزوج يقينا ثلاثة من ثمانية مضروبة في ثلاثة بتسعة وهي في يده ، وللأم اثنان من ثمانية في ثلاثة بستة في يدها أربعة يدفع إليها سهمان من الموقوف ، وللأخت ثلاثة من ثمانية في ثلاثة بتسعة ، فتدفع لها التسعة الباقية .

فرع

قال : إن كان للخنثى مبالان أعطي حكم ما بال منه ، فإن بال منهما اعتبرت [ ص: 24 ] الكثرة ، فإن استويا اعتبر السبق فإن استويا اعتبر نبات اللحية أو كبر الثديين ومشابهتهما لثدي النساء ، فإن اجتمع الأمران اعتبر حال البلوغ إن حاض فامرأة أو احتلم فذكر ، أو اجتمعا فهو مشكل ، وإن لم يكن له فرج لا للرجال ولا للنساء بل مكان يبول منه اعتبر البلوغ كما تقدم ، وحيث أشكل فميراثه نصف نصيبي ذكر وأنثى ، فتضرب مخرج التذكير في مخرج التأنيث إن تباينا ، وتستغني به عنه إن كان مثله أو داخلا فيه ، وتضرب الحاصل في حالتي الخنثى أو عدد أحوال الخناثى إن زادوا على الواحد ، ومعرفة الأحوال تعرف بالتضعيف ، كلما زدت خنثى أضعفت جميع الأحوال التي كانت قبله ، فللواحد حالان ، وللاثنين أربعة ، وللثلاثة ثمانية ، ثم كذلك ، فما انتهى إليه الضرب في الأحوال فمنه تكون القسمة .

ثم لها طريقتان ، الأولى أن تنظر في المجتمع من الضرب كم يخص الخنثى منه على تقدير الذكورة ، وكم على تقدير الأنوثة ، فتضم أحدهما للآخر وتعطيه نصفه وكذلك الورثة ، الطريقة الثانية : تضرب نصيبه من فريضة التذكير في جملة فريضة التأنيث ، وتضرب نصيبه من فريضة التأنيث في فريضة التذكير ثم تجمع له ما يخرج منهما فهو نصيبه ، نحو خنثى وعاصب ، فريضة التذكير واحد إذ يحوز الذكر جميع المال ، وفريضة التأنيث من اثنين والواحد داخل فيهما تضرب اثنين في حال الخنثى بأربعة ، فعلى الطريقة الأولى للخنثى على تقدير الذكورة جميع المال وهو أربعة ، وعلى الأنوثة نصف المال فذلك مال ونصف تدفع نصف ذلك وهو ستة ، وربع المال وهو ثلاثة من الأربعة ، والسهم الباقي للعاصب ; لأنه على تقدير الذكورية لا يكون له شيء ، وعلى الأنوثة له النصف ، فلما ثبت له تارة وسقط أخرى أعطي نصفه وهو الربع ، وعلى الطريق الثاني للخنثى من فريضة التذكير سهم ( مضروب في فريضة التأنيث باثنين ، وله من فريضة التأنيث سهم مضروبا في فريضة التذكير بسهم ) فيجتمع له ثلاثة أسهم وهي ثلاثة أرباع [ ص: 25 ] المال ، وللعاصب سهم من فريضة التأنيث مضروب في فريضة التذكير بسهم وليس له شيء من فريضة التذكير .

مثال آخر : له ولدان ذكر وخنثى ، ففريضة التذكير من اثنين ، وفريضة التأنيث من ثلاثة وهما متباينان ، فاثنان في ثلاثة ستة ، ثم في حال الخنثى باثني عشر ، فعلى الطريق الأول للخنثى على تقدير الذكورة ستة ، وعلى تقدير الأنوثة أربعة فله خمسة ، وللذكر على ذكورة الخنثى ستة وعلى الأنوثة ثمانية فله سبعة ، وعلى الطريق الثاني للخنثى من فريضة التذكير سهم مضروب له في ثلاثة فريضة التأنيث بثلاثة ، وله من فريضة التأنيث سهم مضروب له في فريضة التذكير وهي اثنان باثنين ، وذلك خمسة ، وللذكر من فريضة التذكير سهم في ثلاثة فريضة التأنيث ، وله من فريضة التأنيث سهمان في اثنين فريضة التذكير بأربعة فتجتمع سبعة وهي حصته .

مثال آخر : ولدان خنثيان وعاصب ، للخنثيين أربعة أحوال ، فالفريضة على أنهما ذكران من اثنين ، وأنثيان من ثلاثة ، وكذلك في الحالين الآخرين ، أعني أحدهما ذكر والآخر أنثى من الجانبين ، فتستغني بثلاثة عن ثلاثة وثلاثة ، وتضربها في اثنين بستة ، ثم في الأحوال الأربعة بأربعة وعشرين ، فعلى الطريق الأولى : لكل واحد من الخنثيين على تقدير انفراده بالذكورة ستة عشر ، وعلى تقدير مشاركته فيها ( اثنا عشر ، وعلى تقدير انفراده بالأنوثة ثمانية وكذلك على تقدير مشاركته فيها ) وجملة ذلك أربعة وأربعون في الأحوال الأربع ، وإنما يرث بحالة واحدة فيكون له ربع الجميع وهو أحد عشر ، ويبقى للعاصب سهمان لأن الحاصل له في حالة من جملة الأحوال الأربعة الثلث فله ربعه وهو سهمان من أربعة وعشرين ، وعلى الطريق الثاني لكل واحد منهما من فريضة تذكيرهما سهم مضروب له في فريضة ثانيتهما وهي ثلاثة بثلاثة ، وله من فريضة ثانيتهما سهم مضروب له في اثنين فريضة تذكيرهما باثنين ، وله من فريضة [ ص: 26 ] تذكيره خاصة سهمان في اثنين فريضة تذكيرهما بأربعة ، وله من فريضة تأنيثه خاصة سهم في اثنين أيضا باثنين وجملة ذلك أحد عشر ، فهو نصيب كل واحد منهما ، وللعاصب سهمان ، وليس له شيء من الفرائض الثلاث المشتملة على الذكورة ، وإنما له في فريضة تأنيثهما سهم مضروب له في اثنين فريضة التذكير باثنين ، وعلى هذا النحو يعمل فيما زاد على الاثنين .

تنبيه : قال صاحب المقدمات : لا يكون الخنثى المشكل زوجا ولا زوجة ولا أبا ولا أما ، وقيل قد وجد من له ولد من ظهره وبطنه ، فإن صح ورث من ابنه لصلبه ميراث الأب كاملا ، ومن ابنه لبطنه ميراث الأبم كاملا .

تنبيه : قال ابن يونس : إن كان الخنثى صغيرا نظر لعورته ، أو كبيرا جعل يبول إلى حائط أو على حائط ، فإن ضرب بوله الحائط أو خرج عنه إن بال من فوقه فهو ذكر وإلا فأنثى ، وقيل يجعل أمامه مرآة وهو يبول فيظهر بها حاله ، وإذا انتهى الإشكال كما تقدم عدت الأضلاع ، فللرجل ثمانية عشر من الجانب الأيمن ومن الأيسر سبعة عشر وللمرأة من كل جانب ثمانية عشر لأن حواء من ضلع أضلاع آدم اليسرى فبقي الذكر ناقصا أبدا ضلعا من الأيسر ، قضى به علي - رضي الله عنه - وقال ( ح ) حكمه حكم أنثى لأنه المتيقن ، وقال ( ش ) إن أضر به كونه ذكرا فذكر أو أضر به كونه أنثى فأنثى ، ويوقف ما بين الحصتين حتى يثبت أحد الأمرين ، ويوقف أبدا كمال يجهل صاحبه ، وقيل بل يخرج على قاعدة الدعاوى فيقول أنا ذكر ولي كل المال ، ويقال له بل أنثى ولك نصف المال ، فيقع التداعي في النصف بعد تسليم النصف فيكون له ثلاثة أرباع المال ، فهذه أربعة أقوال يتفرع عليها الواقع من المسائل .

فرع

في الجواهر : والشك في الوجود والذكورة جميعا في الحامل ، فيرغب الورثة في التعجيل ، قال الشيخ أبو إسحاق : لا تنفذ وصاياه ولا تأخذ امرأته أدنى سهميها حتى تضع فيتعين المستحق ، وعن أشهب ، يتعجل أدنى السهام الذي لا [ ص: 27 ] يشك فيه ; لأن تأخيره لا يفيد إذ لا بد من دفعه ، وقيل يوقف ميراث أربع ذكورة ; لأنه أكثر ما تلده ، وقد ولدت أم ولد إسماعيل أربعة ذكورا : محمدا وعمر وعليا وإسماعيل وبلغ محمد وعمر وعلي الثمانين .

فرع : في المنتقى عن يحيى الفرضي في الصبي يموت وله أم متزوجة ، لا ينبغي لزوجها وطؤها حتى يتبين أن بها حملا أم لا لمكان الميراث ; لأنها إن كانت حاملا ورث ذلك الحمل أخاه لأمه ، وقال أشهب : لا ينعزل عنها ، فإن وضعت لأقل من ستة أشهر ورث أخاه ، أو لأكثر من ستة أشهر أو تسعة أشهر أو أكثر من ذلك لم يرثه ، وإن كان زوجها غائبا عنها غيبة بعيدة لا يمكنه الوصول إليها ورث إن ولدت لأكثر من تسعة أشهر .

فرع : غريب

سئل بعض الفضلاء عن أخوين ماتا عند الزوال أو غروب الشمس أو نحو ذلك من الأوقات ، لكن أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب ، فهل يتوارث الإخوة أو لا يتوارثان لعدم تيقن تقدم أحدهما على الآخر أو يرث أحدهما الآخر من غير عكس .

أجاب بأن المغربي يرث المشرقي بسبب أن الشمس تزول أبدا بالمشرق قبل المغرب ، وكذلك غروبها وجميع حركاتها ، فالمشرقي مات قبل المغربي قطعا لقول السائل ماتا معا عند الزوال في المشرق والمغرب فيرثه المغربي جزما .

التالي السابق


الخدمات العلمية