صفحة جزء
القاعدة الأولى : إن أقل مراتب العدد اثنان عند الجمهور ، وقيل ليس بعدد لأنه أوله ، وأول الشيء لا يصدق عليه ، كالنقطة طرف الخط وليست خطا ، والواحد ليس بعدد بل هو مادة العدد ومنه تقوم وعلته وسببه ، وسبب الشيء غيره ، وقيل عدد لتركيب العدد منه كتركب الماء من أجزاء الماء وجزء الماء ماء ، هذا الخلاف في أوله ، وأما آخره فغير متناه اتفاقا ، بمعنى أنه لا مرتبة من العدد إلا وفوقها مرتبة .

القاعدة الثانية : العدد ينقسم إلى فرد ، وزوج ، وزوج الفرد ، وزوج الزوج ، وزوج الزوج والفرد .

فالفرد ما لا ينقسم بقسمين متساويين ، وينقسم إلى أول ومركب ، فالأول ما لا يعده إلا الواحد كالثلاثة والخمسة والسبعة والأحد عشر ونحوه ، [ والمركب ما يعده عدد فرد عدا الواحد ، كالتسعة تعدها الثلاثة ، والخمسة عشر تعدها الخمسة ونحوها ] .

والزوج ما ينقسم بقسمين مستويين ، ومع ذلك إن كان القسمان كل واحد منهما فرد فهو زوج الفرد ، ويتولد [ من تضعيف ] كل عدد فرد باثنين ، وإن كان كل واحد منهما زوجا وينقسم إلى زوجين كذلك حتى تنتهي القسمة إلى الواحد فهو زوج الزوج ، ويتولد من تضعيف الاثنين أنفسهما ، ثم المبلغ باثنين [ ثم المبلغ باثنين ] كذلك إلى غير النهاية ، والاثنان ليسا من زوج الزوج ، بل أصل له ، وإن كان كل قسم ينقسم بمتساويين مرتين فصاعدا أو لا تنتهي القسمة للواحد فهو زوج الزوج والفرد ، ويتولد من تضعيف كل عدد فرد بكل عدد من أعداد زوج الزوج ، فصار الزوج ثلاثة أقسام .

[ ص: 136 ] القاعدة الثالثة : العدد يشبه بالأشكال الهندسية ، فمنه خط ، وسطح ، وجسم ، فالخط كل عدد يشبه الخط نحو هذا الشكل . . . . وأما السطح فينقسم إلى الأشكال الهندسية : المثلث ، والمربع ، والمستطيل ، والمخمس ، ونحوه من ذوات الأضلاع الكبيرة ، فيتولد المثلث من العدد الطبيعي المبتدئ من الواحد المتزايد واحدا واحدا ، لأن الواحد شكل مثلث بالقوة ، فإذا زدت عليه اثنين وهو العدد الذي يليه صار ثلاثة ، وهو أول المثلثات بالفعل ، وكل ضلع منه اثنان ، وإذا زدت على المبلغ الذي يلي الاثنين وهو ثلاثة صار ستة وهو المثلث الثاني ، وكل ضلع منه ثلاثة ، وإذا زدت على المبلغ الذي يلي الثلاثة وهو الأربعة صار عشرة ، وهو المثلث الثالث ، وكل ضلع من أضلاعه أربعة ، وكذلك إلى غير النهاية ، وهذه صورها وأما المربعات فتتولد من الأفراد الطبيعية المبتدئة من الواحد المتزايد اثنين اثنين ، فالواحد مربع بالقوة ، وإذا زدت عليه الفرد الذي يليه وهو ثلاثة صار أربعة ، وهو المربع بالفعل ، وضلعه اثنان ، وإذا زدت على الفرد الذي يلي الثلاثة وهو خمسة صار تسعة وهو المربع الثاني وضلعه ثلاثة وكذلك إلى غير النهاية ، وهذه صورتها ] :

وأما ذوات الأضلاع الكثيرة كالمخمس والمسدس وغيرهما ففي توليدها طريق وهو أن المثلث لما كان أول الأشكال كان من جميع الأعداد الطبيعية المبتدئة من الواحد ، ولما كان المربع الثاني فإنك تأخذ عددا وتترك عددا ، وفي المخمس تأخذ عددا وتترك عددين ، وفي المسدس تأخذ عددا وتترك ثلاثة أعداد ، وكلما أردت زيادة ضلع زدت في المتروك عددا ، وكل عدد تأخذه بعد المتروك تضيفه ، والواحد مخمس بالقوة [ فاترك الاثنين والثلاثة وأضف الأربعة للواحد فيحصل [ ص: 137 ] المخمس الأول بالفعل وهو الثاني بالقوة ] واترك الخمسة والستة وخذ السبعة تضيفها للخمسة تكون اثني عشر ، وهو المخمس الثاني ، وتترك في المسدس الاثنين والثلاثة والأربعة وتأخذ الخمسة تضيفها للواحد يكون المسدس الثاني ، وإن تركت الستة والسبعة والثمانية وأخذت التسعة أضفتها إلى الستة صارت خمسة عشر وهو المسدس الثالث ، وهذه صورتها :

وهذه المباحث مستوعبة في الكتب الهندسية إقليدس وغيرها .

القاعدة الرابعة : العدد ينقسم إلى تام ، وزائد ، وناقص .

فالتام هو الذي إذا اجتمعت أجزاؤه ساوته ، فأولها الستة لها نصف ثلاثة ، وثلث اثنان وسدس واحد ، مجموعها ستة ، واستخراج الأعداد التامة من أعداد زوج الزوج مع الواحد والاثنين ، وهو أن تجمعها على الولاء ، فإذا اجتمع منها عدد أول ضربته في آخر عدد جمعته ، فالمبلغ عدد تام .

مثاله : الواحد تام بالقوة تجمع معه الاثنين يبلغ ثلاثة فتضربه في آخر ما جمعته وهو اثنان يبلغ ستة ، وإذا جمعت الواحد والاثنين والأربعة تبلغ سبعة ، فتضربه في الأربعة تبلغ ثمانية وعشرين عددا تاما ، نصفه أربعة عشر ، وربعه سبعة ، وسبعه أربعة ، ونصف سبعه اثنان ، وربع سبعه واحد ، ومجموعها ثمانية وعشرون ، فإذا جمعت وكان معك عدد مركب جمعت عليه حتى يكون عدد أولا ، فبهذا العمل تستخرج الأعداد التامة إلى غير نهاية .

والعدد الزائد هو الذي إذا جمعته زاد ، والناقص إذا جمعته نقص ، والأول هو عند الحساب أكمل كالإنسان التام ، والزائد منحرف كصاحب الأصبع الزائدة ، والناقص كعادم أصبع ، وقد قيل هو السبب المرجح في خلق السماوات والأرض في ستة أيام دون غيرها من الأعداد لأنها أول عدد تام ، فالناقص كالفرد الأول ، والفرد المركب من عدد واحد ولو تكرر ما تكرر كله ناقص ، وزوج [ ص: 138 ] الفرد كالأول كله ناقص ما عدا الستة ، وزوج الزوج كله ناقص ، والأعداد التامة كلها زوج الزوج والفرد ما عدا الستة ، وكل عدد تام لا بد فيه من الستة أو الثمانية .

القاعدة الخامسة : في تناسب الأعداد ، وأصلها الأربعة المتناسبة ، وتكون النسبة متصلة ومنفصلة ، فالمتصلة تكون نسبة الأول للثاني كنسبة الثاني للثالث وكنسبة الثالث للرابع والرابع للخامس وكذلك إلى غير النهاية ، وكذلك يكون ضرب كل مقدار في نظيره مساويا لمربع الواسطة إن كان عدد المقادير فردا ، وكضرب إحدى الواسطتين في الأخرى إن كان عدد المقادير زوجا ، فيكون ضرب الأول في الرابع كضرب الثاني في الثالث ، والأول في السادس كالثاني في الخامس ، والثالث في السادس كالرابع في الخامس كالاثنين والأربعة والثمانية والستة عشر ، فضرب الأول في الرابع كالثاني في الثالث وبالعكس .

ومثال المقادير التي عددها فرد : الثلاثة ، والتسعة ، والسبعة والعشرون ، فالأول ثلث الثاني ، والثاني ثلث الثالث ، وفي المثال الأول نصف الثاني ، والثاني نصف الثالث ، والثالث نصف الرابع ، فضرب الثلاثة في السبعة والعشرين كضرب التسعة في نفسها وهو تكعيبها ، وتكعيب كل عدد ضربه في نفسه ، ومتى كثرت الأعداد وهي زوج يضرب الأول منها في الآخر ، كضرب المرتبتين المتوسطتين إحداهما في الأخرى ، وإن كانت فرد فضرب الأولى في الأخيرة كضرب المتوسطة في نفسها .

ومثاله في المثال الأول نبني عليه فنقول : الستة عشر نصف اثنين وثلاثين ، واثنان وثلاثون نصف أربعة وستين وهي نصف مائة وثمانية وعشرين وهو نصف مائتين وستة وخمسين الذي هو الأخير تبلغ خمسمائة واثني عشر ، وهو المتحصل من ضرب ستة عشر في اثنين وثلاثين ، المرتبتان المتوسطتان .

ومثال مقادير عددها فرد تسقط مائتين وستة وخمسين فضرب اثنين في مائة وثمانية وعشرين بمائتين وستة وخمسين ، وهو المتحصل من ضرب المرتبة [ ص: 139 ] المتوسطة في نفسها وهي الستة عشر ، وإذا كان الطرفان في المقادير الزوجة كالواسطتين فكذلك المتلاصقتان للمتوسطتين ، والملاصقتان للملاصقتين حتى تنتهي للطرفين ، والمقادير المفردة تكون المرتبتان الملاصقتان للمتوسطة يقوم ضربهما مقام ضرب المتوسطة ، وكذلك الملاصق للملاصقتين إلى أن تنتهي للملاصقين للطرفين .

ومن خواص هذه القاعدة أنا إذا ضربنا الأول في الرابع وقسمنا على الثاني خرج الثالث ، أو على الثالث خرج الثاني ، وإن ضربنا المتوسطتين وقسمنا على الأول خرج الرابع ، أو على الرابع خرج الأول ، [ وكذلك المقادير المفردة إن ضربت الخمسة في نفسها وقسمتها على الواحد الذي هو الأول ] خرج الثالث الذي هو الخمسة والعشرون ، أو ضربت الأول الذي هو الواحد في الثالث الذي هو خمسة وعشرون خرج منه ضرب الثاني في نفسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية