صفحة جزء
[ ص: 132 ] فروع ثمانية :

الأول : قال في الكتاب : إذا علم في الصلاة أنه إلى غير القبلة ، ابتدأ الصلاة من أولها بإقامة ، ووافقه الشافعي وأبو حنيفة ، قال صاحب الطراز : ويتخرج فيها قول باستدارة والتمادي على أحد القولين فيمن ذكر النجاسة في صلاته فإنه يطرحها ويتمادى ، ومن صلى عريانا ، ثم وجد السترة ، والفرق على المشهور أن التوجه متفق على شرطيته ، بخلاف طهارة الخبث والسترة فيكون آكد ، والفرق بين ظهور الخطأ بعد الصلاة وفي أثنائها أن ظهوره في أثنائها كظهور الخطأ في الدليل قبل بت الحكم فإنه يجب الاستئناف إجماعا ، وبعدها كظهور الخطأ بعد بت الحكم وتنفيذه فلا يؤثر .

سؤال : قد استدارت الصحابة - رضوان الله عليهم - في أثناء الصلاة لما أخبروا بتحول الجهة من البيت المقدس ولم يبتدئوا ؟

جوابه : أن الماضي من صلاتهم لم يكن خطأ بل هو صحيح ، والطارئ نسخ فبنوا الصحيح على الصحيح بخلاف هذا المصلي .

الثاني : قال في الكتاب : إذا تبين الخطأ بعد الفراغ في البيان ناسيا أو مجتهدا يعيد في الوقت ، وفي الجواهر لسحنون يعيد مطلقا وكالأسير يجتهد فيصوم شعبان ، وحكي التفصيل عن الشافعي قال : وذكر عن ابن القابسي يعيد الناسي أبدا بخلاف المجتهد ، قال : فلو صلى بغير القبلة متعمدا أو [ ص: 133 ] جاهلا بوجوب الاستقبال ، فلا خلاف في إعادته أبدا . ولمحمد بن مسلمة والمغيرة إن شرق أو غرب أعاد في الوقت ، وإن استدبر القبلة أعاد مطلقا .

حجة : المشهور ما تقدم في القاعدة الرابعة ، وقوله تعالى : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) . خص منه الجهة المعلومة الخطأ فتكون حجة فيما عدا ذلك ، وفي الترمذي كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر في ليلة مظلمة ، فلم ندر أين القبلة فصلى كل واحد منا على حاله ، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي - عليه السلام - فنزل قوله : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) وقول عمر رضي الله عنه : إنها نزلت في التنفل على الرواحل لا ينافي ذلك لاحتمال الجمع في الإرادة ، قال صاحب الطراز : أما من لا تلتبس عليه الكعبة ، وإنما سها فتوجه إلى غيرها أعاد أبدا .

الثالث : قال صاحب الطراز : لو شك المجتهد بعد إحرامه ولم تتعين له جهة تمادى ; لأنه دخل بالاجتهاد ولم يتبين خطؤه .

الرابع قال : لو صلى باجتهاد وحضر صلاة أخرى في ذلك الموضع ، فإن كان الوقتان تختلف فيهما الأدلة اجتهد ثانيا وإلا فلا ، وفي الجواهر يعيد الاجتهاد مطلقا .

الخامس قال : إذا أداه الاجتهاد إلى جهة فصلى إلى غيرها ، ثم تبين أنه صلى إلى الكعبة فصلاته باطلة عندنا ، وعند الشافعي وأبي حنيفة لتركه الواجب قال : كما لو صلى ظانا أنه محدث ، ثم تبين أنه متطهر .

[ ص: 134 ] السادس : قال في الكتاب : إذا علم في صلاته أنه انحرف عن القبلة ولم يشرق ولم يغرب استقام إلى القبلة وبنى ، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة ، وقال بعض الشافعية : تبطل ; لأن الصلاة الواحدة لا تكون إلى جهتين ، قال صاحب الطراز : وهذا إذا لم يكن عند المسجد الحرام قال : وأما لو اعتقد المأموم أن الإمام انحرف انحرافا بينا فارقه وأتم لنفسه ، ولو كانوا في بيت مظلم ، ثم تبين أنهم صلوا لجهات شتى فإن كان الإمام إلى غير القبلة أعادوا كلهم تبعا للإمام ، وإن كان غيره أعاد دون الإمام .

السابع : قال صاحب الطراز : الكافة على أن من يحسن الاستدلال ولا وجد دليلا ، أنه يتحرى جهة تركن إليها نفسه يصلي إليها صلاة واحدة ، وقال محمد بن مسلمة : يصلي أربع صلوات إلى أربع جهات وهو مذهبه في الأواني يصلي بعددها وزائد إحدى صلوات ، وكذلك في الثياب النجسة ، ووجه قول الجماعة قوله تعالى : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) وأن اليقين لا يحصل بأربع جهات لاحتمال أن تكون الكعبة في جهة بين اثنتين منها ، بل لا يحصل اليقين حتى يصلي ثلاثمائة وستين صلاة ، وهذا لم يقل به أحد ففارقت هذه المسألة مسألة الأواني .

الثامن قال : لو أخبر مجتهد مجتهدا وهو ثقة خبير عن جهة البلد رجع إليه فإن قبلة البلد لا بد فيها من اجتهادات ، فهي أقرب للصواب من اجتهاد واحد ، وإن أخبره عن اجتهاد نفسه ، سأله عن وجه الاجتهاد ، فإن [ ص: 135 ] تبين لأحدهما صواب الآخر اتبعه وإلا فلا ، فإن فعل فصلاة المأموم منهما باطلة ، فإن طلع الغيم ونسي أحدهما وجه اجتهاده سأل صاحبه ، فإن تبين له صوابه اتبعه ، وإن لم يتبين انتظر زوال الغيم فإن خاف فوات الوقت قلد صاحبه كالأعمى .

التالي السابق


الخدمات العلمية