صفحة جزء
الفصل الثاني : في زيادة الفعل .

ففي الجواهر : إن كان من جنس الصلاة وزاد في الرباعية ركعة صحت ، أو ركعتين ففي الصحة قولان : أو أربعا فالمشهور البطلان ، ورويت الصحة ، وإن زاد في الصبح مثلها ; فإن قلنا بالبطلان في الرباعية في الركعتين فهاهنا أولى لتفاوت النسبة ، وإلا ففي البطلان قولان ; وإن زاد فيها ركعة فقولان - نظرا إلى يسارة الزيادة ، أو عظم النسبة ; وفي إلحاق الثلاثية بالرباعية أو الثنائية قولان ، وحيث صححنا سجد بعد السلام ، وتبطل بزيادة العمد ولو بسجدة ، وفي إلحاق الجهل بالعمد أو بالنسيان قولان ; وإن كانت من غير [ ص: 306 ] جنسها ، قال صاحب المقدمات : إن كثر جدا أبطلها ، وإن قل فثلاثة أقسام جائز : كحية تريده فيقتلها - ويبني أنه في صلاة فلا سجود ، ومكروه كحية أو عقرب يقتلها إذا مرت بين يديه ، ففي السجود قولان ; ومحرم كالأكل والشرب ، فقيل : يسجد ، وقيل : تبطل . وفي الفصل ستة فروع :

الأول : إذا اعتقد ثلاثا فأتم ثم تبين أنها أربع ، رجع حين ذكره ، ويجلس ويسلم ويسجد - وقاله ( ش ) ; وقال ( ح ) يرجع من لم يسجد في الخامسة فتبطل صلاته ; إلا أن يكون جلس بعد الرابعة قدر التشهد ، فتكون الخامسة تطوعا يضيف إليها أخرى ويسلم ، لنا ما في الصحيحين أنه - عليه السلام - صلى الظهر خمسا ، فلما سلم قيل له : أزيد في الصلاة ؟ قال : وما ذاك ؟ قالوا : صليت خمسا ، فسجد سجدتين ثم سلم ، ثم قال : إنما أنا بشر مثلكم ; أنسى كما تنسون ، فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين .

الثاني : قال ابن القاسم في الكتاب : إذا قام إلى خامسة سهوا واتبعه ساه ومتعمد وجلس آخر ; صحت صلاتهم - إلا العامد لقصده لزيادة ، وقاله ( ش ) . وقال ( ح ) : إن قام قبل التشهد بطلت صلاته ، وإلا صحت ; ويجوز عنده أن يتنفل بإحرام الفرض بعد تمامه ; لأن السلام عنده ليس من [ ص: 307 ] الصلاة ، وإنما هو مناف لها ; ونحن نمنعه ذلك ، وإن سلمنا أنه ليس من الصلاة ، فهو شرط التحليل ومفارقة العبادة الأولى ; قال صاحب التنبيهات : قال سحنون معناه في الكتاب : أن الجالس يسبح به ، فإن لم يسبح أعاد أبدا ، قال صاحب الطراز : فلو قال : كنت أسقطت سجدة من الأولى ولم أنبه ، قال ابن المواز : تبطل على من لم يتبعه وتصح لمن اتبعه مطلقا ; قال : يريد إذا شكوا أو تيقنوا النقصان ، وقال سحنون : صلاة الساهين تامة والعامدين باطلة - إن تيقنوا الزيادة ، إلا أن يتأولوا وجوب الاتباع ; لأن الفعل تبع للاعتقاد ، قال : ويتخرج على هذا إذا تعمد خمسا فتبين أنها أربع ، قال ابن الماجشون : لا يضره ، وقال ابن القاسم : إذا صلى خمسا سهوا ، ثم ذكر سجدة من الأولى ; يأتي بركعة ، قال ابن المواز : والصواب الاكتفاء بالخامسة ; وإذا لم يعتد بها سهوا ، فأولى عمدا ; قال : ويتخرج فرع الخلاف إذا أحرم بفريضة ثم اعتقد أنه أحرم بنافلة وتمادى ; ففي الإجزاء قولان ; فلو أن معه مسبوقا بركعة فجلس ، وقال الإمام : أسقطت سجدة من الأولى ، قال ابن المواز : إن صدقه كل من خلفه أعاد هذا صلاته ; وإن لم يصدقه أحد لم يعد ، فلو قام للخامسة سهوا فدخل معه فيها مسبوق لم يجزه ، وقاله ( ح ) خلافا ( ش ) ; لأنها غير معتد بها . وقد سلم ( ش ) إذا رجع الإمام فدخل معه ، ثم سها فركع ورفع الداخل معه أن ذلك لا يجزيه وكلاهما سواء ; فلو قام معه فيها مسبوق لم يجزه ، وقاله ابن المواز ; وقال : إن علم أنها خامسة بطلت صلاته ، إلا أن يقول : كنت أسقطت سجدة من الأولى إلا أن يخالفه من خلفه .

[ ص: 308 ] فرع مرتب

إذا قام إلى خامسة بعد التشهد بعد الرابعة ، رجع وتشهد ; وإلا يتخرج على الروايتين في التشهد لسجود السهو قبل السلام . قال : ويمكن الفرق بأن السهو يلغى ويتصل الجلوس بالتشهد ، بخلاف سجود السهو فإنه مشروع ، وهو الظاهر عند الشافعية .

الثالث : لو صلى المغرب أربعا سهوا ، أجزأت ويسجد بعد السلام ، وعند قتادة والأوزاعي يضيف إليها أخرى ويسجد ، لنا أنه - عليه السلام - صلى الظهر خمسا - الحديث المتقدم ، فلو صلاها خمسا سهوا ، أجزته عند أشهب ويسجد ، وقال ابن نافع : عليه الإعادة ، وقال ابن الماجشون : لا أقول يبطلها مثل نصفها سهوا كما قيل ، بل ركعتان يبطلانها ; لأن كثير الفساد يبطل - كالغرر في البيع .

الرابع ، قال ابن القاسم في الكتاب : إذا أكل أو شرب ساهيا ، سجد ; وقد تقدم إبطالهما للصلاة ; لشدة منافاتهما للصلاة .

الخامس : إذا تفكر في إتمام صلاته ثم تيقن فلا سهو عليه ، قال صاحب الطراز : إن تفكر قائما أو جالسا أو ساجدا فلا سجود اتفاقا ; لأن زيادة اللبث في هذه المواطن لا يبطل عمده ; وأما بين السجدتين إن طال - قال ابن القاسم : لا [ ص: 309 ] سجود ، وقال أشهب : يسجد كان جالسا بينهما مستوفرا على قدميه أو ركبتيه .

السادس : قال في الكتاب : إذا صلى النافلة ثلاثا شفعها وسجد قبل السلام ، قال صاحب الطراز : إن حمل على أنه لم يجلس بعد اثنتين فلنقصان الجلسة ، وقيل : لنقص السلام ; وعلى هذا لا فرق بين الجلوس وعدمه . ويرد على هذا التعليل : إن قام إلى خامسة ، فقد أخل بالسلام من موضعه - ساهيا مع أنه يسجد بعد السلام ; قال ابن القاسم : ولو قام إلى خامسة في النافلة ، رجع ولا يكملها سادسة ويسجد بعد السلام ; لأن الذي عليه الجادة من العلماء في النافلة عدم الزيادة على أربع . فلو صلى الفجر ثلاثا ، قال : اختلف في بطلانه ، والفرق أن الفجر محدود بالاتفاق ، فزيادة نصفه تبطله ; وإذا قلنا : لا تبطله ; فصلاته أربعا استحب مالك الإعادة خلافا لمطرف ، قال اللخمي : إذا قام في النافلة إلى ثالثة ساهيا ، رجع فجلس ; وكذلك إن ذكر وهو راكع ، وبه أخذ ابن القاسم ، وقال أيضا : يتمها أربعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية