[ ص: 79 ] الباب الرابع 
في الأوامر 
وفيه ثمانية فصول : 
الفصل الأول : في 
مسماه ما هو ، أما لفظ الأمر ، فالصحيح أنه اسم لمطلق الصيغة الدالة على الطلب من سائر اللغات لأنه المتبادر إلى الذهن ، هذا هو مذهب الجمهور ، وعند بعض الفقهاء مشتركة بين القول والفعل ، وعند  
أبي الحسين  مشتركة بينهما وبين الشأن والشيء والصفة ، وقيل هو موضوع للكلام النفساني دون اللساني ، وقيل منزل بينهما ، وأما اللفظ الذي هو مدلول الأمر ، فهو موضوع عند  
مالك     - رحمه الله - وعند أصحابه للوجوب ، وعند  
أبي هاشم  للندب ، وللقدر المشترك بينهما عند قوم ، وعند آخرين لا يعلم حاله ، وهو عنده أيضا للفور ، وعند الحنفية خلافا لأصحابنا 
المغاربة  ، والشافعية ، وقيل بالوقف ، وهو عنده للتكرار قاله  
ابن القصار  من استقراء كلامه ، وخالفه أصحابه ، وقيل بالوقف [ لنا قوله تعالى لإبليس : ( 
ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك   ) . رتب الذم على ترك المأمور به في الحال ، وذلك دليل الوجوب والفور ، وأما التكرار ، فلصحة الاستثناء من كل زمان من الفعل ، فإن علق على شرط فهو عنده وعند جمهور أصحابه والشافعية للتكرار خلافا للحنفية ، وهو يدل على الإجزاء عند أصحابه   
[ ص: 80 ] خلافا  
لأبي هاشم  لأنه لو بقيت الذمة مشغولة بعد الفعل لم يكن أتى بما أمر به ، والمقرر خلافه ، وعلى النهي عن أضداد المأمور به عند أكثر أصحابه من المعنى لا من اللفظ خلافا لجمهور 
المعتزلة  ، وكثير من السنة ، ولا يشترط فيه علو الأمر خلافا 
للمعتزلة  ، ونص  
الباجي  من أصحاب  
مالك  ،  
وأبو الحسن  من 
المعتزلة  على الاستعلاء ، واختاره  
الإمام فخر الدين  ، ولم يشترط غيرهم الاستعلاء ، ولا العلو ، والاستعلاء في الأمر من الترفع ، وإظهار القهر ، والعلو يرجع إلى هيبة الآمر ، وشرفه ، وعلو منزلته بالنسبة للمأمور ، ولا يشترط فيه أيضا إرادة المأمور به ، ولا إرادة الطلب خلافا  
لأبي علي  ،  
وأبي هاشم  من 
المعتزلة    [ لنا أنها معنى خفي يتوقف العلم به على اللفظ ، فلو توقف اللفظ عليها لزم الدور ] .