صفحة جزء
الفصل الخامس : في نذر الاعتكاف

وفي الكتاب : من نذر اعتكاف يوم وليلة لزمه ذلك أو عكوف ليلة أو يوم لزمه يوم وليلة خلافا ل ( ش ) في الثاني ، أو عكوف شهر لا يفرقه ، وليعتكف ليله ونهاره واستتباع الليل للنهار ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " من صام رمضان وأتبعه بست من شوال " . ولم يقل بستة فأعرض عن الأيام وذكر الليالي ، لاندراج الليلة في لفظ اليوم . قال سند : فلو اقتصر على النهار لا يجزيه عند سحنون خلافا لعبد الوهاب ، وروي الإجزاء عن مالك .

ولو نذر عكوف بعض يوم لا يصح عندنا وعند ابن حنبل ، خلافا ( ش ) على أصله في عدم اشتراط الصوم ، ونحن على أصلنا في اشتراطه ، وكان بعض السلف إذا جلس في المسجد ساعة يأمر جلساءه بنية الاعتكاف ليحصل أجره [ ص: 546 ] على رأي من يعتقده .

وأما وجوب المتابعة في أيامه فللسنة ، ولأن الاعتكاف معناه الملازمة ، والملازم لا يفارق ، فقد تناول لفظه عدم التفريق ، قال ابن القاسم في الكتاب : من نذر اعتكاف شهر بعينه فمرض فلا شيء عليه ، وإن أفطره فعليه القضاء . فإن حاضت المرأة وصلت القضاء باعتكافها قبل [ ذلك ، فإن لم تصل ابتدأت ، قال سند : إن حاضت أول الشهر فلا قضاء إلا يوم ] حيضها على المشهور .

وعلى القول بالقضاء ، فبأنها لا تقضي عند سحنون إلا في رمضان : فلو مرضت في أول الشهر ثم حاضت قضت المفرط فيه ، فإن مرضت في وسطه فكالحيض .

قال ابن القاسم في الكتاب : وناذر أيام التشريق كناذر الصوم فيها يلزمه الرابع فقط ، قال سند : قال أبو الفرج تلزمه كلها ، ويتخرج اليوم الرابع على جواز صومه ، وناذر الاعتكاف بمسجد الفسطاط إذا اعتكف بمكة أجزأه ، ولا يجب الخروج إلا إلى مكة والمدينة وبيت المقدس ، فلو نذره بمسجد المدينة لم يجزه بالفسطاط ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا " . ولو نذره بالمدينة ، وجب عليه السعي ولو كان بمكة أو بيت المقدس . وفي الكتاب : إذا نذر صوما بموضع يتقرب بإتيانه إلى الله تعالى ، لزمه ذلك ولو كان بمكة والمدينة ، قال ابن يونس : ومن نذر اعتكافا بساحل من السواحل اعتكف في موضعه بخلاف الصوم ; لأن الصوم لا يمنعه من الحرس .

قال سند : والفرق بين نذر الصوم بموضع إتيانه قربة ، وبين نذر الاعتكاف بالفسطاط : أن المساجد في حرمة الصلوات سواء إلا الثلاثة التي في الحديث ، [ ص: 547 ] وسد الثغور في الرباط يختص فضله ببعض المواضع ، وفي الجواهر إذا قال : أعتكف في هذا الشهر فسد أوله بتعمد إفساد آخره واستأنفه متتابعا ، والشروع كالنذر ، وفي الكتاب : من نذره ثم مات وأوصى بالإطعام عنه ، أطعم عنه عدد الأيام مدا مدا لكل مسكين ، ولو نذره مريضا لا يستطيع الصوم ثم مات قبل صحته وأوصى بالإطعام إن لزمه فلا شيء عليه ، قال سند : ولا إطعام في الاعتكاف ، لكن لما أوصى انصرف إلى عرف الشرع في الإطعام .

التالي السابق


الخدمات العلمية