صفحة جزء
[ ص: 548 ] الباب العاشر في ليلة القدر

اختلف في معنى هذا القدر ، فقيل : الشرف فهي شريفة ، وقيل : من التقدير ; لأنها تقدر فيها الأرزاق والكائنات على أحد القولين في قوله تعالى : ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) . قيل : ليلة النصف من شعبان ، وقيل : ليلة القدر ، ومعنى ذلك عند الملائكة الموكلة بها ، وإلا فكل شيء قد قدر في الأزل ، ومعنى قوله تعالى : ( خير من ألف شهر ) ; أن العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ، فتكون الركعة فيها خيرا من ثلاثين ألف ركعة ، وكذلك سائر أنواع البر وشهود مغربها وعشائها . وخصت به هذه الأمة ، لقصر أعمارها ليحصل فيها لهم ما يحصل في الأعمار الطويلة لطفا بها .

قاعدة :

الأصل في كثرة الثواب والعقاب وقلتهما ، كثرة المصالح أو المفاسد أو قلتها ، وقد يفضل الله تعالى أحد المستويين من كل الوجوه على الآخر ، كالأنبياء - عليهم [ ص: 549 ] السلام - خصوا بالنبوة والدرجات العليا بمجرد تفضيله تعالى ، وإلا فهم قبل ذلك كسائر البشر ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ) . جرده من كل شيء وحصره في العبودية المحضة بقوله : ( إن هو إلا عبد ) ، ثم أفاض عليه نعمه بقوله : ( أنعمنا عليه ) . وكمكة والمدينة مع سائر البقاع ، وكذلك الأزمنة مستوية ، وخص الله تعالى ما شاء بما شاء لا لأمر رجح فيها بل بمجرد الفضل . نسأل الله تعالى من عظيم فضله الذي لا يعطيه غيره ولا يملكه سواه .

واختلف الناس في زمانها على خمسة عشر قولا : قال صاحب القبس : الأول لابن مسعود السنة كلها .

وقيل : رمضان كله ; لقوله تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) .

الثالث لابن الزبير : ليلة سبع عشرة منه ، وهو مروي عنه - صلى الله عليه وسلم - ; لقوله تعالى : ( وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان ) - وكان ذلك فيها .

الرابع لأبي سعيد : إحدى وعشرون ; لرؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين ، وكان فيها .

الخامس لعبد الله بن أويس : ثلاثة وعشرون ، وهو مروي عنه - عليه السلام - .

السادس : خمس وعشرون .

السابع لأبي : سبع وعشرون ، وقال أخبرنا - صلى الله عليه وسلم - أن الشمس تطلع في [ ص: 550 ] صبيحتها بيضاء لا شعاع لها ، كأن أنوار الخلق في تلك الليلة تغلبها ، وكان ابن عباس يحلف على أنها في هذه الليلة ، وكان يقول : السورة ثلاثون كلمة ، فإذا وصلت إلى قوله تعالى : ( هي ) فهي سبعة وعشرون منها . وكان يقول : خلق الإنسان من سبع ; لقوله تعالى : ( من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ) . ويأكل في سبع ; لقوله تعالى : ( فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا ) . فالأب للأنعام ، والسبع للإنسان ، ويسجد على سبع ، والأرضون سبع ، والسماوات سبع ، والطواف سبع ، والجمار سبع .

الثامن : : تسع وعشرون .

التاسع للأنصار : أنها في أشفاع هذه الأفراد ، وأصله عندهم قوله - صلى الله عليه وسلم - : " اطلبوها في تاسعة تبقى " قالوا : هي ليلة اثنتين وعشرين ، ونحن أعلم بالعدد منكم .

قال سند : ومذهب مالك في الكتاب و ( ش ) : أنها في جملة العشر ; لما في أبي داود قال - صلى الله عليه وسلم - : " التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة " . قال مالك في الكتاب معناه : ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين ، وهذا محمول على نقصان الشهر ، وأما مع تمامه فليلة اثنتين وعشرين وأربع وعشرين وست وعشرين .

قال صاحب المقدمات : وقيل : لتسع مضت وسبع مضت وخمس مضت [ ص: 551 ] عدت القول .

الثاني عشر الثالث عشر ليلة النصف ، قال سند : ليلة النصف من شعبان . ويبطله قوله تعالى : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ، وقوله تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) .

الرابع عشر : قال صاحب المقدمات : هي في العشر الوسط من رمضان .

الخامس عشر : قال سند : قيل ارتفعت بعده - صلى الله عليه وسلم - .

التالي السابق


الخدمات العلمية