صفحة جزء
[ ص: 93 ] الباب الخامس

في زكاة النعم

والأصل فيها قوله تعالى : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) . ( التوبة : 103 ) وفي ( الموطأ ) : إن في كتاب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب الصدقة : في أربع وعشرين من الإبل فدونها ، الغنم في كل خمس شاة ، وفيما فوق ذلك إلى خمس وثلاثين ابنة مخاض ، فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر ، وفيما فوق ذلك إلى خمس وأربعين ابنة لبون ، وفيما فوق ذلك إلى ستين : حقة طروقة الفحل ، وفيما فوق ذلك إلى خمس وسبعين جذعة ، وفيما فوق ذلك إلى تسعين ابنتا لبون ، وفيما فوق ذلك إلى عشرين ومائة حقتان طروقتا الفحل ، فإن زاد على ذلك من الإبل ففي كل أربعين ابنة لبون ، وفي كل خمسين حقة ، وفي سائمة الغنم إذا بلغت أربعين إلى عشرين ومائة شاة ، وفيما فوق ذلك إلى مائتين شاتان ، وفيما فوق ذلك إلى ثلاثمائة ثلاث شياه ، فما زاد على ذلك ففي كل مائة شاة ، ولا يخرج في الصدقة تيس ولا هرمة ولا ذات عوار إلا ما شاء المصدق ، ولا يجمع بين مفترق ، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ، وما كان من خليطين فإنهما يترادان بينهما بالسوية ، وفي الرقة إذا بلغت ( خمس [ ص: 94 ] أواق ربع العشر ) قال صاحب ( الاستذكار ) : معنى ما في كتاب عمر : في كتاب كتبه لعماله فلم يخرجه حتى قبض ، وعمل به أبو بكر - رضي الله عنه - حتى قبض . ثم عمر حتى قبض ، ولم يزل الخلفاء يعملون به ، وفي ( الموطأ ) أن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أخذ من ثلاثين بقرة تبيعا ، ومن أربعين بقرة مسنة ، وأتي بأدون من ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئا ، وقال : لم أسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك فيه شيئا حتى ألقاه فأسأله ، فتوفي عليه السلام قبل أن يقدم فهو يدل على أنه سمع ما أخذ .

( فائدة ) : يشكل قوله عليه السلام : فابن لبون ذكر ، والابن لا يكون إلا ذكرا ، وكذلك قوله في المواريث : فلأولى رجل ذكر ، والرجل لا يكون إلا ذكرا ، جوابه : أنه أشار إلى السبب الذي زيد لأجله في السن فعدل عن بنت مخاض بنت سنة إلى ابن اللبون ابن سنتين ، فكأنه يقول : إنما زيدت فضيلة السنة لبعضه وصف الذكورية ، وإنما استحق العصبة الميراث لوصف الرجولية التي تقي فضيلة السنة لنقيضه وصف الذكورية وإنما استحق العصبة الميراث لوصف الرجولية .

وتختص الزكاة عند مالك - رحمه الله - و ( ش ) و ( ح ) ببهيمة الأنعام الإنسية خلافا لابن حنبل في بقر الوحش ، لنا : أنها لا تجزئ في الضحايا والهدايا ، فلا تجب فيها الزكاة قياسا على الظباء ، ولا تجب في غير الأنعام خلافا ل ( ح ) ، وفي الخيل إذا كانت ذكورا وإناثا ، واختلف قوله : إذا كانت ذكورا أو إناثا ، وخير ربها بين إعطاء دينار عن كل وجه فرس أو ربع عشر قيمتها ، محتجا بقوله عليه السلام : ( الخيل السائمة في كل فرس دينار ) ولأنها تعد للنماء فتجب فيها الزكاة قياسا على الغنم ، [ ص: 95 ] والجواب عن الأول : منع الصحة ، وعن الثاني : النقض بالحمير ، ولأنها لا تصلح للضحايا والهدايا فتكون النعمة في مواطن الإجماع أتم ، فلا يلحق به صورة النزاع .

وفي ( الجواهر ) لا يجب الزكاة في المتولد بين الظباء والنعم ، وقاله ( ش ) لأنه يتركب من جنس ما لا يوجب وما يوجب فلا تجب فيه ، كالنقد المغشوش ، ويقال : كل متركب من نوعين من الحيوان لا يعقب فيكون قاصرا عن موضع الإجماع ، وفرق القاضي أبو الحسن بين أن يكون الإناث من الغنم فتجب أو من غيرها فلا تجب ، لتبعية الأولاد للأمهات في الملك ، فتتبعها في الزكاة ، وقيل : تجب مطلقا نظرا لحصول المالية .

والأنعام ثلاثة أنواع : الأول : الغنم ، ويتمهد فقهه بإيضاح ما توجب منه الزكاة ، وشروط الوجوب ، والواجب فيه ، فهذه ثلاثة فصول .

التالي السابق


الخدمات العلمية