صفحة جزء
اللاحقة الرابعة : حج الصبي ، وفيه فصلان :

الأول : في أفعاله ، وفي ( الجواهر ) : للولي أن يحرم عن الصبي الذي لا يميز ويحضره المواقيت فيحصل الحج للصبي نفلا ، والمميز يحرم بإذن الولي ويباشر لنفسه ، ووافقنا ( ش ) وابن حنبل والجمهور ، وقال ( ح ) : لا ينعقد إحرامه بإحرام وليه ; لأنه سبب يلزم الحج فلا يصير الصبي به محرما كالنذر ، وجوابه : أنه ينتقض بالوضوء ، فإنه لا يجب عليه بالنذر ، ويصح منه ، وفي الصحيحين عن ابن عباس : ( أنه عليه السلام لقي ركبا بعسفان . . فذكر الحديث إلى أن قال : فرفعت إليه امرأة صبيا من محفتها ، فقالت : ألهذا حج ؟ قال : نعم ولك أجر ) وقد حج معه عليه السلام صبيان : ابن عباس وأنس وغيرهما ، وقد سلم ( ح ) : أنه إذا كان يتجنب ما يتجنبه المحرم فيكون محرما ، وفي ( الكتاب ) : إذا كان لا يتجنب ما ينهى عنه كابن ثمان سنين ، فلا يجرد حتى يدنو من الحرم ، وغيره يجرده من الميقات خشية تكثير الأول من محظورات الحج ، وإذا كان لا يتكلم لا يلبي عنه أبوه ، وإذا نوى بتجريده الإحرام فهو محرم ، ويجتنب ما يجتنبه البالغ كالصلاة ، وإذا احتاج إلى دواء طبيب فعله به وفدى عنه ، فإن الجائز لا يتوقف على التكليف كما يسجد لسهوه في [ ص: 298 ] صلاته ، وإن لم يقو على الطواف طاف به من طاف عن نفسه محمولا على سنة الطواف ، ولا يركع عنه إن لم يعقل الصلاة ؛ لتعذر النيابة فيها شرعا ، وله أن يسعى عنه وعن الصبي سعيا واحدا بخلاف الطواف ، لخفة السعي لجوازه بغير وضوء ، وقد قال ( ح ) : إنه يجبر بالدم ، ولا يرمي عنه إلا من رمى عن نفسه ; لأن الأصل عدم تداخل الأعمال البدنية ، ويجوز الإحرام بالصغار الذكور في أرجلهم الخلاخل ، وفي أيديهم الأسورة ، ويكره ذلك لهم من الذهب ، قال سند : لا يحج بالصبي إلا أبوه أو وصيه ، ومن له النظر في ماله ، لتعلق ذلك بالإنفاق ، وجوز ذلك في ( الكتاب ) لأمه وخاله وأخيه وعمه وشبههم ، نظرا إلى شفقتهم ، ويعضده حديث المرأة السابق ، وللشافعية في غير الولي قولان ، فإن أحرم المميز بغير إذن وليه : فظاهر قول مالك في ( العتبية ) : عدم الانعقاد خلافا لأشهب ; لأنه يؤدي إلى لزوم المال فلا ينعقد ، وإذا كان الصبي يتكلم لقن التلبية ، وإلا سقطت كما تسقط عن الأخرس ، وإذا سقط وجوبها سقط دمها ، وعلى قول ابن حبيب إنها كتكبيرة الإحرام : يلبي عنه وليه كما ينوي عنه .

وفي ( الجلاب ) : لا يجرد المرضع ، ويجرد المتحرك ، وكره مالك حج الرضيع .

سؤال : الأجير يركع عن مستأجره فيركع الولي عن الصبي فإنه كالأجير ؟ جوابه : ينتقض بالوقوف ، فإن الأجير يقف عن المستأجر ، والولي لا يقف عن الصبي ، بل يقف به ، قال : ويخرج به يوم التروية ، ويقف به ويبيت به بالمزدلفة ، وإن أمكنه الرمي رمى ، وإلا رمى عنه ، قال في ( الموازية ) : إذا فسد حجه فعليه القضاء والهدي ، وفي ( الجواهر ) : إذا بلغ الصبي في حجه لم يقع عن حجة الإسلام .

الفصل الثاني : فيما يترتب عليه من المال ، قال ابن القاسم في ( الكتاب ) : ليس للأب أو لمن هو في حجره من وصي أو غيره أن يحجه ويزيد في نفقة الصبي إلا أن يخاف ضيعة فيخرجه معه ، وفي ( الجواهر ) : إذا لم يخف عليه فالزائد في مال الولي لقوله تعالى : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ) [ الأنعام : 152 ] وحيث كان في مال الصبي ، فكذلك الفدية ، وجزاء الصيد ، وحيث قلنا : في [ ص: 299 ] مال الولي ، فكذلك جزاء الصيد ، وقيل : في مال الصبي إلحاقا بالمتلفات في الإقامة ، قال سند : لو كان كراء الصبي ونفقته في السفر قدر نفقته في الإقامة ضمن الولي الكراء لسد خلته في السفر بدون أجرة الكراء وعدم حاجته إليه ، ولا ضمان على الولي فيما طرأ من صنيع الله تعالى في سفر الصبي معه ، نحو الموت والغرق والمرض ، وفي ( الكتاب ) : ما لزم الصبي من جزاء أو فدية لا يصوم والده عنه ، ولكن يطعم ويهدي ; لأن ضمان الأموال ممكن بخلاف الأفعال البدنية .

التالي السابق


الخدمات العلمية