صفحة جزء
[ ص: 464 ] الباب الثاني عشر

في المسابقة والرمي

وفيه فصلان :

الفصل الأول : في المسابقة : وفي الترمذي قال عليه السلام : ( لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر ) وقال الله تعالى : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) [ الأنفال 60 ] والسبق بسكون الباء : الفعل ، وبفتحها : ما يجعل للسابق ، وفي مسلم : سابق عليه السلام بالخيل التي قد أضمرت من الحفياء ، وكان آخرها ثنية الوداع ، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق ، وفي البخاري : قال عليه السلام ( من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يأمن من أن يسبق فليس قمارا ، ومن أدخل فرسا بين فرسين ، وقد أمن أن يسبق فهو قمار ) قال ابن يونس : قال ابن المسيب : لا بأس برهان الخيل إذا كان فيها محلل يخرج هذا سبقا وهذا سبقا [ ص: 465 ] ويدخل بينهما ثالث ، لا يخرج شيئا ، فإن سبق المحلل أخذ ، وإن سبق لم يأخذ ، قال ابن عبد الحكم : إذا سبق أخذ سبق الرجلين ، وإن لم يسبق هو وسبق أحدهما أخذ سبق صاحبه ولا شيء للمحلل ، وهذا لا يقوله مالك ، وإنما يجوز عنده أن يجعل الرجل سبقه خارجا بكل حال ، فإن تسابق رجلان وجعل ثالث سبقا للخارج منهما : فإن سبق هو كان السبق للمصلي ، وإن كانت خيلا كثيرة ، وكذلك الرمي ، ويجوز عمل سرادق من دخله أولا سبق ، وفي ( الجواهر ) : المسابقة عقد لازم يشترط في عوضه ما يشترط في عوضه ، وليس من شرطه استواؤه من الجانبين ، وله ثلاث صور : الأولى أن يجعل الوالي أو غيره محللا للسابق ، والثانية أن يخرجه أحد المسابقين ، والثالث أن يخرج كل واحد منهما شيئا من سبق أخذهما ، فلا يختلف في إباحة الأولى ، وأما الثانية فإن كان المخرج لا يعود إليه المخرج بل إن سبق أخذه السابق أو سبق كان لمن يليه ، أو لمن حضر إن لم يكن معهما غيرهما فجائز ، قال الأستاذ أبو بكر : هذا على قوله المشهور إن السبق لا يعود ، وعلى القول الآخر إن السبق لمن سبق من مخرجه أو غيره ، كما رواه ابن وهب عنه لا يكون طعمة لمن حضر بل للسابق ، ولو شرطه طعمة لمن حضر لم يجز عند معظم العلماء ، وإن شرط رجوعه إلى مخرجه إن سبق فرويت الكراهة ، وأخذ بها ابن القاسم ، وروى ابن وهب الجواز ، وأما الثالثة إن لم يكن معهما غيرهما فلا يجوز قولا واحدا فإن كان معهما من لا يأمنان أن يسبقهما يغرم إن سبق ، ولا يغرم إن سبق ، والمشهور عن مالك المنع ، وروي الجواز ، ويشترط تعيين الغاية والموقف إلا أن يكون لهم عادة فتتعين ويتعين الخيل دون معرفة جريها وراكبها ، وكره مالك حمل الصبيان عليها خشية العطب ، قال صاحب الإكمال يشترط أن تكون الخيل متقاربة الحال ، وفي ( الجواهر ) : ولا تجوز السابقة بالعوض إلا في الخيل أو الركاب أو في الخيل والركاب ، وتجوز بالعرض بغير عوض في غير [ ص: 466 ] ذلك مما ينتفع به في نكاية العدو ونفع المسلمين ، كالسفن والطير لتوصيل الأخبار ، وأما طلب المغالبة : فلا يجوز ، وتجوز المسابقة على الأقدام ، وفي رمي الحجارة ، ويجوز الصراع لقصد الرياضة للحرب بغير عوض .

( قاعدة ) : لا يجتمع في الشرع العوضان في باب المعاوضة لشخص واحد ، ولذلك منعنا الإجارة على الصلاة ونحوها لحصولها مع عوضها لفاعلها ، وحكمة المعاوضة انتفاع كل واحد من المتعاوضين بما بذل له ، والسابق له أجر التسبب إلى الجهاد فلا يأخذ السبق .

( تنبيه ) : المسابقة مستثناة من ثلاث قواعد : القمار ، وتعذيب الحيوان لغير مأكلة ، وحصول العوض والمعوض لشخص واحد على الخلاف المتقدم ، واستثنيت من هذه القواعد لمصلحة الجهاد .

( فائدة ) : أسماء الخيل في حلبة السباق عشرة ، يجمعها قول الشاعر :


أتاني المجلي والمصلي وبعده المسلي وقال بعده عاطف يسري     ومرتاحها ثم الحضي ومؤمل
وجاء اللطيم والسكيت له يبري



فالمجلي : أولها ، والمصلي : الثاني لكونه عند صلا فرس الأول ، ثم هي مرتبة كذلك إلى آخرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية