صفحة جزء
[ ص: 117 ] فروع سبعة

الأول : في الكتاب : عصير العنب ونقيع الزبيب وجميع الأنبذة حلال ما لم تسكر من غير توقيت بزمان ولا هيئة ، ولا يحد الطبخ بثلثين ، ولا غيرهما ، بل ما منع إسكار كثيره ; لأن العنب إذا كثرت مائيته احتاج إلى طبخ كثير ، أو قل فطبخ قليل ، وذلك مختلف في أقطار الأرض ، ولا ينبذ تمر مع زبيب ، ولا بسر ولا زهو مع رطب ، ولا حنطة مع شعير ، ولا أحدهما مع تين أو عسل ; لأن خلطها يسرع بشدتها ، وقاله ( ش ) وابن حنبل خلافا لـ ( ح ) وفي مسلم نهيه - عليه السلام - عن شرب الخليطين ، وإذا نبذ كل واحد وحده لا ينبغي خلطهما عند الشرب ، ولا يجعل دردي المسكر ولا عكره في شراب ولا طعام ، وأرخص مالك في جعل العجين والسويق والدقيق في النبيذ قليلا ، ثم نهى عنه .

قال : وفي المغرب تراب يجعل في العسل ليعجله ، أكرهه ، وخالفه ابن القاسم قال : ولا يعجبني انتباذ البسر المدني ; لأنه رطب وبسر ، ولا بأس بأكل الخبز بالنبيذ ; لأنه ليس شرابا ، وكره نبذ الخبز فيه يوما أو يومين ليلا تتعجل شدته . قال صاحب القبس : طرد ابن عبد الحكم النهي عن الخليطين على عمومه حتى في أشربة الأطباء .

[ ص: 118 ] الثاني : في الكتاب : كره الانتباذ في الدباء والمزفت . زاد في الجلاب الحنتم والنقير لورود الحديث الصحيح فيهما ، ولأنها تعجل الشدة في الخليطين .

فائدة . الدباء : اليقطين ، والمزفت : في التنبيهات بسكون الزاي ما طلي بالزفت ، وهو القار الذي تطلى به السفن ، والحنتم : الجرار الخضر ، وقيل : الحمر ، وقيل : الفخار كيف كان ، وهو جمع حنتمة ، وهي الجرة .

الثالث : في الجلاب : تباح السوبية والفقاع .

الرابع : في الكتاب : إذا ملك المسلم خمرا ، فليرقها ، فإن اجترأ فخللها أكلها ، وبئس ما صنع ، وكره أكل الخمر يجعل فيها الحيتان ، فتصير مريا ، وفي الجواهر : تحليل الخمر مكروه ، وظاهر المذهب إباحة كل ما تخلل منها ، وكرهه سحنون وعبد الملك ، وقال الأستاذ أبو بكر : صورة المسألة : إذا خللت بشيء طرح فيها كالملح والخل والماء الحار ، فأما لو خللت بنفسها مع العلم بتحريمها ، فلا خلاف في جواز أكلها ، وقال صاحب المقدمات : في تخليلها ثلاثة أقوال : المنع مطلقا ، وقاله ( ش ) والكراهة والفرق بين اقتنائها لتصير خمرا ، وبين ما يصير خلا من عصيره لم يرده خمرا ، وبسبب الخلاف : هل المنع تعبد فيمتنع مطلقا ، أو معلل بالتعدي في الاقتناء ، فيجوز لمن صار عصيره خمرا ؟ أو بالتهمة لقنيتها ، فيجوز للرجل في نفسه التخليل لما عنده على نوع من الكراهة ؟ وإذا منعنا التخليل ، ففي جواز [ ص: 119 ] الأكل ثلاثة أقوال : الجواز ; لانتفاء علة المنع وهو الإسكار ، والمنع مؤاخذة له بنقيض قصده ، ولأن النهي يدل على الفساد في المنهي عنه ، وقاله ( ش ) وعلله بأن ما يلقى الخمر يصير نجسا بالخمر ، فيصير خلا مختلطا بنجاسة ، فيحرم ، ويرد عليه أن المقتضي لتنجيس الخمر وما لابسها هو وصف الإسكار وقد ذهب ، فيطهر ما في أجزاء الدواء المعالج به ، فلا ينجس الخل ، وجوز ( ح ) التخليل لقوله ، عليه السلام : ( يحل الخل الخمر كما يحل الدباغ الجلد ) وهو معارض بأمره - عليه السلام - في مسلم بإراقة الخمر التي أهديت له ، فلو كان التخليل مشروعا لأمر به حفظا للمالية ، والثالث : الفرق بين تخليل ما اقتناه من الخمر ، فيمنع ، أو ما تخمر عنده ما لم يرد به الخمر . قاله سحنون .

قاعدة : أسباب الطهارة ثلاثة : إزالة كالغسل بالماء ، أو إحالة كانقلاب الخمر خلا ، والدم منيا ، ثم آدميا ، وبهما كالدباغ .

الخامس : في الجلاب : من وجدت عنده خمر من المسلمين أريقت عليه وكسرت ظروفها تأديبا له ; لأن الشرع أدب بالمالية في الكفارات ، [ ص: 120 ] وقال غيره : يشق منها ما أفسدته الخمر ولا ينتفع به إلا فيها ، وما لا فلا صونا للمالية عن الفساد ، وإذا قلنا : لا تفسد ، ففي النوادر : تغسل وينتفع بها ، ولا يضر بقاء الرائحة .

وفي مختصر ابن عبد الحكم : أما الزقاق فلا ينتفع بها ، وأما القلال فيطبخ فيها الماء مرتين ، وتغسل وينتفع بها .

وفي الجلاب : لا يحل لمسلم بيعها من كافر ولا مسلم لقوله - عليه السلام - في مسلم : ( إن الذي حرم شربها حرم ثمنها ) .

ومن أسلم وعنده خمر أريقت ; لأن الملك لا يثبت عليها ، وإن أسلم وعنده ثمن خمر ، فلا بأس به ; لأن الإسلام يجب ما قبله ، وإذا تبايع نصرانيان خمرا ، فقبضت ، ثم أسلم البائع قبل قبض الثمن ، فله أخذه ; لأنه دين من جملة ديونه ، وإن أسلم مشتريها فعليه دفع الثمن للبائع ; لأنه دين عليه ، وإن أسلم البائع قبل قبض الخمر فسخ البيع ورد الثمن ; لأنه ممنوع من التسليم ، والمنع الشرعي كالحسي ، فيصير كالبيع المستحق قبل القبض ، وإن أسلم المشتري قبل قبض الخمر فسخ البيع ، ورجع البائع بالثمن لتعذر القبض شرعا ، وقد توقف فيها مالك مرة ، وقال : أخاف أن يظلم الذمي ; لأن المانع ليس من قبله . قال غيره : قال ابن عبد الحكم : إذا أسلما بعد قبض الثمن دون المثمون ، عليه قيمة الخمر خلافا لمالك وابن القاسم ، وإن أسلما بعد قبض الخمر دون ثمنها . قال اللخمي على قول عبد الملك : يأخذ الثمن .

وفي الجلاب : وإذا اشترى مسلم من نصراني خمرا وفاتت لم يدفع للبائع شيئا ; لأنه ممنوع من البيع لمسلم ، فإن قبض الثمن تصدق به تأديبا له .

السادس : في الكتاب : أكره للمسلم أن يتسلف من ذمي ثمن خمر ، أو [ ص: 121 ] يبيعه به أو يأخذه بوجه أو يأكل ما اشتري به ، ويجوز أخذه في دينه كما يؤخذ في الجزية .

السابع : في الجلاب : لا يؤاجر الرجل نفسه ، ولا شيئا من أملاكه في عمل الخمر لمسلم ولا نصراني ، فإن أخذ أجرة تصدق بها ، ولم يتملكها لتحريم المنفعة المعاوض عليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية