صفحة جزء
النظر الثاني : فيما يجزئ منها . وفيه ثلاثة فصول .

الفصل الأول : في جنسها . قال اللخمي : يختص بالنعم : الإبل والبقر والغنم ، والإبل دون الوحش كان له نظير من النعم أم لا ، لقوله تعالى : [ ص: 143 ] ( على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) ( الحج : 28 ) وأفضلها الغنم ثم البقر ثم الإبل ، وقال ( ش ) و ( ح ) : أفضلها الإبل ثم البقر ثم الغنم ؛ لقوله ، عليه السلام : ( من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا ) الحديث ، ولأن سد الخلات مطلوب للشرع ، وهو من الإبل أكثر ، فيكون أفضل ، والجواب عن الأول : القول بالموجب ; لأنه - عليه السلام - قال : ( فكأنما قرب بدنة ) ولم يقل في أي باب ، فيحمل على الهدايا ، وهو مجمع عليه ، وعن الثاني : أن المطلوب من الضحايا ليس كثرة اللحم وسد الخلات بخلاف الهدايا لقوله ، عليه السلام : ( خير الأضحية الكبش ) ولأن المطلوب إحياء قصة الخليل - عليه السلام - لقوله تعالى : ( وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه في الآخرين ) ( الصافات : 107 ) قيل : جعلناه سنة للآخرين ، ولأن الله وصفه بالعظيم ولم يحصل هذا الوصف لغيره من جهة المعنى إن المفدى لم تكن نفاسته لعظم جسمه ، بل لعظم معناه ، فكذلك ينبغي أن يكون فداؤه تحصيلا للمناسبة ; لأنه - عليه السلام - لما ضحى عن نفسه ضحى بالكبش ، وفي مسلم : ( أمر - عليه السلام - بكبش أقرن يطأ في سواد وينظر في سواد ، فأتي به ليضحي به قال يا عائشة : هلمي المدية ، ثم قال : اشحذيها بحجر . [ ص: 144 ] ففعلت ، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ، ثم قال : بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ، ثم ضحى به ) وحيث ضحى بالبقر إنما كان عن أزواجه .

وقال ابن شعبان : أفضلها الغنم ثم الإبل ثم البقر ، وقال أشهب : الإبل ثم البقر ، وقال أيضا : الإبل ثم البقر ثم الغنم لمن هو بمنى ; لأنه لا أضحية عليه ، بل يغلب عليه حكم الهدي . وذكور كل جنس أفضل من إناثه ، وإناثه أفضل من الجنس الآخر ، وقال أيضا : الذكور ، والإناث سواء ، والفحل عنده أفضل من الخصي لشبهه بالأنثى ، وقال ابن حبيب : الخصي السمين أفضل من الفحل الهزيل ; لأنه - عليه السلام - ( ضحى بكبشين أملحين موجوئين ) أي خصيين ; لأن الوجاء القطع .

فائدة من الإكمال : الأملح : الأبيض كلون الملح يشوبه سواد ممازج ، والذي يخالط بياضه حمرة ، أو سواد تعلوه حمرة ، أو بياضه أكثر من سواده ، أو في خلال بياضه طبقات سواد ، أو النقي البياض . ستة أقوال .

فرع

قال أبو الطاهر : المتولد بين الأنعام وغيرها إن كانت الإناث من غير الأنعام لا تجزي اتفاقا ; لأن الحيوان غير الناطق إنما يلحق بأمه ، ولذلك إنما يسمى يتيما إذا ماتت أمه ، فإن كانت من الأنعام ، فالإجزاء ; لأنها هي [ ص: 145 ] الأصل ، وعدم الإجزاء ; لأن مورد الشرع ما خلص من الأنعام ، وهذا لم يخلص .

فائدة : الأنعام والنعمة والنعم والنعماء والنعيم . قال صاحب كتاب الزينة : هي مأخوذة من لفظة ( نعم ) في الجواب ; لأنها تسر النفوس غالبا ، فاشتق اسم ما يسر منها ، وقيل : النعم من نعامة الرجل ، وهي صدرها ، وهي تمشي على صدور أرجلها ، فسميت نعما .

التالي السابق


الخدمات العلمية