صفحة جزء
الحكم الثاني : الاشتراك فيها ، وفي الكتاب : لا يشترك فيها إلا أن يذبحها عن نفسه وأهل بيته وإن زادوا على السبعة ; لأنها شركة في الثواب دون اللحم ، ولقوله - عليه السلام - : ( على كل أهل بيت أضحية ، أو عتيرة ) والعتيرة شاة كانت تذبح في رجب ، ثم نسخت ، والأفضل أن يضحي عن كل واحد شاة ، وليس عليه أن يضحي عن زوجته بخلاف النفقة ; لأنها قربة ، وهو لا يتوجه عليه التقرب عن زوجته ، والفرق بينها وبين زكاة الفطر أن زكاة الفطر متعلقة بالأبدان ، فأشبهت النفقة ، وأجاز الأئمة البقرة عن سبع ، والبدنة عن سبع . قال صاحب البيان : روى ابن وهب عن مالك الاشتراك في هدي التطوع ، ويلزم ذلك في الأضاحي على القول بعدم وجوبها ، وتحصيل الخلاف في المسألة : أن في جواز الاشتراك قولين ، وإذا قلنا به : فثلاثة أقوال : يجوز في الشاة والبدنة والبقرة لأكثر من سبعة . يشترك سبعة فأكثر في البدنة والبقرة فقط . يشترك عشرة في البدنة وسبعة في البقرة ، وإذا قلنا : لا يجوز الاشتراك ، فثلاثة أقوال : المنع [ ص: 153 ] مطلقا ، المنع فيمن عدا أهل بيته ، الثالث : له ذبحها عنه وعمن سواه ، وإن كانوا أهل بيت شتى . المشهور : القياس على الرقبة في العتق ، وعلى الشاة ، ولأن كل واحد منهما مأمور بما يسمى أضحية ، وجزءها لا يسمى كذلك ، فلم يأت بالمأمور به ، فلا تجزئه ، وأما قول جابر : نحرنا عام الحديبية البدنة عن سبع ، والبقرة عن سبع . فمحمول على أن الذبائح كانت من عنده - عليه السلام - وأمته عياله ، فلذلك جاز ذلك ، وقد قال رجل لعلي - رضي الله عنه - : اشتريت بقرة لأضحي بها ، فولدت ، فما ترى فيها وفي ولدها ، فقال لا تحلبها إلا فضلا عن ولدها ، واذبحها وولدها يوم النحر عن سبع من أهلك ، فكذلك هذه الأحاديث محمولة على الأهل وما يشبه الأهل ، وليس فيه تصريح بالأجانب ، بل ذكر العدد ، والسكوت عن المعدود فلا حجة فيها علينا ، ونحن متمسكون بالقواعد والقياس . قال اللخمي : الأضحية عن الغير خمسة أقسام : القريب اللازم النفقة فعليه أن يضحي عنه إما بشاة شاة ، أو عن الجميع بشاة ، أو يدخل البعض في أضحيته ، وعن الباقي بشاة . الثاني : القريب المتطوع بنفقته كالأبوين مع اليسار ، والإخوة ، وابن الأخ ، وابن العم ، فليس عليه التضحية عنهم ، وله ذلك عن الأقسام المتقدمة ، وإذا فعل أسقط الأضحية عن المنفق عليهم ، وإن كان مخاطبا بها لليسارة ، والثالث : الأجنبي المتطوع بنفقته إن كان أشركه فيها لم تجز واحدا منهما . الرابع : الأجنبي الواجب النفقة كالأجير بطعامه . هو كالثالث إلا الزوجة ، فله إدخالها لما شملها اسم الأهل ، وقد قال - عليه السلام - : ( اللهم هذا عن محمد وآل محمد ) والآل الأهل .

[ ص: 154 ] الخامس : الأجنبي لا ينفق عليه ، ولا يشركه ، وفي الكتاب : استحب مالك حديث ابن عمر لمن قدر دون حديث أبي أيوب الأنصاري . وفي النكت حديث ابن عمر أنه كان لا يضحي عمن في البطن ، يريد : وأما من كان في غير البطن ، فيضحي عن كل نفس بشاة ، وحديث أبي أيوب ذكر فيه : كنا نضحي بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته ، ثم تباهى الناس ، فصارت مباهاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية