صفحة جزء
السبب الثالث : العصوبة كالبنوة ، والجدودة ، والعمومة ، وأخوة الشقاقة ، وأخوة الأب ، ولا ولاية لذوي الأرحام ، وهم أخ الأم ، وعم الأم ، وجد الأم ، وأبناء الأخوات ، والبنات ، والعمات ، ونحوهم ممن يدلي بأنثى ; لأن الولي شرع لحفظ النسب فلا يدخل فيه إلا من يكون من أهله ، وخالف ( ش ) في البنوة لقوله عليه السلام : ( أيما امرأة نكحت [ ص: 227 ] نفسها بغير إذن مواليها فنكاحها باطل ) وابنها ليس من مواليها ، ولأنه يدلي بها فلا يزوجها ، كتزويجها لنفسها ، ولأن أباه لا يلي فلا يلي كالخال وابنه ، والجواب عن الأول : أنه روي بغير إذن وليها ، وهو وليها ; لأن الولاية من الولاء من قولنا هذا يلي هذا ، وابنها يليها أكثر من غيره ; لأنه جزؤها فيكون وليها ، وهو المراد في هذه الرواية جمعا بين الأدلة ، وعن الثاني : الفرق بين قوة عقله ونقص عقلها ، وعن الثالث : أنه جزء منها فيتعلق به عارها بخلاف أبيه ، وابن الخال ، ويؤيد قولنا قوله - عليه السلام - لعمر بن أبي سلمة ( قم فزوج أمك ) . وزوج أنس بن مالك أمه بمحضر من الصحابة ، ولم ينكر عليه أحد ، ولأنه متقدم على العصبات في الميراث فيقدم في النكاح .

تفريع

في الجواهر لا تعتبر ولاية العصبة إلا في البالغة العاقلة الراضية الآذنة بالتصريح إن كانت ثيبا ، أو بالسكوت إن كانت بكرا ، واستحب مالك أن يعرف أن إذنها صماتها احتياطا في أمرها ، قال التونسي : يقال لها ثلاث مرات : إن رضيت فاصمتي ، وإن كرهت فانطقي ; لقوله - عليه السلام - في مسلم : ( الثيب أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأمر ، وإذنها صماتها ) ، وهو يدل على أن الثيب إذنها نطقها بمفهومه .

[ ص: 228 ] فرع

قال إذا تقدم العقد على الإذن فأقوال : ثالثها : في الكتاب : إن يعقبه الإذن على قرب جاز وإلا فلا ، قال عبد الوهاب : ، والصحيح البطلان مطلقا لفقد الإذن ، وهو شرط ، قال صاحب البيان : ويكون الفسخ بطلاق ، وهل يتوارثان إن مات أحدهما قبل الفسخ ؟ قولان لمالك ، والمشهور في رضاها بالقرب : الجواز ، وإنما جاز هذا الخيار ; لأنه أدى إليه الحكم دون العقد ، فلو أعلم الولي الزوج بعدم الإذن ، قال مالك : يبطل العقد لدخولهما على الخيار ، وقيل : يجوز ; لأن الحاضر له مندوحة عن الخيار بخلاف الغائب ، وهو أعذر .

فرع

في البيان ، ولا يجوز تزويج اليتيمة المميزة لمصالحها كارهة اتفاقا ، فإن زوجت من غير حاجة فستة أقوال ، قال ابن حبيب : يفسخ ولو ولدت الأولاد ورضيت لعدم الشرط ، وقال ابن القاسم : لا يفسخ لقوله تعالى : ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ) ( النساء : 3 ) معناه : ألا تعدلوا في تزويجهن ، وهو دليل جواز العقد عليهم قبل البلوغ ; لأن من بلغ لا يقال له يتيم ، وقال أصبغ : يفسخ بعد الدخول إلا أن يطول وتلد الأولاد بخلاف الولد الواحد والسنتين ، وهل تخير إذا بلغت ما لم يطل الأمر بعد الدخول ; لأنه حق لها ؟ وقال مالك : يكره فإذا وقع لم يفسخ ، وقال أصبغ : [ ص: 229 ] إن شارفت الحيض لا يفسخ ، وإذا قلنا بالفسخ فطلق الزوج قبله لزمه جميع الصداق بالدخول ، والميراث بالموت .

فرع

في الكتاب : إذا أذنت لولي فزوجها من رجل ففعل فأقرت بالإذن ، وأنكرت أنه زوجها ثبت النكاح إن ادعاه الزوج ، وكذلك الوكيل في بيع سلعة ، ولو أذنت له في قبض الصداق والعقد وقبضه فتلف فهو كالوكالة على قبض الدين ثم يتنازع في القبض ، فإذا أقام الزوج أو الغريم البينة صدق الوكيل في التلف ، وإلا ضمنا ، ولا شيء على الوكيل لتصديقه في الوكالة ، وأما الوكيل على البيع يدعي قبض الثمن ، والضياع يصدق ; لأن الوكالة على البيع ، وكالة في قبض ثمنه بخلاف الوكالة على عقد النكاح ، ولا يلزم الزوج الدفع إليه ، فإن فعل ضمن .

فرع

في البيان : إذا أنكرت الرضا والعلم : فثلاثة أقوال : قال ابن القاسم : إن كانت أسبابا ظاهرة كالوليمة ونحوها حلفت أنها ما علمت أن تلك الأمور لها ، ويبطل النكاح ، وإن نكلت لزمها النكاح ، وإلا فلا تحلف ، وقيل : لا تحلف مطلقا ; لأنها إذا نكلت يلزمها النكاح ، وقيل : تحلف رجاء الإقرار ، فإن حلفت بطل النكاح ، وإن نكلت لم يلزمها شيء .

[ ص: 230 ] فرع

قال : فإن أذنت لوليها بشروط ، وأشهدت عليه فزوجها بدونها ، قال ابن القاسم : تخير في الفسخ قبل البناء .

فرع

في الكتاب : إذا قالت لوليها : زوجني ممن أحببت ، فزوجها من نفسه أو من غيره لم يجز حتى يعين له الزوج ، ولها الإجازة والرد ; لأن رضاها شرط ، وهو بالمجهول متعد ، قال ابن القاسم : ولو زوجها من غيره صح ، نظرا لعموم اللفظ أو من نفسه فرضيت جاز ، وإن لم يكن لها ولي فزوجها القاضي من نفسه أو من ابنه جاز ، وإن كان لها ولي ، ولم يكن فعل القاضي ضررا فلا مقال لها .

فرع

في الجواهر : البلوغ المعتبر في تزويج العصبة الحيض ، قال ابن حبيب : أو بلوغ ثماني عشرة سنة ، وفي الإنبات قولان : قال ابن حبيب : فإن زوجت به فسخ قبل البناء وبعده ، واختاره محمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية