صفحة جزء
الفصل الخامس : فيمن يحرم منه ، وفي الجواهر : تحرم منه أصول ثلاثة : المرضعة فتصير أما ، وزوجها فيصير أبا ، والصبي فيصير ابنا ، والفروع المرتبة على هذه الأصول ، كحرمة النسب لقوله عليه السلام : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) متفق على صحته فيحرم الراضع أمهات المرضعة بالنسب والرضاع ; لأنهن جدات ، وأخواتها نسبا ورضاعا ; لأنهن خالات ، وأولادها نسبا ورضاعا ; لأنهن أخوات ، وكذلك فروع هذه المحرمات على قانون النسب فلا يستثنى إلا أولاد الأعمام [ ص: 280 ] والعمات كالقرابات ، ولا تحرم المرضعة على أبي الرضيع ، ولا أخيه ; لأنه أجنبي منها ، وقال غيره : كل ما حرم من النسب حرم من الرضاع ، إلا أم ابنه من الرضاع ، وأخت أبيه ; لأنه أجنبي منهما ، وهو متفق عليه .

تفريع

في الكتاب : إذا أرضعت صبيا بعد فطام ولدها فهو من زوجها ، وكذلك لو أرضعته وهي حامل أو درت من غير حمل ، وهي متزوجة ; لأن اللبن بسبب وطء الزوج ، ولو انقضت عدتها وهي ترضع فحملت من الثاني فأرضعت صبيا فهو ابن لهما ، قال اللخمي : اللبن يكون للفحل بثلاثة أسباب : أن يوجده ، أو يكثره ، أو يباشر منيه الولد في البطن ، وإذا أصابها وهي ذات لبن من غيره ثم أمسك عنها حتى عاد اللبن إلى ما كان عليه سقط حكم الوطء ، قال مالك : وإذا وطئ أمة حاملا من غيره وقعت الحرمة بالوطء ، ويعتق ذلك الولد على الواطئ بالسراية ; لأنه ابنه ولم يوجب سحنون العتق ، وإن ولدت جارية لم تحل له ; لأنها ابنته ، وإذا أصاب أمة رجلان فأتت بولد فألحقته القافة بأحدهما وقعت الحرمة بينه وبين الآخر ، قاله محمد ، وإذا تزوج امرأة في العدة فأصابها قبل حيضة أو أصاب أمة قبل الاستبراء فحدث لها لبن صارت الحرمة للواطئ الثاني ، وقال ابن شعبان : في هذين لا حكم للثاني تغليبا للأصل ، وفي الأمة تلحق القافة الولد بأحدهما تسقط أبوة الآخر .

قال ابن يونس : لبن المرضعة بلبن الزنا يعتبر في حقها دون الزاني لسقوط نسبه الذي هو أصل الرضاع ، ولبن الملاعنة يحرم الرجل والمرأة [ ص: 281 ] لقبوله الاستلحاق ، وقال ابن حبيب : اللبن في الوطء بالعقد الفاسد ، وبالزنا يحرم من الطرفين ; لأنه لبن الرجل ، وقد كان مالك يرى أن كل وطء لا يلحق فيه الولد لا يحرم لبنه للفحل ، إلحاقا للرضاع بالنسب ، ثم قال : : يحرم نظرا لوجود اللبن ، والعم من الرضاع لا يحرم أخوة من النسب ولا الرضاع كما لا يحرم أخت من أرضعته الأم ; لانقطاع النسب بين الجنينين ، وكذلك أخت أخ النسب من الرضاع .

ويحرم الجمع بين المرأة وخالتها من الرضاع كالنسب ، ولو تزوج صغيرتين فأرضعتهما كبيرة اختار واحدة وفارق الأخرى ، ولا يفسد العقد كما يفسد العقد بين الأختين ; لانعقاده صحيحا ، فإن كن أربعا فأرضعت واحدة ثم أخرى فاختار الثانية ثم أرضعت ثالثة اختار أيضا ، فإن فارق الثالثة فأرضعت رابعة حبس الثالثة إن شاء أو الرابعة وفارق الأخرى ، فإن أرضعتهن كلهن فله اختيار واحدة منهن ، ولا يرىابن القاسم المفارقة صداقا ; لأنه فسخ قبل الدخول ، وقال محمد : لها ثمن صداقها ; لأنه لو فارقهن كان له نصف الصداق بينهن ، وقال ابن حبيب : يعطي كل مفارقة نصف صداقها ; لأنه مختار وليس كالفسخ ، واختياره فسخ بغير طلاق عند ابن القاسم لعدم الصداق عنده ، وبطلاق عند غيره ، ولا شيء على المرضعة لهن ، وإن تعدت عند ابن القاسم لعدم وجوب شيء على الزوج ; لأنه غير مطلق ، وعليها للزوج ما غرم كالرجوع على الشاهد عند من يقول للمفارقة صداق .

فرع

قال : لو مات الزوج قبل اختياره فصداق واحد للجميع ، وتتفق الأقوال كلها ; لثبوت نكاح واحدة فيقع التداعي في صداقها ، قال ابن [ ص: 282 ] حبيب : وكذلك المجوسي يسلم عن عشر نسوة قبل البناء فيختار أربعا فيعطي كل مفارقة نصف صداقها .

فرع

في الكتاب : إذا تزوج كبيرة ورضيعتين في عقد ، وسمى لكل واحدة صداقها فأرضعت الكبيرة إحديهما قبل البناء ، فالكبيرة في عصمته أو بعد فراقها حرمت للأبد ; لأنها أم نسائه دونهن لعدم الدخول ، والصغيرة وهن ربائب بعد بنائه بها فلها الصداق ، وحرمت الصغيرة معها بغير صداق ، فإن فارق الكبيرة بعد أن مسها أو التذ بها فتزوج صغيرة بعد عشرين سنة فأرضعتها حرمت الصغيرة ، ولو أرضعها أهل الأرض حرمن عليه ; لأنهن أمهات نسائه ، وفي الجواهر : لا غرم على المرضعة على المنصوص ، واستقر اللخمي الغرم على المتعدية فلو ارتضعت نائمة لأغرم عليها قولا واحدا .

فرع

قال : لو تزوجت المطلقة صغيرا فأرضعته حرمت على المطلق ; لأنها صارت امرأة ابنه ، وكذلك المستولدة .

[ ص: 283 ] فرع

قال : إذا تزوج رجلان كبيرة ، وأخرى رضيعة ثم تزوج كل واحد منهما امرأة الآخر ، فأرضعت الكبيرة الصغيرة حرمت الكبيرة عليهما ; لأنها أم الصغيرة التي كانت امرأتهما ، والصغيرة ربيبته فينظر أدخل بالكبيرة أم لا .

فرع

قال : تحته امرأتان أرضعت الكبيرة بلبنها الصغيرة حرمتا ; لأن الكبيرة أم امرأته ، والصغيرة ابنته ، فإن كان اللبن لغيره فالصغيرة ربيبته إن دخل بالكبيرة حرمتا ، وإلا فالكبيرة وحدها ، فلو كان مع الكبيرة ثلاث صغائر فأوجرن لبنها من غيره دفعة واحدة ، وهي مدخول بها ، حرمن مع الكبيرة أو غير مدخول بها حرمت ، وحرم الجميع بينهن ، وإن كان اللبن له حرم الجميع دخل أم لا ; لأنهن بنات لا ربائب فلو كان للكبيرة ثلاث بنات أرضعت كل واحدة صغيرة فالكبيرة جدة الصغار وحرمت ، والصغار ربائب .

التالي السابق


الخدمات العلمية