صفحة جزء
الفصل الثاني : في عيوب الرجال ، وفي الكتاب : قال ابن المسيب : للمرأة رد الرجل بالعيوب الأربعة ، وقاله ( ش ) ، وابن حنبل لقوله تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) ( البقرة : 228 ) ، قال مالك : ترده بالجب ، والخصاء بطلقة بائنة خلافا ل ( ش ) في كونه فسخا كالبيع ، وجوابه : أن العقد صحيح فلا يدفع حكمه إلا الطلاق ; لأنه الواقع المجمع عليه ، وما عداه ممنوع ثم الفرق : أن الإملاك يؤثر الاختيار في إسقاطها بالإعراض عنها فأمر في رفعها بالإقالة والفسخ بخلاف النكاح ، قال : وعليها العدة بعد الدخول إن وطئ ، وإلا فلا ، وإن قطع ذكره دون أنثييه ، وهو يولد لمثله فعليها العدة ، ويلحقه النسب ، وإن علمت بعيبه قبل العقد أو بعده ، ومكنته سقط قولها إلا في العنة ; لأنها ترجو علاجه ، قال الأبهري : ولها المفارقة بطلقة واحدة بائنة لا أكثر ، قال ابن يونس : إن فارقت قبل البناء فلا صداق ; لأن الفسخ من قبلها ، قال ابن الجلاب إلا في العنين ; لأنه غار لها ، قال ابن يونس : أو بعده فلها كمال المهر .

وعيوب الرجل أربعة : الجب : وهو قطع الذكر والأنثيين ، والخصاء : وهو قطع أحدهما ، والعنة : وهو فرط صغر الذكر ، والاعتراض : وهو [ ص: 429 ] عدم القدرة على الوطء لعلة ، ويسمى أيضا عنة ، فإن العنة من الاعتنان والعنن ، وهو الاعتراض ، ومنه عنان السماء بفتح العين جمع عنانة : وهي السحابة المعترضة بين السماء والأرض ، وقيل : لأن ذكره يعترض قبل المرأة ، وقيل : لأن الآفة عرضت له ، وفي التنبيهات : الخصي مقطوع الأنثيين فقط ، والفقهاء يطلقونه على مقطوع الذكر والأنثيين .

فرع

في الكتاب : يضرب للمعترض سنة من يوم ترافعه ، وقاله الأئمة وعمر وابن مسعود : لاحتمال تغير العلة في أحد الفصول الأربعة ، فإن لم يصبها في الأجل فلها الفرقة بطلقة بائنة خلافا ل ( ش ) ، وابن حنبل ، وتقدم جوابهما ، وتعتد لوجود مظنة الوطء ولحق الولد ، ولها جميع الصداق لطول المدة ، وإخلاق الجهاز ، وقيل : لها نصف الصداق لعدم الوطء لظاهر القرآن ، قال ابن يونس : يضرب للعبد نصف سنة ; لأن تحديد مدة النكاح عذاب ، ويتشطر لقوله تعالى : ( فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) ( النساء : 25 ) ، ولأنه مقرب من الفراق وهو عذاب ، وقيل : سنة ، وقاله ( ش ) ; لأن الضرب رفق به ، وانتقال الأمراض في الفصول لا يختلف بالرق ، والضرب هاهنا من يوم المرافعة ; لأنه معذور بخلاف المولي من يوم الحلف ، ولأنه يقول : رجوت المسامحة فأخرت المعالجة .

فرع

قال : ولو اختلفا في العنة فالقول قوله ، وقاله ( ش ) خلافا لابن حنبل ; لأن الأصل السلامة كعيب المبيع ، وإذا قال : جامعتها في الأجل فكذلك [ ص: 430 ] لأنها مدعية استحقاق الفراق ، وقال ( ش ) : القول قولها نظرا للأصل ، وقال ابن حنبل : البكر ينظر إليها النساء ، والثيب يقال : أخرج ماءك ؟ ، فإن العنين يعجز عن الإنزال ، فإن تنازعا في كونه منيا ، وضع على النار ، فإن المني يذوب ، وفي الكتاب : يحلف ، فإن نكل فرق بينهما ، فإن نكلت بقيت زوجة ، ونزلت في المدينة فأفتى فيها غير مالك بأن يجعل الصفرة في فرجها ، وقيل : تجعل النساء معها ، قال صاحب التنبيهات : الذي أفتى بالصفرة هو ابن أبي صفرة لكن بعكس ما في الكتاب : قال تجعل على ذكره ، وتلتمس في فرجها ، وقال ابن كنانة مفسرا للكتاب : تبطح على ظهرها في الأرض ، ويكشف هو ما خلفها لئلا يجعل الصفرة بإصبعه ولم يقله غيره ، بل مواضع الوطء لا يصلها الإصبع ، وقيل : يجعل النساء معها ، وفي الجواهر : وروى ابن حبيب : لا يحلف إلا بعد الأجل ، ودعوى الإصابة ، ثم حيث ثبت لها الخيار فأقامت فروى ابن القاسم : لها الفراق من غير سلطان لتقدم الحكم ، ومذهب ( ش ) : لها خيار الفسخ مطلقا من غير حاكم كالإقامة في البيع ، وروي عن مالك : لا بد من السلطان فيفرق بينهما من غير أجل ; لأنه أمر مختلف فيه فلا يثبت إلا بالحاكم ، وهو حجتنا على الشافعي في أصل العنة من جهة أنه أمر يحتاج إلى نظر بخلاف البيع ، والفرق بينهما : أن يؤمر هو بإيقاع الطلاق ، فإن امتنع أوقع الحاكم ، فإن وطئها ثم اعترض عنها أو زمن فلا حجة لها ، وقال ( ش ) : السقوط حقها بالوطأة الأولى إلا مع قصد الضرر كالمولي ، وإن أصابها ثم طلقها ثم تزوجها فلها مرافعته ; لأنها لم ترض بالعيب ، قال اللخمي : قال عبد الوهاب : ، ويضرب له أجل ثان ، فإن أصاب وإلا خيرت ; لأنها كانت تتوقع [ ص: 431 ] برءه ، قال : وأرى أن لا مقال لها ; لأنها علمت بالعيب ، وكذلك إذا تزوج غيرها ، وعلمت الثانية بما تقدم أو ضرب له أجل فلم يصب ، ورضيت بالمقام ثم قامت ، قال ابن القاسم : لها ذلك من غير أجل ، وقال ابن حبيب : إن قامت بقرب ذلك فلا مقال : والقياس في هذا كله : عدم مقالها .

فرع

قال : ولا يضرب الأجل إلا لمن يرجى ولم يعالج قبل ذلك سنة ، فإن مرض في أجله لم يعتبره ابن القاسم ، وقال أصبغ : إن مضت السنة ، وهو مريض استؤنف الأجل ، وقال عبد الملك : إن مرض بعضها لم تطلق عليه لاحتمال أن يكون المرض مانعا من زوال علته ، قال : وأرى أن يستأنف إن مرض جميعها ، فإن صح النصف الثاني : كمل عليه ، وإن صح الأول : استؤنف الأجل .

فرع

في الجواهر : إذا ادعت العيب وأنكر ، فالمجبوب ، والمحصور ، وممسوح الذكر وحده أو مع الأنثيين مختبر بالجس من على الثوب ، والقول قول العنين ، قال اللخمي : أجاز مالك في ذلك قول امرأة واحدة ، قال : وأرى أن تسأل المرأة ، فإن شكت عدم الانتشار نظر إليه من فوق ، فإن قالت : يذهب انتشاره إذا دنا فيجوز أن تصدق ; لأن ذلك يعرض ، ويجوز أن لا تصدق ; لأنها مدعية حدوث علته .

[ ص: 432 ] فرع

في الكتاب : لولاة المياه وصاحب الشرط ضرب أجل العنين والمفقود ; لأنهم حكام .

فرع

إذا حدث بالزوج جنون بعد النكاح عزل عنها ، وأجل سنة لعلاجه ، فإن صح ، وإلا فرق بينهما ، وقضى به عمر - رضي الله عنه - وقال ربيعة : إن أذاها لم تحبس عنده ، وإلا لم يجز طلاقه ، ولها مفارقة البين الجذام ، قال ابن القاسم : إن رجي علاجه ضرب له الأجل ، قال ابن يونس : قال سحنون : يفرق بالبرص المنتن الرائحة ، قال ابن القاسم : ذلك إن أضر بها ، وفي الجلاب : روي الرد بالبرص كما ترد به المرأة ، وروي عدم الرد ; لأن الرجل لا يقصد للاستمتاع كالمرأة .

قال الأبهري : وقال ابن حبيب : يرد بها قبل العقد ، وإن لم يكن فاحشا دون ما حدث بعده ، إلا أن يكون فاحشا مؤذيا ، قاله مالك ، وأصحابه ، وفي البيان : المشهور إذا حدث الخصاء بعد البناء لا مقال له لنيلها الوطء الذي تناوله العقد ، وقال أصبغ : إن خصي قبل الدخول فكذلك أيضا ; لأنها مصيبة نزلت بها ولم يقصد ضررها ، والمشهور خلافه .

[ ص: 433 ] فرع

في الجلاب : إذا فرق بين العنين وامرأته بحداثة نكاحه : ففي تكميل الصداق روايتان ، ويكمل المجبوب والخصي بعد البناء لدخولهما على عدم الوطء .

سؤال : كيف يفرق بينهما بحداثة النكاح مع أنه لا يدمن من ضرب أجل سنة اتفاقا ؟ جوابه : تقع الفرقة لعدم النفقة أو المضارة وغيرهما قبل السنة .

فرع

في الكتاب : من سرمد العبادة ، وترك الوطء لم ينه عن تبتله ، بل يخير بين الوطء والفراق إن طالبته ، وفي الجلاب : إذا هرم الرجل لم يفرق بينهما لدخولهما على ذلك .

تمهيد قال اللخمي : العيوب ثلاثة : ما يجب استحسانا ، فإن عقد معه صح : كالقطع ، والعمى ، والشلل ، وما يجب على الولي اجتنابه كالجنون ، والجذام البين ، ومختلف فيه وهو غير ذلك ، فإن زوجها من خصي أو مجنون على وجه النظر لزمها ، وقيل : لا مقال لها في الجذام الفاحش ، وقال سحنون : لها المقام في الجنون ، والجذام ، وغير الكبر ; لأنه ضرر ، ولو كانت المجنونة اغتفر عيبه لعيبها ، قال اللخمي : فإن كان ذاهب الأنثيين فقط ، قال سحنون : مضى نكاحه ، ولا مقال لها في عدم النسل كالعقم ، وقال مالك : يرد لنقص جماعه ، قال : والأول أبين ، وللمرأة رده بقطع الحشفة ، وقول سحنون في المجنونة لا يستقيم ; لأن مجنونين لا يجتمعان ، بل إذا اطلع كل واحد من الزوجين على عيب صاحبه فلكل واحد منهما القيام ، [ ص: 434 ] وإن كانا من جنس واحد كجذام ، وجذام أو غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية