صفحة جزء
التابع الثالث : الوليمة ، والمهر

قال صاحب الاستذكار : الوليمة في اللغة طعام العرس والإملاك .

والإعذار : طعام الختان ، والنقيعة : طعام القادم من السفر ، والخرس : طعام [ ص: 451 ] النفاس ، والمأدبة : طعام الدعوة ، والوكيرة : بناء الدار ، وقال غيره : والعقيقة لأجل الولد ، والحذاق : طعام الصبي عند حذاق القرآن جهده .

ثمانية أسماء للأطعمة في اللغة ، وأصلها ما في مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى على عبد الرحمن أثر صفرة فقال : ( ما هذا ؟ ، قال يا رسول الله ، إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب ، قال : بارك الله لك ، أولم ولو بشاة ) ، قال صاحب القبس : وهي أقلها مع القدرة ، وإلا فبحسب الاستطاعة ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - أولم على بعض نسائه بالخبز ، والتمر ، والأقط .

قال صاحب المنتقى : وهي يوم واحد ; لأن الزيادة سرف ، وقال ابن حبيب : : يولم ذو القدرة ثمانية أيام لما فيه من إظهار النكاح ، والتوسعة على الناس ، ويكره أن يقول : يتكرر على طعامي ثمانية أيام ; لأنه مباهاة ، وقال ( ش ) ، وابن حنبل : تشرع أكثر من يوم ، وتجب الإجابة للأول ، وتستحب للثاني دون الثالث ، وفي الجواهر : يجعلها بعد البناء ، قال اللخمي : هي قبله وبعده واسع ، فقد أولم على صفية بعد البناء .

وإتيانها واجب خيفة العداوة ، وأن لا يهدون إن لم يحضرها من يشهد النكاح به ، ومباح إن حضرها ، وخالفه صاحب الجواهر ، قال : [ ص: 452 ] ويجب إتيانها على من دعي إليها عند مالك ، والأئمة ، وأكثر العلماء ; لما في مسلم قال - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها ) وصفة ما تجب الإجابة أن يعين الرجل الدعوة ، فإن قال للرسول : ادع من تحب ، لم تجب لعدم التعيين ، وهل يجب الأكل ، قال أبو الوليد : لم أر لأصحابنا فيه نصا ، ومسائل المذهب على القولين ، وتقدم الوجوب ، قال ابن حنبل : لقوله في الصحيح : ( إذا دعي أحدكم فليجب ، فإن شاء أكل ، وإن شاء ترك ) قال القاضي أبو الحسن : مذهبنا استحباب الإجابة ، قال : ولا يحضر ذو الهيئة موضع اللهو ، ويرجع المدعو إن وجد المنكر ; لأن التحريم يقدم على الإيجاب ; لأن المفاسد مقدمة الدفع على المصالح ، وقاله ( ش ) ، وقال ( ح ) ، وابن حنبل : يجب الحضور مع المنكر ، وينهى عنه إن استطاع فيطيع الله طاعتين ، وإلا سقط عنه الخطاب به ، ولأن الحق لا يترك لأجل الباطل ، قال أبو الحسن : ويلحق بالمنكر فرش الحرير أو تأذ بحضور السفلة ، أو الزحام ، أو غلق الباب دونه ، أو على جدار الدار صور ، أو ساتر ، ولا بأس بصور الأشجار ، واللعب ، واللهو الخفيف ، قال صاحب البيان : اتفق أهل العلم على الدف ، وهو الغربال في الوليمة ، والعرس ، وفي الكبر ، والمزهر : ثلاثة أقوال ، قال ابن حبيب : هما كالغربال ، ومنع أصبغ ، والجواز لابن القاسم في الكبر دون المزهر ، ولابن كنانة إجازة البوق والزمارة التي لا تلهي في العرس ، واختلف في جواز ما أجيز من ذلك فالمشهور هو : إباحة ، وقيل : كراهة ، وقيل : يعم الجواز الرجال ، والنساء ، وهو المشهور ، وخصصه أصبغ بالنساء ، قال ابن القاسم : [ ص: 453 ] ويستحب الرجز الخفيف كقول جواري الأنصار : . . .


أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم

قال : ولا يعجبني التصفيق ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : ( كل لهو يلهو به المؤمن باطل إلا ثلاثا : ملاعبة الرجل امرأته ، وتأديبه فرسه ، ورميه عن قوسه ) ، وفي التنبيهات : الدف - بضم الدال - هو المدور بوجه واحد ، وهو الغربال ، والمربع من الوجهين هو المزهر ، وليس بعربي ، والمزهر عند العرب عود الغنا .

فرع

في الجواهر : لا تترك الإجابة لأجل الصوم ، بل يترك الأكل .

فرع

ويكره نثر السكر واللوز وشبهه ، وقاله ( ش ) ، وابن حنبل ، خلافا ل ( ح ) ; لأنه يقع نهبا ، وفي البخاري ، قال - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تحل النهبة ، والمثلة ) .

[ ص: 454 ] فرع

قال اللخمي : كره مالك لأهل الفضائل إتيان طعام غير العرس ، قال : وأراد إن كان المدعو قريبا أو صديقا أو جارا كان العرس وغيره سواء ، وإلا كره غير العرس لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( شر الطعام طعام الوليمة يدعى إليه الغني دون الفقير ) ، وإذا أتى الرجل العظيم فلا بأس بعدم الأكل ; لأن المقصود منه الشريف إلا أن يخشى الوحشة لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فليأت ، وإن كان مفطرا فليطعم ، وإن كان صائما فليصل ، أي : يدع ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية