صفحة جزء
فرع

قال ابن يونس : إذا اختلفا في النقد قبل المحاكمة في العيب إن كان مما يحكم به في الحال لم يلزمه النقد حتى يتعين بإخراج الأرش ، وإلا نقد لتعين وقت النقد دون العيب .

فرع

إذا تنازعا فقدم البائع لأجل عن العيب صدق البائع في التقويم ; لأنه يدعي عليهما الرد وأرش العيب .

فرع

في الكتاب : العلة في الرد بالعيب للمشتري ، قال الطرطوشي : الزوائد الحادثة في يد المشتري لا تمنع الرد بالعيب كالسمن ، وولادة الأمة ، ومهرها ، ونتاج الماشية ، واللبن ، والصوف ، وخراج العبد ، وتمر النخل ، والشجر ، يكون له ذلك مجانا إلا الولد والسمن يردهما مع الأصل ، وقاله ( ش ) وابن حنبل وزادا : لا يرد الولد ; لأنه غلة ، وقال ( ح ) : الزوائد تمنع الرد بالعيب ، ونقض أصله بالغلة والكسب . وحدوث الزوائد قبل القبض ، وهلاكها في يد المشتري بعد حدوثها . لنا القياس على هذه النصوص ، ولأن الفسخ لا يتناول إلا ما تناوله العقد ، ولم يتناول العقد الزوائد ، بل استفادها المشتري بملك فلا يتناولها حكم الفسخ كما لا يتناولها حكم البيع إذا حدثت عند البائع ، ولما في أبي داود : أن رجلا اشترى عبدا فاستغله ما شاء الله ثم [ ص: 76 ] وجد به عيبا فرده ، فقال : يا رسول الله إنه استغل غلامي ، فقال عليه السلام : ( الخراج بالضمان ) وأما السمن ونحوه فتبع للسمن في الفسخ كما يتبعها في العقد ، احتج بأنها ناشئة عن عين المبيع فلا يرده بالسمن ، ولأنه لو وقع الفسخ عليها لزم خلافه الإجماع ، ولأن العقد لم يتناولها فلا يتناولها الفسخ ، ولو وقع على الأصل فقط لا يملك الزوائد من موجب العقد ، ولا يمكن رفع العقد مع بقاء موجبه .

والجواب عن الأول : أن السمن متصل بلحم المبيع لا بمن نزعه ، وعن الثاني : أن الفسخ وقع في الأم والزوائد بموجب الملك لا بموجب العقد ، كما يبقى للبائع تبقى للمشتري .

احتج ( ش ) وابن حنبل على رد الولد بأن الخراج بالضمان ، والولد خراج ، وبالقياس على الثمرة .

والجواب عن الأول : لا نسلم أن الولد يسمى خراجا ، بل هو كالعضو يتبع الأبوين في العقود كالكتابة والتدبير وغيرهما ، والاكتساب لا يتبع ، وعن الثاني : أن الولد على خلق أمه فيتبعها في العقود والفسوخ ، بخلاف الثمرة .

تفريع : قال اللخمي : الخراج بالضمان إذا كان المبيع لا غلة فيه يوم البيع ولا يوم الرد ، واعتل فيما بين ذلك فإن اشترى شاة لا صوف عليها ثم حدث فجزه ثم وجد عيبا رد ، وكان له ما جزه وقت جزازه أو قبله ، فإن قام بالعيب قبل الجزاز فهو يكون غلة بالتمام أو بالغل أو بالجز قياسا على الثمار ، هل يكون غلة بالطيب أو باليبس أو بالجذاذ ؟ وإن كان الصوف تاما عند العقد ، قال ابن القاسم : يرد ; لأنه مبيع أو مثله إن كان فائتا ، وقال أشهب : هو له ; لأنه غلة ، والأول أحسن ويخير بين غرم مثله أو قيمته ; لأنه قريب ، فإن عاد [ ص: 77 ] صوف آخر جبر الصوف بالصوف ، وهو ليس من جبر العين بالولد ، والولد ليس بغلة ، ولا يغرم ما حلب إذا لم تكن مصراة عند البيع ، وإن كانت مصراة عند الرد له حلبه ; لأن الحلب كالجذاذ والجز ، وإن اشتراها بثمرة مأبورة قال ابن القاسم : يردها وإن جذت ، أو مكيلتها إن فاتت ، أو القيمة إن جهلت لأنها مبيعة ، قال : وأرى أن تمضي بما ينوبها من الثمن ; لأنها مبيعة تمت وانتقلت في ضمان المشتري ، وكذلك إذا طابت ولم تجذ ، وإن كانت غير مأبورة فتمت لم يكن لها قسط من الثمن ، وخالف أشهب ، وفي المقدمات : إذا اشتراها ولا ثمرة فيها فيجدها معيبة قبل حدوث ثمرة فله ردها ، ولا يرجع بسقي ولا علاج ; لأنه أنفق لنفسه ، وقيل : يرجع على مذهب ابن القاسم ; لأنه غير متبرع وينبغي أن تجري على اختلاف قوله في الرد بالعيب هل هو نقض للبيع أو ابتداء بيع ؟ فإن حتى كان ثمرا فوجد العيب مثل الثاني فله الرجوع بالسقي والعلاج عند ابن القاسم وأشهب خلافا لسحنون وعبد الملك ، فإن جذ الثمرة في هذه الحالة فكجذاذه قبل الإبار ، وفي الوقت الذي تكون الثمرة غلة للمبتاع في الرد بالعيب والبيع الفاسد والاستحقاق أربعة أقوال : الإبار ; لأنها قد صارت فعلا به في حالة تكون للبائع في البيع ، وبالطيب ; لأنه وقت البيع مفردة دون الأصول ، وكالجذاذ ; لأنها قبل الجذاذ حاصلة في الأصول ، تبع لها فتتبع الأصول كغير المؤبر ، فإن اشتراها بثمرة ولم تؤبر فوجد العيب قبل التأبير ، قال ابن القاسم وأشهب : يردها ويرجع بالسقي والعلاج ; لأنه غير متبرع بل أنفق على ثمن الملك وقد فات ، وفي ( المدونة ) ما يقتضي عدم الرجوع ، فإن جذ الثمرة قبل القيام بالعيب كان نقضا يوجب الخيار بين الرد ويرد ما نقص أو الإمساك والرجوع [ ص: 78 ] بقيمة العيب ، فإن اشتراها بثمرة لم تؤبر فوجد العيب بعد التأبير فكالمشتري بغير ثمرة يجد العيب بعد كما تقدم ، فإن اشتراها بثمرة لم تؤبر فوجد العيب وقد طابت فكالمشتري بغير ثمرة ثم يجد العيب عند الطيب كما تقدم ، فإن اشتراها بثمرة مأبورة فوجد العيب قبل الطيب ردها بثمرها عند الجميع ، ويرجع بالسقي والعلاج عند ابن القاسم وأشهب ، فإن جذ الثمرة قبل وجدان العيب خير بين الرد وما نقص ، أو يمسك ويرجع بقيمة العيب كجذه قبل الإبار ، فإن اشتراها وفيها ثمرة مأبورة فيجد العيب بعد الطيب ردها بثمنها عند ابن القاسم ، ويرجع بالسقي والعلاج ولم يمضها إذا فاتت بما ينوبها من الثمن كما أمضاها في الشفعة ، وعند سحنون اختلافا من قوله ، وفرق ابن عبدوس بين المسألتين ، وقال أشهب : إن جذت فهي غلة فيتحصل فيها أقوال : برد معا مطلقا للمبتاع تمضى بما ينوبها من الثمن . وإذا قلنا بالثاني أو الثالث ففي حد ذلك ثلاثة أقوال : الطيب البين ، الجذاذ ، ولو ذهبت الثمرة بجائحة هاهنا في هذا الوجه ، رد ورجع بجميع الثمن ، فإن اشتراها بثمرة قد طابت ردها بثمرها ; لأنها مبيعة ، فإن فاتت فالمكيلة إن عرفت وإلا مضت بما ينوبها من الثمن ورد النخل بما ينوبها ، وقيل : يرد قيمة الثمن ويرجع بجميع الثمن ، فهذه عشرة أوجه ، والرد بفساد البيع كذلك في جميع الوجوه غير الخيار لأحد المتبايعين ، وجذاذ الثمرة قبل الإبار ، أو بعده وقبل الطيب فوت .

نظائر : قال العبدي : توخذ الثمرة في خمس مسائل : الرد بالعيب والشفيع والمستحق إلا اليسير ، فإذا يبست فلا يأخذها ، وكذلك إذا تولدت بعد اليبس أو البيع الفاسد والفلس ما لم تزايل الأصول ، ابن رشد : الغلة للمشتري في هذه الخمس الثمرة وغيرها .

[ ص: 79 ] فرع

قال اللخمي : له الانتفاع بالدار والحائط زمن المخاصمة حتى يحكم بالفسخ ; لأنها على ملكه ، وليس له وطء الجارية ولا لبس الثوب بعد معرفة العيب ، بخلاف الأولين ; لأن اللباس ينقص ، والوطء يعتمد استقرار الملك ، فإن فعل كان رضا بالعيب ، وقال مالك في العبد والدابة : إن كان البائع والمشتري حاضرين لزمه العيب إن استعمل ، وخالفه ابن حبيب ; لأن الغلة بالنفقة فصارت الغلات ثلاثة أقسام : قسمان متفق عليهما ، وقسم مختلف فيه ، فإن علم بالعيب بالدابة في سفره فركب فهل يكون رضا ؟ قولان لمالك ، نظرا لكونه كالمكره بالسفر أم لا ، وكذلك يجري الخلاف إذا وجد العيب بعد غيبة البائع ; لأن الرفع للحاكم مما يشق على الناس .

فرع

قال ابن يونس : إن جهل الصوف بعد فوته حيث يرده رد اللحم بحصتها من الثمن فرع

في ( الكتاب ) : إذا انتزعت مال العبد ، ثم رددته رددت ماله ، فإن هلك قبل انتزاعك لم يلزمك بجزء من الثمن ; لأنك لم تشتره بل مال العبد ، وكذلك هلاك الثمرة بأمر سماوي قبل جذاذها .

فرع

في ( الكتاب ) : إذا نقضت الثوب بلبسك رددت النقص في التدليس وغيره ; لأنك صونت به مالك .

[ ص: 80 ] فرع

قال اللخمي : إذا نقل المبيع ثم عيب دلس به قبل الكراء على المبتاع ; لأن التسليم عليه ، وقيل : على البائع ; لأنه غر فإن لم يدلس قال ابن حبيب : يرفع ذلك للإمام في ذلك البلد ويباع على البائع ، وعلى قول سحنون : النقل فوت ويرجع بالعيب ولا يلزم البائع قبوله في البلد الآخر ، قال : وهو أحسن إلا في العبد والذي كلفه في رجوعه ، فإن وجد البائع في ذلك البلد ماله حمل ورضي البائع بقبضه ، وقال المشتري : أمسك وأرجع بالعيب على قول ابن حبيب ذلك للبائع ; لأن الأصل في الرد بالعيب ، وعن مالك : المشتري بالخيار بين الرد وبين وضع قدر العيب ; لأنه قد تضرر بفوات مصلحة النقل ، وكذلك اختلف في الغاصب فالمشتري أولى فلا بد من اجتماع البائع والمشتري ، فإن كان لا حمل له فالمقال للبائع إذا كان الطريق عامرا ، وإلا فلا مقال لواحد منها ، وإن كان البائع مدلسا وعالما أن المشتري ينقل جبره المشتري على القبول مطلقا ، وإن كان مثليا كان للمشتري دفع مثله ببلد العقد وجبره على الأخذ هاهنا إن دلس ، وإلا فلا .

فرع

في الكتاب : إذا اشترى المكاتب أو المأذون ثم عجز المكاتب وحجر على المأذون ، فللسيد القيام بما لهما في العهدة والرد بالعيب أو الرضا بهما لعود استيلائه عليهما ، ولو رضيا قبل ذلك بغير محاباة ، أو شهدت البينة ببراءة البائع من العيوب لزم ، قال اللخمي : إذا باع المكاتب فللمشتري الرد عليه بعد عجزه ، ويباع له ويتبع بما نقص ، وله الفضل ، قال ابن يونس : إذا كان على المكاتب دين ورضي البائع بالرد فهو أسوة الغرماء ، وقيل : هو أحق بالمبيع كالحر .

[ ص: 81 ] فرع

قال ابن يونس : قال ابن القاسم في الكتاب : إذا بعت العبد من نفسه بأمته لم ترد عليه بالعيب ، وكأنك انتزعتها وأعتقته ، ثم رجع إلى ردها واتباعك إياه بقيمتها نظرا لصورة المعاملة ، قال ابن القاسم : ولو كانت في يد غيره عند العقد رددتها عليه واتبعته بقيمتها لا بقيمته ; لأنها مورد العقد ، وكأنك إذا قاطعت المكاتب على عبده اتفاقا ; لأنك غير قادر على أخذ ماله بخلاف العبد ، وإن أعتقت عبدك على عبده اتفاقا ; لأنك غير قادر على أخذ ماله ، بخلاف العبد وإن أعتقت عبدك على عبد موصوف ثم ظهر معيبا رجعت بمثله فترجع الرطب ثلاثة : في المعين لا ترجع فيه بشيء ، وفي الموصوف ترجع بمثله ، وفي المعين لغيره ترجع بالقيمة ، ولو قبضت عبدا من مسلم فمات في يدك ثم ظهرت على عيب رددنا القيمة لضمانك بالقبض ، ورجعت بمثله توفية بمقتضى العقد ، وعن سحنون : يرجع غير أن الأرش الربع ويكون شريكا وهو القياس ; لأنك قبضت العقود عليه إلا حصة العيب ، والأول استحسان نفيا لضرر الشركة ، وقال ابن عبد الحكم بالأرش من القيمة لا من الثمن ، بخلاف العبد المعين ; لأنه ينفسخ العقد فيه بالرد ، وهاهنا يرجع بالمثل مالا .

التالي السابق


الخدمات العلمية