صفحة جزء
فرع

قال : إن اشترى على البراءة ، وباع على العهدة ، ولم يخير بذلك قال مالك : للمشتري الرد ; لأن البراءة توهم العيب ، وعنه : خلافة لعدم تعين العيب ، قال مالك : لا يبع بالبراءة من اشترى على العهدة ; لأنه ضمن للمشتري بالعيب ، ويرجع به هو على بائعه فكأنه أخذ ثمنين ، فكذلك إذا اشترى بعهدة الثلاث ، ثم باع من يومه بالبراءة فيموت في الثلاث ، ويرجع على البائع .

قال ابن القاسم : إذا اشترى بالبراءة ، وباع بالعهدة فوجد الثالث عيبا رده على الأوسط ، وعلى الأول اليمين ، وقال في عبد تناوله ثلاثة نفر بالبراءة فوجد الأخير عيبا كان عند الأول ، حلف الوسط : ما علمه وليس بين الأول والآخر شيء لعدم المعاملة .

[ ص: 96 ] فرع

لم يختلف في علي الجواري أنهن لا يبعن على البراءة في بيع السلطان وغيره ، إلا أن يكون ملك امرأة أو صبي أو منفعة السبي خشية توقع الحمل .

فرع

قال صاحب النكت : قال ابن حبيب : إنما تجوز البراءة في الرقيق بعد طول اختباره ، فإن لم تطل إقامته عنده ولا اختبره كره له ; لأنه يشبه المخاطرة ، قال أصبغ : فإن وقع مضى .

فرع

قال ابن حبيب : وبرئ من كل عيب لم يعلمه ، وإن أتى ذلك على جل الثمن عند مالك وأصحابه إلا المغيرة ، قال : إلا أن يجاوز الثلث .

فرع

قال اللخمي : فلو لم يذكر قدر العيب ولا تفصيله قال ابن القاسم : البيع جائز ، وإن كان قليلا لزم المشتري ، وقال أشهب : يفسد للغرر .

فرع

قال ابن يونس : حوريا البراءة فيجوز أن توضع بعد العقد بدينار ، ويرجع بالعيوب ; لأنه الأصل .

فرع

قال صاحب المنتقى : لم أر لأحد من أصحابنا ضابط ما تدخله البراءة ، وضابطه : أنها تدخل في كل عقد معاوضة ليس من شرطه التماثل احترازا من [ ص: 97 ] القرض ، فإن من شرطه التماثل ، واشتراط البراءة فيه ، وفي القضاء يمنع التماثل لجواز أن يكون بأحدهما من العيوب ما ليس في الآخر ، والحيل بالتماثل كالتفاضل .

فرع

قال : ومقتضى اختصاص البراءة إذا وقعت في الحيوان أن يفسخ ، والمنقول عن مالك صحة البيع وبطلان الشرط ، وقال أشهب : لا أفسخه في الحيوان ، وأفسخه في العروض إلا أن يطول .

فرع

قال : إذا قلنا : بيع السلطان في المغنم والميراث والتفليس بالبراءة ، فباع ولم يبين أن المبيع من ذلك ، فعند مالك : للمشتري القيام لعدم الرضا بالبراءة ، وقال أصبغ بنفيها ; لأن بيع السلطان وبأسه لا يخفى ، وأما بيع الوصي والورثة فلا بد من علم المبتاع ; لأنه قد يخفى .

فرع

قال : الذي تقع فيه البراءة خاص وعام ، والأول ثلاثة أقسام : متفق على جوازه ، ومتفق على منعه ، ومختلف فيه ، فالأول : البراءة من حمل الأمة الظاهر ، والثاني : من حمل أمة أقر البائع بوطئها ; لأن الإنسان لا يبرأ من ولده ، ويفسد العقد على الصحيح للشرط الباطل ، وعن مالك : لا يفسد ، والثالث : من حمل الرائعة الذي لم يظهر ولم يقر بوطئها . منعه مالك في الدابة لعدم على قول ابن حبيب الجواز ، وقاله ( ش ) فإن دفع بعد العقد دينارا للبراءة منعه مالك في الدابة لعدم تعين العوض ، وحصره ابن حبيب في الجارية دون الدابة ، كما يجوز شراء طلب العبد بعد العقد ، وأما البراءة العامة مما لا يعلم ، فتصح عند [ ص: 98 ] مالك في كل عيب إلا حمل الرائعة ، كان العيب ظاهرا أو خفيا .

المانع الثاني : فوات العقود عليه حسا بالتلف ، أو حكما بالعقد والاستيلاد والكتابة والتدبير ; لأن الرد بالعيب فرع وجود العين ، وحيث لا عين لا رد ، وفي الكتاب : باع عبدا بثوبين فهلك أحدهما ووجد الآخر معيبا وهو وجه الصفقة رده وقيمة الهالك ، وأخذ العبد ، فإن فات بحوالة سوق أو تغير بدن ، والثاني ثلث القيمة أو ربعه رجع بحصة ذلك من قيمة العبد لا في عينه نفيا لضرر الشركة ، ولو كان العيب بالعبد رده مشتريه ، فإن كان الحاضر أرفع الثوبين ولم يفت بحوالة سوق أو غيره أخذ مع قيمة الهالك ، وإن فات بتغير سوق أو غيره أو لم يفت وليس وجه الصفقة ، أسلمه وأخذ قيمة ثوبه ما بلغت ، قال ابن يونس : قال أبو محمد : معنى قوله ثلث القيمة يريد : أو النصف ، أو الثلثين ، فإنه يرجع بحصته من قيمة العيب لا في عينه ; لأن العبد لما فات وجب الرجوع في قيمته ، والقيمة عين فصار الشراء فلا ينظر هل المعيب وجه الصفقة أو لا ؟ قال محمد : إن كان المعيب أدنى الثوبين وقد فات الأرفع أم لا والعبد لم يفت ، رد المعيب وحده ، ورجع بحصته من قيمة العبد لا في عينه لضرر الشركة ، وقال أشهب : بل في العبد ; لأنه الثمن ، وعلى رأيه : لا يراعى وجه الصفقة في العيب ; لأنه لا يراعى ضرر الشركة ونحوه له ، فمن باع جارية بجاريتين قيمتها سواء يرجع في المعيبة بنصف القيمة فاتت أم لا ، وقال أشهب : يرجع في عينها ، قال محمد : إن كانت المعينة أرفعها ونقص بدنها ردهما وأخذ جاريته ، إلا أن تفوت بسوق أو بدن ، فقيمتها يوم خروجها من الاستبراء ، وإن لم تفت المعينة لا المنفردة وفاتت الدنية رد المعينة وقيمة الدنية مطلقا لحصتها ; لانتقاض البيع ، ويأخذ جاريته ، وإنما يفيت المنفردة عيب مفسد ، وإن فاتت المنفردة فقط في سوق أو بدون رد المعينة فقط ورجع بقيمتها من قيمة صاحبتها إن فاتت الدنية فيأخذ تلك الحصة من قيمة المنفردة ، وإن لم تفت الدنية ردها مع المعينة وأخذ قيمة المنفردة ، وإن فاتت بقيمتها يوم القبض ، قال [ ص: 99 ] صاحب التنبيهات : جعل في الكتاب : تغير السوق مفيتا للعرض المعيب ; لأنه إذا كان قائما ، فإنما يرد بالحكم فأشبه البيع الفاسد ، وعنه : خلاف ذلك ولا خلاف أن حوالة السوق لا تفيت الرد بالعيب .

فرع

في الكتاب : قال ابن حبيب : إذا احتلفا بعد ضياع ما يغاب عليه فقال البائع : ملكتك فركبت ، وقال المبتاع : بل منعتني إن علم هلاكه فمن المبتاع ، وإلا صدق مع يمينه ، إلا أن تقوم بينة على تمكين البائع وامتناع المبتاع ، وقاله ابن القاسم ; لأنه غارم .

فرع

في الكتاب : إذا قبض الجارية بعد شهرين وحوالة السوق ، ثم ماتت عنده ، ثم ظهر عيبها لتقويم العقد لأنه صحيح بخلاف الفاسد ، لا يضمن إلا بالقبض ، وإن ماتت عند المبتاع أو تعيبت بعد قبض الثمن فضمانها من المبتاع ، وإن كان البائع حبسها بالثمن كالرهن ، هذا إذا لم يكن فيها مواضعة ، وقال عن المحبوس بالثمن من البائع وضمان الجارية من المبتاع ، وإن هلكت عند البائع حتى يقضى له بالرد بالعيب أو يبرئه البائع منها ، وينفذ عتقها من المبتاع ; لأنها ملكه ، وله الرضا بالعيب دون عتق البائع ، بخلاف البيع الفاسد لعدم الملك ، إلا أن يعتق المبتاع قبل عتق البائع ، فقيمتها ذلك .

قال ابن : اختلف قول مالك في ضمان العبد إذا لم ينفذ ، نظرا إلى أن المحبوس بالثمن كأنه لم يملك أو إلى أن العقد باطل ، قال ابن القاسم : ولو قبض الجارية ثم أشهد على البائع أنه لم يرض بالعيب ثم ماتت بعد الإقالة أو أصابها عيب فمن المشتري لضمانها بالقبض ، وقال محمد : من البائع ، كما لو استوجب سلعة قريبة [ ص: 100 ] العينة فإنها من المشتري قبل القبض ، فإن امتنع البائع من الإقالة فيقضى عليه فمن المشتري ; لأنه لم يوجب الإقالة على نفسه ، وقال مالك : أيضا من البائع ، قال صاحب التنبيهات : قال أشهب : إذا أعتق البائع في يد المشتري لا يعتق عليه إذا رجع إليه ; لأنه في ضمان غيره ، فإن كان في يد غيرهما نفذ عتق السابق منهما ، وإلا فعتق صاحب الحوز ; لأنه أملك به ، وقال : إذا أشهد المبتاع أنه غير راض بالعيب برئ منه إلا أن يطول الأمر حتى يرى أنه راض .

فرع

في الكتاب : إذا تصدق بها أو وهبها لغير ثواب فهو فوت ، ويرجع بقيمة العيب لتعلق حق الغير ، وإن باعها أو وهبها للثواب أو أجرها أو رهنها فلا يرجع بشيء ، فإذا زالت الإجارة أو الرهن فله الرد ، فإن تعيبت رد نقصها ، وقال أشهب : إن افتكها حين علم بالعيب فله ردها ، وإلا رجع بما بين الصحة والعيب ، قال ابن يونس : قال ابن حبيب : إذا قرب الأجل في الإجارة أو الرهن نحو الشهر أخر إلى انقضائه ، وإلا ففوت ، وإن باع مع العلم بالعيب فقد رضيه ، وإلا فلم ينقص للعيب ، قال مالك : لو ادعى بعد البيع العيب لم تكن له المطالبة ; لأنه لو ثبت لم يوجب عليه شيئا إلا أن يرجع إليه بشراء أو ميراث أو صدقة أو بعيب أو غير ذلك ، فله الرد على البائع ، وقاله ( ش ) وابن حنبل ، وقال ( ح ) : ليس له رده إلا أن يكون البيع بحكم حاكم ; لأنه أسقط حقه من الرد بالعيب فلا يرد ولو رضي به .

وجوابه : أن الرد امتنع لعجزه عنه ، ويرد بعد التمكن كما لو امتنع لغيبة البائع ، وقال الأئمة لا يرجع قبل الشراء بشيء ; لأنه استدرك ظلامته بالبيع ، وقياسا على زوال العيب كما قال مالك ، وقال أشهب : إذا رجع بشراء ولم يعلم بعيبه ، فله الرد على البائع الأخير ; لأن عقده يقتضي عهدته ، ثم هو مخير في الرضا والرد على المشتري الآن لأن العهدة الآن عليه ، فإن رده عليه فله رده على البائع الأول بالأقل من تمام الثمن الأول ، أو قيمة العيب ، ولو باعه المشتري [ ص: 101 ] الثاني من المشتري الأول بأقل مما اشتراه فله الرجوع على المشتري الأول بتمام ثمنه لا بالأقل ; لأن له رده عليه وهو الآن في يديه ، ولو باعه من غيره بأقل فرضيه مشتريه لم يرجع إلا بالأقل ، ولو وهبه من المشتري الأول ، أو تصدق به عليه رجع بقيمة العيب من الثمن الذي اشتراه به منه ، وللمشتري الأول الرد على البائع الأول وأخذ جميع الثمن الأول ، ولا يحاسبه ببقية الثمن الذي قبضه من الواهب ; لأن الثاني وهبه غيره ولورثة المشتري الأول ، فله رده على البائع الأول وأخذ جميع الثمن ; لأن ما وجب للميت قد ورثه المشتري الأول عنه ، قال محمد : إن كنت نقصت من الثمن لأجل العيش لظنك حدوثه عندك وتبين عيبه رجعت بالأقل ، وقال ابن عبد الحكم : بل بقيمته كاملة ، قال ابن حبيب : إن بعته بالثمن فأكثر ثم رجعت بشراء أو ميراث أو هبة قضي عليك بعدم الرجوع لخروجه بمثل الثمن فلا رجوع ، وإلا فلك الرجوع ، قال أبو محمد : بل لك الرد قضي عليك أم لا ، لانتقاض السبب المانع من الرد ، ولو فاتت عند المشتري الثاني ورجع عليك فلك الرجوع على البائع الأول بقيمة العيب ما لم تكن أكثر ، غرم الثالث ، فلا ترجع إلا بما غرم الثالث .

فرع

في الكتاب : إن ولدت من غيره ردها مع ولدها أو أمسكها ; لأنه . . . . فإن مات ولدها فله ردها والرجوع بالثمن كله ; لأن الولد غير مبيع إلا أن تنقصها الولادة فيرد نقصها ، فإن فاتت لم يكن له رد الولد مع قيمة الأم يوم العقد بغير ولد لهلاك المبيع بجملته ، قال أشهب : إلا أن يأخذ من القاتل في قيمتها مثل الثمن ; لأن الرد بالعيب نقض للعقد من أصله ، فالمأخوذ للبائع يسد عنه مسد الثمن ، قال صاحب تهذيب الطالب : إذا اشتراها حاملا فولدت عنده لم يحدث عنده عيب إذا لم تنقصها الولادة ، وإذا ردمها ردما أخذ [ ص: 102 ] الولد من ثمن أو قيمة بخلاف المفلس ببيع الولد ، وقال أصبغ : يرد في العيب من الثمن قدر قيمته كأنه اشتراه مع أمه مولودا . وإن مات الولد ردها ولا شيء عليه فيه ، وإن مات أو قتلت رجع بأرش العيب ، قال أشهب : إلا أن يقول البائع : أخذ ما أخذ في الولد من ثمن أو قيمة أو الولد نفسه إن كان باقيا ، أو قيمة الأم إن أخذت لها قيمة فذلك له ، وإلا فعليه قيمة العيب أو ما نقص من الثمن بعد أن يحسب عليه ، وما أخذ من قيمة أو ثمن ، ويرجع القاتل عليه بقيمة العيب يوم القتل ; لأنه دفع مقابلة ذلك الوقت إن لم يعلم به ، ويضم لقيمة الأم ما أخذ في الولد من ثمن أو قيمة ، ويرجع بما بقي على البائع ، قال أبو محمد : ومعنى قول أشهب في الكتاب : إذا قتلت الأم رجع بقيمة العيب إلا أن يكون أخذ في القيمة بمثل الثمن يريد : أو كانت القيمة مثل حصة العيب من الثمن ; لأنه إنما يرجع بالعيب ، وقال ابن شلبون : بل معناه مثل رأس ماله ، قال بعض الشيوخ : وقول أشهب خلاف قول ابن القاسم ; لأنها تقوم على القاتل معيبة فتبقى حصة العيب عند البائع ، وقول أشهب في الكتاب : إذا ماتت الأم فللبائع أخذ الولد ورد الثمن كله خلاف قول ابن القاسم ، بل يرجع بقيمة العيب ; لأن الولد لو هلك مع بقائها لم يعتبر ، ولو جرحت الأمة موضحة ردها ، ولا يرد الأرش ; لأنها لا ينقصها ، قال صاحب البيان : زيادة المبيع إما في الحال بالصنائع والأموال فليس فوتا اتفاقا ، أو في العين ، وهي ثلاثة أقسام : الولد ، والكبر ، والسمن ، ففي الولد قولان ليس بفوت بل له الرد ، ورده أو ثمنه إن باعه ، وقيل : فوت ، وفي كبر الصغير وسمن الجواري قولان .

فرع

قال ابن يونس : قال ابن الكاتب : الهبة للابن الصغير ليس بفوت لقدرته [ ص: 103 ] على الانتزاع ، فلا يكون له الرجوع بأرش العيب ، وقال ابن حبيب : فوت لتعلق حق الأرش .

فرع

قال بعض الشيوخ : إذا بلغ بالمرض حد السياق ، فأخذ أرش العيب ، ثم عجز المكاتب وصح المريض ، لا ينقض الحكم ، لأن سببه كان محققا .

التالي السابق


الخدمات العلمية