صفحة جزء
[ ص: 146 ] فرع

في الكتاب : إذا باع الذمي الطعام قبل قبضه أكره للمسلم شراءه ، وكذلك لا يحيلك على طعام سلم قبل قبضه ، قال سند : سواء قلنا : هم مخاطبون بالفروع أم لا ; لأن منع بيع الطعام قبل قبضه يمنع شراءه ، فيحرم على كل أحد شراء طعام لم يستوفه مبتاعه ، فلو باعه الذي من ذمي لم يعرض لهما ، كما لم يعرض لهم في عقود الخمر وغيره ، إلا أن البائع الأول إن كان مسلما لا يدفع الطعام إلا للذي اشتراه منه ، وهاهنا يأتي التخريج على خطابهم بالفروع ، فإن قلنا : مخاطبون بالفروع امتنعت معاونتهم على ذلك ، وإلا فلا شيء على البائع ، ويحكم الحاكم للمبتاع أخيرا بقبض الطعام إذا ثبتت معاملتهم ، وكره مالك معاملة الذمة ، لما في أيديهم من العقود الفاسدة .

فرع

في الكتاب : يمتنع أن يعطيك ما تشتري به بعد الأجل طعامك ; لأنه بيع الطعام قبل قبضه ، إلا أن يعطيك مثله رأس مالك صفة ومقدارا ، فيجوز بمعنى الإقالة ، قال سند : فإن قيل : قد منع ابن القاسم أن يقول البائع : بعني الطعام الذي لك علي بعشرة ، ورأس المال عشرة . حتى يلفظ بلفظ الإقالة ، وأجازه هاهنا قبل التلفظ ، قلنا : إنما منعه حيث صرح ببيع ما يمتنع بيعه ، فوازنه هاهنا : ابتع لي مدا طعاما وأقبضه من سلمك قبل أن يستوفيه ، أما [ ص: 147 ] إذا لم يذكر ذلك ، فإنما وقعت الوكالة على ما يجوز ، فلا يتهمان هاهنا إلا في الإقالة ، وهي جائزة ، فإن دفع إليه أكثر من رأس ماله على وجه الوكالة والعوض ، أو الطعام رد إن لم يفت ، وإن قال المأمور : ابتعت به كفاف حقي قال محمد : لا يصدق ويرد الذهب ، ويرجع بحقه إلا أن تقوم بينة على القبض باسم صاحبه ، ثم يقبضه بعد ذلك ثم يقر ; لأن المنع للتهمة فإذا دفع إليه أقل : فرق ابن القاسم بين العروض والطعام ; لأن الإقالة في الطعام إنما تكون بمثل رأس المال ، وجوزه أشهب لضعف التهمة ، وحمل على الوكالة ، قال ابن يونس : يجوز إذا دفع مثل رأس المال أو أقل منه ليشتري لنفسه فزعم أنه فعل ، صح .

فرع

قال ابن يونس : يجوز أخذ خمسة محمولة في عشرة سمراء بعد الأجل على معنى الإسقاط ، ويمتنع على وجه الصلح والتبايع ; لأنه بيع الطعام قبل قبضه ، وكذلك السمراء من الحمولة .

تمهيد : قال سند : اختلف العلماء في سبب منع بيع الطعام قبل قبضه فقال أبو الطاهر : هو معلل بالعينة وهي سلف في أكثر منه ، فيتوسلون له بذلك ، فلما كثر ذلك في الطعام نهي عنه ، والمذهب كله على المنع وإن ظهرت السلامة من القصد لذلك ، إلا أبا الفرج أمضاه إذا ظهرت السلامة بأن لا [ ص: 148 ] يكون المتبايعان من أهل العينة ، قال اللخمي : الأحسن أن يكون ذلك تعبدا ; لأنه لو كان لأجل العينة ، لجاز بيعه من بائعه بأقل ، ويلزم استواء الطعام والعروض ، قال سند : العلة كون الطعام غذاء للإنسان وحافظا بنيته الشريفة لطاعة الله تعالى ، وسبب العون على السعادة في الدنيا والآخرة ، فكل ما شرف قدره عظمه الله بكثير شروطه ، وهذا هو شأن الشرع في كل ما عظم خطره كالنكاح سبب العفاف واستمرار النسل والمكاثرة بهذه الأمة الشريفة .

فاشترط الشرع فيه الولي والصداق وغيرهما تفخيما لقدره ويشكل عليه بالقرض والهبة والصدقة والميراث وأعطيات الناس من بيت المال ، ويمكنه أن يجيب بأن هذه كلها اشتركت في معنى الإحسان والمعروف ، فوسع الشرع فيها تسهيلا لطرق المعروف ليكثر وقوعه ، وقال ابن حنبل وجماعة من العلماء : إنما امتنع لاحتمال هلاك الطعام قبل القبض ، فينفسخ العقد ، فيكون العقد الثاني عقد غرر ، وهو ضعيف لأن الأصل : السلامة ، وبقاء الطعام وتلفه نادر ، فيكون أحسن الأقوال قول سند .

نظائر : قال العبدي : يجوز بيع الطعام قبل قبضه في خمس مسائل : الهبة ، والميراث على اختلاف ، والاستهلاك ، والقرض ، والصكوك ، وهي أعطيات الناس ، واختلف في طعام الخلع والمستثنى من الطعام .

التالي السابق


الخدمات العلمية