صفحة جزء
القسم الرابع من الكتاب : في مقتضيات الألفاظ لغة وعرفا وهي عشرة ألفاظ :

الأول : في الجواهر : لفظ التولية يقتضي نقل المالك إذا قال : وليتك ، وبهذا العقد انتقل الملك إليه بالثمن الذي تقرر ، وهو ملك متجرد ، والعلة المتجددة الأولى ; لأنه كان ضامنا ، وتتجدد الشفعة بحدثان هذا البيع ، ولوحظ على المولي بعض الثمن سقط عن المولى ; لأنه في الثمن كالبناء ، وفي نقل الملك كالابتداء .

اللفظ الثاني : الشركة ، وفي الجواهر : إذا قال : أشركتك في هذا العقد : حمل على النصف على المنصوص لابن القاسم ; لأن التساوي هو الأصل .

اللفظ الثالث : الأرض ، ففي الجواهر : تندرج تحتها الأشجار والبناء دون الزرع الظاهر ، كمأبور الثمار ، فإن كان كامنا اندرج على أحد الروايتين .

وتندرج الحجارة الخلوقة فيها دون المدفونة إلا على القول بأن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها .

وقال ( ش ) : لا يندرج في لفظ الأرض البناء الكثير ، ولا الغرس ، ويندرج في لفظ الدار : الخشب المسمر ، والسلم المنتقل ، ويندرج المعدن في لفظ الأرض ; لأنه من أجزائها ، بخلاف الكنز والحجارة المدفونة ، وقال ابن حنبل : يندرج في الأرض البناء والغرس .

وفي الدار الأبواب والخوافي المدفونة ، والرفوف المسمرة ، وما هو من مصالحها دون الحجر المدفون ; لأنه كالوديعة ، وتندرج الحجارة المخلوقة فيها والمعادن دون الكنوز ، قال [ ص: 156 ] صاحب البيان : إذا ظهر الزرع فللبائع إلا أن يشترطه المبتاع ، ومنع مالك بيع الأرض فيها بزر بأرض ليس كذلك في المدونة ، وجوزه سحنون ، وجوز أيضا بيعها وفيها بزر بطعام نقدا أو إلى أجل ; لأنه لا حصة له من الثمن عنده .

اللفظ الرابع : البناء ، وفي الجواهر : تندرج فيه الأرض .

اللفظ الخامس : البستان ، والحديقة ، والجنان يستتبع الأشجار ، وقاله ( ش ) .

اللفظ السادس : لفظ الدار ، ففي الجواهر : يندرج فيه الثوابت ومرافق البناء كالأبواب والأشجار والرفوف والسلم المثبت دون المنقولات .

اللفظ السابع : لفظ العبد ، وفي الجواهر : لا يتناول ماله ، ويتناول ثيابه عليه إذا أشبهت مهنته ، فلو اشترط تسليم الأمة عريانة سقط الشرط وعليه مواراتها ; لأنه شرط محرم .

اللفظ الثامن : لفظ الشجر ، ففي الجواهر : تندرج تحته الأرض والأغصان والأوراق والعروق ، واستحقاق البقاء مغروسا ، والثمرة غير المؤبرة دون المؤبرة ، وكل ثمرة ظهرت للناظر ، وقال ابن حنبل : لا تندرج الأرض في الشجر لتباين الاسم ، ولا هي تبع في البيع ، وبقولنا في الثمار قال الشافعي وابن حنبل ، وقال ( ح ) : للبائع مطلقا إلا أن يشترطها المبتاع ; لأنها لا يجوز إفرادها بالبيع فلا تتبع أصلها كالمؤبرة .

وجوابه : إفراد الشيء بالعقد لا يوجب عدم التبعية ، كسقف الدار وعرصتها ، ثم لو سلمنا حجة القياس فهو معارض بما في الموطأ قال عليه [ ص: 157 ] السلام : ( من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع ) ومفهومه يقتضي : إذا لم تؤبر للمبتاع ، ولأنه عليه السلام إنما جعلها للبائع بشرط الإبار ، فإن انتفى الشرط انتفى المشروط ، فالأول مفهوم الصفة ، والثاني مفهوم الشرط ، وهذا ضعيف من جهة أصحابنا ، فإن الحنفية لا يرون المفهوم حجة فلا يستدل عليهم به ، بل نقيس الثمرة على الجنين إذا ظهر لن يتبع الأصل ، وإلا تبع ، أو نقيسها على اللبن قبل الحلاب ، واستتار الثمار في الكمام كاستتار الأجنة في الأرحام واللبن في الضروع ، أو نقيسه على الأغصان والورق ، أو نوى التمر ، وهذه الأقيسة أقوى من قياسهم بكثير ; لقوة جوامعها وضعف جوامعهم .

فائدة : قال صاحب الإكمال : الإبار : تذكير الأشجار بجعل طلع الذكر في الأنثى ، أو يعلق عليها لئلا يسقط ثمرها ، وهو اللقاح أيضا ، تقول : أبرت النخل أبر بضم الباء في المستقبل ، مخفف الباء وأبرته ، مشدد الباء ، وقال ابن حبيب : الإبار : شق الطلع عن الثمر ، وقال بعض اللغويين في غير الإكمال : والإبار والتلقيح : شق الثمرة وظهورها ; لأنه لا يكون إلا عند ذلك ، وأجمع العلماء على أن مجرد التلقيح ليس معتبرا ، وإنما المعتبر الظهور ويقال : أبرت النخلة أبرها بالتخفيف أبرا وإيبارا ، وأبرتها بالتشديد تأبيرا وتأبرت النخلة وأبرت ، وبقول ابن حبيب قال الشافعية .

فرع

قال صاحب الإكمال : المشهور ، منع اشتراط البائع ما لم يؤبر ، وعلى القول بأن المستثنى غير مبيع يجوز ; لأن غير المؤبر كالجنين ، قال صاحب البيان :

[ ص: 158 ] يمتنع عند مالك وجميع أصحابه .

فرع

في البيان : الأقل أبدا تبع للأكثر في التأبير وعدمه ، شائعا كان أو غير شائع ، فإن تقاربا في التأبير وعدمه ، وكل واحدة على حدة استقل كل بحكم نفسه ، فإن كان التأبير وعدمه في كل نخلة فأربعة أقوال : يخير البائع بين تسليم الحائط بثمرته ، وبين أخذه ، وفسخ البيع ، قاله ابن القاسم لضرر الشركة ، ويفسخ البيع إلا بشرط الثمرة للمبتاع لانعقاده على فساد المنازعة ، فالجميع للمشتري تغليبا لنقل العقد ، أو الجميع للبائع تغليبا للاستصحاب لابن حبيب ، وفي الجواهر : روي إذا أبر أكثرها أن غير المؤبر للمبتاع نظرا للعقد .

فرع

قال الشافعية والحنابلة الثمرة خمسة أضرب : ذو كم كالقطن ، وما يقصد نواره كالورد والياسمين فإنه يظهر من أكمامه ثم ينفتح فيظهر فهو حينئذ للبائع .

الثاني : ما لا نور له ولا قشر كالتين والتوت والجميز ; لأن ظهوره من الشجر كظهور الثمرة من الكم ، الثالث : ما يظهر في قشره إلى حين أكله كالرمان والموز فللبائع بنفس الظهور ; لأن قشره من مصلحته ، الرابع : ما يظهر في قشرته كالجوز واللوز فللبائع بنفس الظهور ; لأن قشره لا يزول عنه غالبا ، والخامس : ما يظهر نوره ثم ييبس فتظهر الثمرة كالتفاح والمشمش والإجاص والخوخ ، فإذا ظهرت الثمرة فللبائع . وهذا تفصيل حسن لم أره لأصحابنا ، وما أظنهم يخالفون فيه .

فرع

في الجواهر : قال عبد الملك : النخل التي لا تؤبر إذا انصلح طلعه وظهر [ ص: 159 ] إغريضه وبلغ مبلغ الإبارة في عهد ، فللبائع إلا أن يستثنيه المبتاع .

قال : ليس لمشتري الأشجار تكليف البائع قطع الثمار إلا إلى أوان القطاف لقضاء العادة بذلك ، ولكل واحد سقي الشجر إذا احتاج إليه إلا أن يتضرر صاحبه بذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية