صفحة جزء
فرع

قال : قال ابن القاسم : تمنع الإقالة في كراء الدور بعد النقد وسكنى بعض المدة ، بخلاف الإقالة في الحمولة بعد بعض الطريق ; لأنهما لا يتهمان على الحمولة في البيع والسلف ، بخلاف الدور ، وقال التونسي : إذا غاب في الحمولة على النقد جاز أن يحسب من الذي في الإقالة ، ويمتنع دفع الدراهم وما وجب له من الحمولة ، أو يأخذ دنانير ، فإن سار من الطريق ما ينفي التهمة جازت الزيادة منه إذا نقدها ; لئلا يكون دينا في دين ، ولا تجوز الزيادة بعد الغيبة على النقد ; لئلا يكون سلفا بزيادة ، ويجوز قبل النقد زيادة الدراهم والدنانير والعروض نقدا ; لأنه اشترى الركوب الذي وجب للمكتري بالدنانير التي وجبت له وبالزيادة ، وتمنع إلى أجل ; لأن المنافع دين عليه للمكتري فيفسخها [ ص: 466 ] في دين إلى أجل ، فإن زاد المكتري دنانير أو عروضا جاز ; لأن عليه حمولة أعطى بعضها دنانير ، وبقيتها الزيادة ، ويمتنع تأخير الزيادة ; لأنه أعطى ببعض ما عليه نقدا بحمولة على أن يؤخر بقية ما عليه ، فهو بيع وسلف ، وفسخ دين في دين ، إن أعطى عروضا إلى أجل أو نقد الكراء ولم يغب عليه . فزاد رب الدابة دنانير مع دنانيره أو عروضا ، جاز ; لأنه اشترى الحمولة بجميع ذلك ، وتمتنع زيادته إلى أجل ، وأما الكراء المعين إذا زاد المكري نفي جوازه قولان ; لعدم تعلقه بالذمة ، فيجوز أو يشبه بالمضمون لما كان في ضمان المكري ، قال صاحب المقدمات : الإقالة في المضمون كالإقالة في العروض المسلم فيها ، تفسد ، إما لاشتمالها على ما لا يجوز ، أو بضمها إلى الصفقة الأولى فيتهمان ، والإقالة في المعين : قيل : كالسلم الثابت في الذمة يعتبر فيه الوجهان المتقدمان ، وقيل : كالإقالة من العروض المعينة لا تعتبر فيها لانعقادها في نفسها على المحرم ، فإن استقال المكري في المضمون قبل النقد بزيادة مؤجلة امتنع اتفاقا ; لأنه تحول مما وجب له على المكتري إلى الركوب الذي عليه ، وإلى الزيادة المؤجلة ، فهو فسخ دين في دين إن كانت الزيادة عروضا ، وإن كانت دنانير : دخله عرض وذهب بذهب إلى أجل ، وإن كانت دراهم دخله الصرف المستأخر ، فإن كانت الزيادة دراهم معجلة ، والكراء دنانير : [ ص: 467 ] امتنع على مذهب ابن القاسم ، إلا أن يكون أقل من صرف دينار ، وقيل : يجوز أكثر من صرف دينار ، وهو على جواز جمع البيع والصرف ، وقيل : يمتنع وإن كان أقل من صرف دينار ، وقال ابن كنانة ، تمتنع الإقالة في المضمون مطلقا قبل النقد ، كالإقالة من السلعة الغائبة قبل النقد ، وإن استقاله بزيادة بعد النقد بعد أن تغيب عليه ، والزيادة درهم بثلاثة الأقوال المتقدمة ، أو عروضا جاز التعجيل والتأجيل ; لأن المكتري باع الركوب الذي وجب له ، والعروض بالكراء الذي يسترجعه ، وإن استقال المكتري بزيادة ولم ينقد ، أو نقد ولم يغب على النقد : فذلك جائز في الزيادة المعجلة ، دنانير أو دراهم أو عروضا ; لأن المكتري باع الركوب بالزيادة المعجلة والكراء المسترجع فلا مكروه مع النقد حينئذ ، وتمتنع استقالة المكري بعد النقد ، والغيبة عليه بزيادة كيف كانت خشية السلف بزيادة ، إلا أن يسير من الطريق ما يرفع التهمة فيجوز في الزيادة المعجلة ، فهذا تقدير اثنتي عشرة مسألة في إقالة المكري ، وهي : أن الزيادة إما قبل النقد أو بعده ، وبعده إما قبل الغيبة عليه أو بعدها ، ثم هي إما ذهب أو ورق أو عروض ، وإما معجلة أم لا ، وكذلك مسائل المكتري اثنتا عشرة على هذا التقدير ، كلها في الكراء المضمون ، وفي المعين أربعة وعشرون مسألة أيضا على ما تقدم ، فإن استقال المكري بزيادة نقدا عرضا جاز ، ويمتنع المؤجل ، وتمنع الزيادة ذهبا ، والكراء ذهبا ، إلا إلى محل أجل الكراء على المقاصة ، وتمتنع نقدا لأنه : ضع وتعجل ، وإلى أجل غير أجل الكراء امتنع أيضا ، وزيادة الدراهم تمتنع مطلقا ; لأنه صرف مستأخر على مذهب ابن القاسم ; لأنه يرى انحلال الذمم بخلاف انعقادها ، وعلى مذهب أشهب الذي يرى انحلال الذمم كانعقادها غير أنه يجوز التحول من الدين في كراء شيء بعينه ، وعلى من [ ص: 468 ] يرى رأي أشهب ، ويمتنع التحول من الذين في الركوب فيمتنع ; لأن المكري تحول من الكراء الواجب له على المكتري في ركوب لا ينتجز قبضه ، فهو فسخ الدين في الدين ، وإن استقال بزيادة عرض معجل جاز وإلا امتنع ; لأنه فسخ دين في دين ، وكذلك الذهب ، ويلاحظ هاهنا التخريج على المذاهب الثلاثة المتقدمة ، هذا إذا كان الكراء مؤجلا ، فإن كان نقدا بشرط أو عرف : فإما أن ينقد أم لا ، وإذا نقد : فإما أن يغاب عليه أم لا ، وتقسم هذه الأربعة إلى الأربعة والعشرين مسألة المتقدمة في المضمون ، ثمت في المضمون يفسخ الكراء في زيادة مؤجلة ( يزيدها المكتري هاهنا ، وما امتنع يفسخ الركوب المضمون . . . من المكري . . . ) امتنع في المعينة فتتخرج هذه على تلك ، والإقالة في الدور كالرواحل المعينة إلا في مسألة واحدة ، وهي أن يمضي بعض المدة لا أثر له بخلاف سير بعض المسافة ; لضعف التهمة في المسافة ، والإقالة في الأرضين كالدور إلا أن تكون غير مأمونة ، فإن الزيادة من المكري في الموضع الذي تصح فيه الإقالة ، على أن الزيادة منه لم يجز أن تنقد الزيادة ، وتكون موقوفة لاحتمال عدم الري فيفسخ الكراء .

التالي السابق


الخدمات العلمية