صفحة جزء
فرع

قال : قال ابن القاسم : إذا انبل بعض الحمولة قوم غير مبلول ومبلولا ويطرح من الكراء بقدر نقص القيمة ، قال أبو سعيد : فإن كان البلل بتعزير أو تفريط من صاحب المركب ضمن ، والنداوة القليلة لا تنقص الكراء .

فرع

قال ابن القاسم : إذا طرح بعض الحمل للهول شارك أهل المطروح من لم يطرح لهم شيئا من متاعهم ، كان ما طرح ، وسلم لجميعهم في نمائه ونقصه بثمنه بموضع الشراء ، وإن اشتروا من موضع واحد بغير محاباة ; لأنهم صونوا بالمطروح مالهم ، والعدل : عدم اختصاص أحدهم بالمطروح ; إذ ليس أحدهم أولى من الآخر ، فاشترك الجميع ، فإن اشتروا من مواضع أو اشترى بعضهم دون بعض ، أو طال زمن الشراء حتى حال السوق ، اشتركوا بالقيم يوم الركوب دون يوم الشراء ; لأنه وقت الاختلاط ، وسواء طرح الرجل متاعه أو متاع غيره بإذنه أم لا ، ولمالك في التقويم بموضع الحمل أو موضع المحمول إليه لأنه المقصود بالحمل ، أو موضع الطرح ; لأنه موضع الإتلاف : ثلاثة أقوال ، قال ابن أبي زيد : ولا يشارك من لم يرم بعضهم بعضا ; لأنه لم يطرأ سبب يوجب ذلك ، بخلاف المطروح له مع غيره ، فإن رمى له نصف متاعه أخذه ممن لم يرم نصف متاعه ، ويكون شريكا لمن لم يطرح له في النصف الآخر بقيمة متاعه من قيمة متاعهم ، ولو رمي جميع متاعه ثم أخرج بعد ذهاب نصف قيمته شاركهم في نصف متاعهم ، كما لو رمي نصف متاعه ، وعليه من كراء السالم بقدر ما صار إليه ، وإذا أخرج نصف متاعه ناقصا فكراء حصة ما نقص على ثمن نقصه [ ص: 487 ] وأخرجه عليه ، وإذا رمي متاعه وابتل متاعهم بللا ينقص الثمن ، شاركهم بقيمة متاعهم ، ومتاعهم سالما بموضع الحمل ، فإن حدث بمتاعهم عيب قبل الحاجة للطرح : فقيمته معيبا بموضع الحمل ، ويحسب المطروح على كل ما يراد به التجارة ، وإن خف حمله كالجوهر ، قال ابن حبيب : وليس على صاحب المركب ولا على النواتي كانوا أحرارا أو عبيدا إلا أن يكونوا للتجارة فتحسب قيمتهم ، ولا على من لا متاع له ; لأن هذه كلها وسائل ، والمقصود بركوب البحر إنما هو مال التجارة ، ويرجع بالمقاصد في المقاصد ، ومن معه دنانير كثيرة يريد بها التجارة فكالتجارة ، بخلاف النفقة ، وما لا يراد به التجارة كما تقدم ، وقال ابن ميسر‌ : لا يلزم في العين شيء من المطروح ، وقال سحنون : يدخل المركب في قيمة المطروح ; لأنه مما سلم بسبب الطرح ، قال أبو محمد : إن خيف عليه أن يصدم قاع البحر فرمي لذلك دخل في القيمة ، وقال أهل العراق : يحسب المركب وما فيه للقنية أو للتجارة من عبيد وغيرهم ; لأنه سلم بسبب الطرح ، وجوابهم : أن المركب شأنه أن يصل برجاله سالما إلى البر ، وإنما يغرقه ما فيه من التجارة ، وإزالة السبب المهلك لا توجب شركة ، بل فعل السبب المنجي ، وهو فرق حسن فتأمله ، قال : ولا يختلف قول مالك وأصحابه أن ما للقنية كالعبيد والجواهر والمصاحف لا تدخل في حساب ما طرح ، وما طرح منه فمن صاحبه دون غيره ، قال ابن القاسم : ويصدق صاحب المطروح في ثمنه مع يمينه ما لم يستكثر ; لأنه أمر لا يعلم إلا من قبله ، وقال سحنون : يقبل بغير يمين إلا أن يتهم ، فإن ادعى أنه طرح له أمتعة كثيرة وأنكر الرايس ذلك . رجع إلى الشرط لجري أموال الناس عليه ، ويصدق [ ص: 488 ] فيما دخل الشربيل مع يمينه إذا أشبه أن يهلك مثله ، وإذا ادعى قيمته ونازعوه في الصفة صدقوا مع أيمانهم ; لأنهم مدعى عليهم الشركة ، فإن جهلوها صدق مع يمينه ، فإن ادعى صاحب المركب أن الهول رمى بعض شحنته ولم يكونوا معه ، وكذبوه ، صدق في العروض دون الطعام عند ابن القاسم ; لاتهامه على أكل الطعام ، قال أبو محمد : إذا صالحوا صاحب المطروح بدنانير ولا يشاركهم ، جاز إذا عرفوا بما يلزمهم في القضاء ، فإن طرح خرج بعد الطرح من البحر سالما فهو له ، ونزول الشركة ، أو خرج وقد نقصت قيمته انتقص نصف الصلح ، ويرد نصف ما أخذ ، ويكون الخارج له ، وعليه قيمة الكراء على ما تقدم .

سؤال ، إذا وجدت الدابة المصالح عليها في التعدي أو العارية ، تكون لمن صالح عليها ، فما الفرق ؟ .

جوابه : أن التعدي ينقل الذمة ، والبحر شيء توجبه الضرورة ، فلا يجعل الصلح فيه تبعا لا ينتقض . قال الطرطوشي في تعليقه : إذا لم يكن في السفينة غير الآدميين لم يجز رمي أحدهم لطلب نجاة الناس ، وإن كان ذميا ، ويبدأ بطرح الأمتعة ثم البهائم ، وهذا الطرح عند الحاجة واجب ، ولا يجري في هذه بطرح الأمتعة ثم البهائم ، وهذا الطرح عند الحاجة واجب ، ولا يجري في هذه المسألة القولان اللذان للعلماء في درء الداخل عليه البيت لطلب النفس أو المال ، ولا من اضطر إلى الميتة ، أحدهما : يجب الدفع والأكل للخلاص من الهلكة ، وثانيهما : لا يجب لخبر ابن آدم ، ولقوله - عليه السلام - : " كن عبد الله [ ص: 489 ] المقتول ، ولا تكن عبد الله القاتل ) وعليه اعتمد عثمان - رضي الله عنه - في تسليم نفسه ، والفرق : أن التارك للقتل والأكل ثمت تارك لئلا يفعل محرما ، وهاهنا لبقاء المال ، واقتناؤه ليس واجبا ، وأكل الميتة وسفك الدم محرم ، وما وضع المال إلا وسيلة لبقاء النفس ، ولم يوضع قتل الغير والميتة وسيلة لذلك . قال مالك : وإذا اشترى أحدهم بدين فطرح حسب ثمنه على النقد بغير زيادة وإن حوبي ألحق بتمام القيمة في الموضع الذي حمل منه ، ولا يضمن الطارح ما طرح اتفاقا ، ولمالك في أكل طعام الغير للجماعة قولان ، ولا يضمن بدفع الفحل عن نفسه بالقتل القتل ; لأنه كان يجب على صاحبه قتله صونا للنفس فقام عن صاحبه بواجب ، وقال ( ح ) و ( ش ) : لا يضمن منهم إلا الطارح إن طرح مال غيره ، وإن طرح نفسه فمصيبته منه ، ولو استدعى غيره منه ذلك ، ووافقونا إذا قال : اقض عني ديني فقضاه ، وفي اقتراض المرأة على زوجها الغائب واقتراض الوصي لليتيم فإنه يأخذ من مال يطرأ له . لنا القياس على هذه الصور بجامع السعي في القيام عن الغير بواجب ; لأنهم أجمعين يجب عليهم حفظ نفوسهم وأموالهم ، فمن بادر منهم قام بذلك الواجب ، احتجوا بأن السلامة بالطرح غير معلومة بخلاف الصياد ، وبالقياس على الآدميين ، وأموال القنية لا يتعلق بها المطروح .

والجواب على الأول : أنه ينتقض بإطعام المضطر فإنه يضمن مع احتمال هلاكه بالأكل ، بل يعتمد في ذلك العادة ، وقد شهدت بأن ذلك سبب للسلامة فيها ، مع احتمال النقيض ، وعن الثاني : ما تقدم أول المسألة من [ ص: 490 ] الفرق ، وقال الطرطوشي : القياس : التسوية بين التجارة والقنية ; لأن العلة صون الأموال والكل يثقل السفينة ، ولذلك قال ابن بشير : لاشيء في العين ; لأنه لا يثقلها ولا تخف بطرحه ما عدا الآدمي . وفي الجواهر : يطرح ما عدا الآدمي ، ويبدأ بما ثقل وزنه وقل ثمنه ويقوم إما وقت التلف ‌‌‌‌‌‌كالمتلفات ، أو أقرب المواضع إلى البر الذي يقدم إليه لعدم القيمة موضع الطرح ، أو في المكان الذي يحمل إليه ، أو الثمن الذي اشتري به لأنه الأصل ، أربعة أقوال .

التالي السابق


الخدمات العلمية