صفحة جزء
فرع

في الكتاب : إذا زدت على الدابة ما لا يعطب مثله فعطبت لم تضمن ، وله كراء الزيادة على الشرط ، وقاله الأئمة ، وإن كان يعطب مثله : خير بين كراء المثل في الزائد ما بلغ مع الكراء الأول أو قيمة الدابة يوم التعدي ، ولا كراء له لوجود سببي ذلك ، وتعين الضمان عند الأئمة للتعدي ، وما قلناه أولى ; لأن العقد وقع صحيحا فلا يجزم بالغاية ، نعم لا يجمع له بين البدل الذي هو القيمة والمبدل الذي هو منفعة العين التابعة للعين المأخوذ البدل عنها ، والرديف كالزيادة ، وأما زيادة الحاج في وزن الزاملة أكثر من شرطه مما يعطب مثله : فلا ضمان ; لأن الحاج عرف بذلك إذا كان المكري رأى ذلك ، قال ابن يونس : الزيادة اليسيرة بخلاف الزيادة في المسافة لأنه تعدى في المسافة وإن قلت ، واجتمع في الحمل إذن وتعد ، وقيل : في زيادة اليسير في الحمل : عليه الكراء الأول [ ص: 510 ] وفضل الضرر ، كمن حمل أثقل فإنه يكون له فضل الضرر ، وقيل : يضمن في زيادة الحمل اليسيرة كزيادة المسافة ، بجامع التعدي ، وفي الكتاب : إذا اكترى للحنطة فحمل شعيرا أو سلتا لم يضمن ، فإن حمل رصاصا أو حجارة بوزن ما اكترى فعطبت ضمن ; لأن هذه تعقر الدابة ، ولو استوى الوزن بفرط اليسير ، وإذا أكريت مثلك في الخفة والأمانة لم تضمن ، وإلا ضمنت ، وإن أكريت غير مأمون فادعى تلف الدابة لم يضمن الثاني إلا أن يأتي بما لا يشبه ، أو يظهر كذبه ، ويضمن الأول بتعديه ، مع أن الكراء من الغير مكروه ; لأن الأول قد يكريك لحسن حالك ، وأما في الموت فللورثة حمل مثله ، قال ابن يونس : قال محمد : يجوز أخذ الربح في الدواب والسفن والمتاع والصناع في مثل ما اكترى ، ويكره في الركوب إلا أن يقيم أو يموت ، ( قال ابن حبيب ) : يجيز مالك ذلك في الأحمال إذا كان رب الدابة معها يتولاها ، وإلا كره لمثل الركوب لاختلاف سوق الناس ، إلا أن يكون المكتري ممن يتولى سوقها بنفسه ، وعلم ذلك المكري ، وفي الكتاب : متى حمل على الدابة أضر فربها مخير بين كراء دابته في فضل الضرر أو قيمتها . وكذلك إذا طحن على الرحا أصلب مما استأجرها له ، قال ابن يونس : وصفة كراء فضل الضرر : أن له الكراء الأول وما يزيد الحمل الضار صونا لما في العقد الأول من توفر أجره ، وقيل : كراء الثاني ما بلغ ; لأنه الذي استوفيت به المنفعة ، قال ابن [ ص: 511 ] ميسر : إذا اكتراها أياما معينة فاستعملها في دون ما اكتراها ، فعليه الكراء الأول ، وفي أكثر منه انفسخ الأول بمضي الأيام ، وعليه كراء المثل ما لم يكن أقل من المسمى ، وفي الكتاب : إن اكتراها من مصر إلى برقة ذاهبا وراجعا فتمادى إلى إفريقية ، ثم إلى مصر خير في أخذ كرائها من برقة إلى إفريقية ذاهبا وراجعا مع الكراء الأول ، ونصف الكراء الثاني مع قيمتها يوم التعدي ، ردها بحالها أم لا ; لأنه ساقها وحبسها عن منافعها ، قال الأبهري : لو اكتراها على أن يردها من يومها فحبسه المطر أياما فعليه الكراء بذلك الموضع المحبوس فيه لتقوية المنافع تحت يده .

فرع

في الكتاب : إذا زدت ميلا فعطبت ، فله الكراء الأول ويخير في قيمة كراء المثل ، أو قيمة الدابة يوم التعدي ، وضمنه ( ش ) وأحمد في الدابة أجرة المثل ، ولم يضمنه ( ح ) ; لأن المنافع عنده لا تضمن بالغصب ، وضمنه الأئمة الدابة في العطب من غير تخيير لفسخ التعدي ، موجب بالعقد عنده ، لنا : ما تقدم في زيادة الحمل ، ولو ردها بعد الأميال ، أو حبسها اليوم ونحوه : لم يضمن إلا كراء الزيادة ، خلافا للأئمة كذهاب العيب يسقط القيام به ، والأئمة تقول : اشتغلت الذمة بالقيمة فلا تبرأ إلا بالدفع ، والرد للدابة ليس بدفع القيمة ، وإن حبسها شهرا أو ردها بحالها فله الكراء الأول في قيمتها يوم التعدي ، وكراء ما عملت في زمن الحبس بغير عمل ، وإن لم يتغير ، وقال غيره : إن كان حاضرا [ ص: 512 ] معها ، فله فيما حبست بحساب الكراء الأول لأنه رضي بذلك أو غائبا ، ورددتها بحالها فله في الزيادة الأكثر من الكراء ذلك أو بحساب الكراء الأول حملت عليها شيئا أم لا ؛ لتفويتك المنافع بذلك أو قيمة الدابة يوم حبسها ، وكراء الأول له في كل حال توفية بالعقد ، قال ابن يونس : قال في الكتاب : نحو الميل ، وقال محمد يضمن ولو بخطوة لتحقيق التعدي . عمدة المشهور أن العادة المجاوزة اليسيرة ، وقيل : إذا حبسها أياما بعد فراغه ، وربها حاضر ، ولم ينكر فهلكت لا يضمنها على قول ابن القاسم ، وإن وجب عليه كراء المثل لأنه كان قادرا على أخذها ، وقال سحنون إذا ردها إلى الموضع الذي أمر بالبلوغ إليه ثم ماتت في الطريق فلا ضمان عليه كراد الوديعة بعد تسلفها ، وكمن زاد الحمل ثم نزع الزيادة ثم ماتت لم يضمن ، قال صاحب النكت : إذا زاد في الحمل المشترط ، وحمل الزيادة منفردة ضمن الدابة ، وإن كان الزائد لا يعطبها مثله كزيادة المسافة لأنه تعد صريح بخلاف حملها مختلطة ، وكذلك إذا زاد بعد فراغ الثور من الطحن يسيرا لا يعطب في مثله هو كزيادة المسافة لتمحض العدوان . فرع

في الكتاب : لا يضمن حامل الدهن ، والطعام إذا هلك بالعثار أو رفس الدابة ، وانقطاع الحبل إلا أن يغر بذلك ; لأن أصله على الأمانة ، وضمنه ( ح ) بالعثار ، والزلق ، والعمد ، والخطأ في أموال الناس سواء ، وجوابه : أن ذلك مع عدم الإذن ، ويد الأمانة إما معها فلا يضمن إلا بالتعدي ، ولا يصدق في ذهاب الطعام ، والإدام إلا ببينة خلافا للأئمة للتهمة فيها فالتضمين من المصالح العامة كما تقدم في تضمين الصناع [ ص: 513 ] فرع

لا يضمن حارس الحمام الثياب لأنه أجير ، قال اللخمي : ضمنه مالك في كتاب محمد إلا أن يأتي بحارس ، ولم يضمن الحارس ، وضمنه ابن حبيب لأنه أجير مشترك ولو أخذ الأجرة من صاحب الثياب لم يضمن أيضا لأنه أمين كالمودع يأخذ أجرا إلا أن تظهر منه خيانة ، ولا يضمن سائر الحراس ، وهم أولى بعدم الضمان من حارس الحمام ; لأن رب الثياب لم يقمه ، ولم يختره بل صاحب الحمام ، قال ابن يونس : قال مالك إذا استؤجر على تبليغ جارية فنام في الطريق فأبقت أو ماتت يحاسب في الإباق ، وله الأجرة كاملة في الموت ، وقال ابن القاسم يستعمل في مثل ذلك حتى تتم ، وقال ابن وهيب له من الأجر بقدر ما بلغ فقط . فرع

في الكتاب : لا يضمن أجير الخدمة ما كسوه أو طعام عمله إلا أن يتعدى لأنه مأذون له في التصرف في البيت . فرع

في الكتاب : إذا أقر بقبض المتاع ، وقال عملته ورددته ، ضمن ؛ إلا أن يثبت رده ، وإلا حلفت ، وأخذت قيمته بغير صنعة ، قال ابن يونس : إذا قال مكتر ما يعاب عليه رددته صدق مع يمينه كما يصدق في تلفه أخذه ببينة أم لا بخلاف العارية والقراض ؛ لاختلاف العوائد في الرد بغير إشهاد ، وسوى أصبغ بين الكراء والقراض والوديعة في التصديق إلا أن يأخذ ببينة ; لأن الغالب أن المشهود عليه لا يرد إلا بشهادة . [ ص: 514 ] فرع

في الكتاب : إذا اشترطت نسج غزلك تسعة في خمسة ، فعمل ستا في خمس : خيرت بين أخذه وله الأجرة كاملة ، وبين تضمينه قيمة الغزل لتعديه ، وقال غيره : بل يحاسب بما عمل إن أخذت ، وله الأجرة الكاملة ، وبين تضمينه قيمة الغزل لتعديه ، ( قال غيره : بل يحاسب بما عمل إن أخذت ) لتنقيصه المعدود عليه ، وعليه مثل الغزل إن ضمنت ; لأن الغزل مثلي موزون ، قال صاحب التنبيهات : قوله : يعطى الأجر كله ، قيل : معناه : إذا أدخل الغزل كله في الثوب ، وقيل : معناه إذا قال : اعمل هذا الغزل فدخل جميعه فحينئذ له الأجر كله ، أو اعمل من هذا الغزل ثوب كذا فإن عجز زدتك فيصنع أقل أو خلافه ، وأدخل الغزل كله ، فبحساب ما عمل ، قال صاحب النكت : قيل : معنى يعطى بحساب ما عمل : يسقط من المسمى ما بين العملين من أجرة المثل ، وقال ابن مسلمة : لو تعدى بالزيادة فعلى قول ابن القاسم الذي يرى النقصان كالعيب حتى يعطيه الأجرة كلها : لا أجرة له في الزيادة وعلى قول الغير الذي يجعل النقصان كنقصان الطعام : تكون له أجرة الزيادة ، وقيل : إن زاد متعمدا فلا أجرة له ; لأنه سمح بعمله ، وإلا فالأجرة المثل مع المسمى ، قال ابن يونس : إذا عدم المثل : عليه نسجه بالأجرة الأولى توفية بالعقد ، فإن عدم مثله فقيمته ، وهو مصدق في صفته مع يمينه ، وتنفسخ الإجارة ، وقال أصبغ : لا تنفسخ ، ويأتي رب الغزل بمثله ينسجه له ، وليس الغزل متعينا حتى لا يمكن بدله ، قال محمد : ولو كان كذلك لم تجز [ ص: 515 ] الإجازة ، والصانع مصدق في مخالفة الشرط ; لأنه مدعى عليه الغرامة ، وإذا زاد عامدا فلا أجرة له ، أو غالطا وأراد ربه أخذ الزيادة دفع الأجرة ، وإلا إن كان ينقسم بغير ضرر قطعت له الزيادة ، وإن أضر ذلك بأحدهما كانا شريكين إن لم يرض بدفع الأجرة ، وإذا قاسمه أو شاركه غرم مثل ما دخل الزيادة من الغزل ، قال مالك : ويصدق الصانع هاهنا في المخالفة بخلاف بناء البيت مقاطعة فإنهما يتحالفان ويتفاسخان ، ويبدأ البناء باليمين ; لأنه صانع ، وينقض بناؤه ويأخذ نقضه ، وإن أراد أن يبني ما قاله خصمه فذلك له ، والفرق : أنه لم يحز ما عمل ، والحائك حاز فصدق ، قال اللخمي : استأجره على رداء فعمل عمامة ، له أخذ العمامة بأجرة المثل إلا أن يقر الصانع أنه عملها على المسمى ، ويكون على المستأجر الأقل من المسمى وأجرة المثل ، فإن دفع المسمى لم تبق بينهما إجارة لأنه وفى بالعقد ، أو أجرة المثل عاد الخلاف في نسج العقد ، ولو استأجره على صياغة فصاغ خلافها خير الصائغ بين إعادة صيغته كما استؤجر عليه بعد التصفية من اللحام المخالط ، أويغرم مثل الذهب ويصوغه ثانية إلا أن يكون فاسد الذمة ، فلصاحبه جبره على كسره وإعادته ، ولا يلزمه أخذ المثل .

فرع

في الكتاب : إذا ضاع الثوب بعد القصارة ضمنه يوم القبض ، وليس لك إعطاء الأجرة ، وتضمينه إياه معمولا ; لأن الصنعة لم تضر في حوزك حتى يضمنها ، وإذا دعاك إلى قبض الثوب فلم تأخذه فهو ضامن حتى يصل إليك ، [ ص: 516 ] وإذا أفسد الخياط في قطعة فسادا يسيرا : فقيمة ما أفسد ، قال اللخمي : قوله هو ضامن حتى يصل إليك ، وإذا أفسد الخياط في قطعة : يريد : إذا لم يحضره ، فلو أحضره ورأيته مصنوعا على شرطك ، وقد دفعت الأجرة ، ثم رأيته عنده ، صدق في الضياع لخروجه عن الإجارة إلى الإيداع ، وإذا ضمن : فالمذهب يوم القبض ; لقوله - عليه السلام - : ( على اليد ما أخذت حتى ترده ) فأشار إلى وقت الأخذ ، وقيل : إلى آخر وقت رئي عنده ، وأصل محمد : إذا ثبت الفراغ ببينة ، للصانع الأجرة لتسليم الصنعة بوضعها في الثوب ، فيكون له دفع الأجرة ، وتغريمه قيمته مصبوغا ، ولو باع الثوب : كان الجواب على ما تقدم من الصناع ، فعلى المذهب : يخير بين إجارة البيع وتضمينه القيمة يوم القبض ، ويكون لك من الثمن ما ينوب الثوب غير مفروغ ، وعلى القول الآخر : لك تضمينه القيمة يوم البيع غير مصنوع ، أو ما ينوبه من الثمن ، وعلى قول محمد : لك دفع الأجرة وأخذ جملة الثمن .

التالي السابق


الخدمات العلمية