صفحة جزء
فرع

قال اللخمي : لو صبغه على غير الصفة : فإن أمكن نقله إلى الصفة فعل ، وإلا فإن نقصت فلك قيمة النقص دون قيمة الثوب ، إن كان النقص يسيرا فعليك الأقل من الزيادة أو الأجرة ; لأن لك التمسك بالعقد وعدم التمسك للمخالفة ، أو لم يزد ولم ينقص فلا شيء عليه ، هذا إن كانت المخالفة في نوع الصبغ كالأزرق مع الأكحل ، فإن صبغه أكحل وشرط أحمر : خيرت بين قيمة الثوب وأخذه ، ودفع قيمة الصبغ ، ويصح جريان الخلاف المتقدم [ ص: 517 ] وينظر : هل زاد الصبغ أم نقص ؟ لأن لك التمسك بملكك في الثوب ، فإن كانت الصنعة قصارة فقصره أسود : فالقول قول من دعى إلى تكميل القصارة ، فإن عجز عن التكملة غرم قيمته أسمر ، قال سحنون : إلا أن يكون التغيير يسيرا فقيمته ذلك العمل ناقصا ، قال اللخمي : تقوم الصفة المشترطة والمعمولة فيحط من المسمى قدر ذلك إلا أن تكون زيادة الصنعة على قيمته أسمر أقل فلا يكون عليه شراء ما زادت القيمة ، أو تكون قيمته مصبوغا أقل منه ، فعلى الصانع ما نقصت قيمته ، ولا يغرم له شيئا ; لأنه أفسده ، ولو كانت الصنعة خياطة فخاطه مقلوبا ومتى نقصت وأعيد زال النقص : فالقول قول من ادعى إلى نقصه ; لأنه مقتضى العقد ، وإن لم يتعين نقصه لتعارض عيب القلب وعيب الفتق ، خيرت بين تبقيته وفتقه ، وإلزامه بخياطته ، وإن كان أشد فتقه لعيبه قدم عدم الفتق ، ويغرم ما نقصت قيمته الآن ، دفعا لمزيد الضرر عنه ، إلا أن يلتزم أن لا يغرمه أكثر من عيبه قبل الفتق ، فيجبر هو على إعادته توفية بالعقد ، وإن كان الفساد لرداءة الخياطة : فلك إلزامه بفتقه وإعادته بخياطة مثله ، وعليه الأقل من نقصه الآن وما ينقص بعد الفتق ، ولا أجرة له في الخياطة ; لأنها دخلت في القيمة ، وجبر بها النقص ، وإن حدث عيب من غير الخياطة : فقيمة العيب قبل الخياطة وإن كانت الصنعة بناء فأخطأ فيه فعليه هدمه وإعادته وقيمة ما أتلف من جير وغيره ، ولك إبقاء البناء ولا أجرة له ; لأن لك نقضه .

فرع

في الكتاب : يضمن الصانع قيمة ما أفسد أجيره ، ولا شيء على الأجير .

[ ص: 518 ] إلا أن يتعدى أو يفرط ; لأنه بمنزلة الصانع عند رب السلعة ، قال ابن يونس : قال أشهب : إذا كان الغسال يبعث بالثياب إلى البحر مع أجرائه ، والخياط يذهب أجراؤه بالثياب إلى بيوتهم ضمنوا ; لأنهم كالصانع يغيب على السلعة ، قال ابن يونس : ذلك إذا أجرهم على حمل الثياب مقاطعة ، فإن دفعت الأجرة له ولم يدفع لأجيره أجره ، فلك أخذ ثوبك من أجيره ، قاله بعض المدنيين ، قال : والأشبه أن لا يأخذه حتى يدفع الأجرة له لأنك لست مستحقا لغير تلك الصنعة ، قال اللخمي : إذا ضمنا أجير الأجير فلك تضمين الأجير ، ولك أخذ أكثر القيمتين يوم قبض هذا أو قبض ذلك ، فإن كانت قيمته يوم قبض الثاني أقل رجعت بتمامها على الأول ; لأن الثاني غريم غريم .

فرع

في الكتاب : إذا لم يفرط الفران في إحراق الخبز ولا غر من نفسه لم يضمن لغلبة النار عليه ، وإلا ضمن . قال ابن يونس : قال ابن حبيب : ذلك إذا بقي من الخبز شيء يدل على احتراقه ، أما لو ذهب جملة ضمن للتهمة .

فرع

في الكتاب : إذا دفع القصار ثوبك لغيرك بعد القصارة فخاطه لك غيره : يرده ويضمنه - ثوبك - أو تأخذه مخيطا وتدفع أجرة الخياطة لمن خاطه ; لأنه عمل في ثوبك ، ولأنه غير متعد نقص أو زاد ، ولا شيء على القصار ، ولك أخذ ما خاطه الغاصب بغير شيء لتعديه ، قال صاحب التنبيهات : يروى في المدونة في مسألة القصار إن امتنع من دفع الخياطة قيل للآخر : اعطه قيمة [ ص: 519 ] ثوبه أو سلمه إليه مخيطا ، فإن دفعه خير ربه بين أخذه وتضمين القصار ثوبه ; لأنه سبب القطع ، وقال سحنون : إن امتنع من دفع الخياطة لم يكن له إلا تضمين القصار القيمة ، ويعطي القصار الخياطة للخياط ، فإن امتنع أعطاه الخياط قيمته غير مخيط ، فإن امتنع كانا شريكين بقيمة الثوب والخياطة ، قال ابن يونس : قال ابن القاسم : إذا غلط الغسال فدفع لرجل غير ثوبه فلبسه فنقصه بلبسه غير عالم ، ينظر كم نقصه لبسه ؟ وكم ينقص ثوبه لو لبسه ؟ فإن زاد هذا اللبس غرم الزائد ، ويغرم الغسال البقية لأنه بجنايته ، فإن نقص غرم اللبس ، ولا شيء على الغسال لأخذ الأرش من غيره ، ولو لبسه عالما غرم ما نقصه اللبس مطلقا دون الغسال ، إلا أن يكون عديما فيغرم الغسال ويتبع ذمة اللابس ، فإن لبس كل واحد منهما ثوب صاحبه فكما تقدم في العلم والجهل ، قاله ابن حبيب : والفرق بين هذه وبين من أثاب من صدقة طعاما فأكله أو ثوبا فلبسه ثم قيل له : إن الصدقة لا ثواب فيها فلا شيء عليه ، وإن كان كل واحد منهما صون مال نفسه ، أن المثيب سلط على مال نفسه ، والغسال سلط على مال غيره .

فرع

في الكتاب : إذا غلط البائع فدفع إليك غير ثوبك فقطعته قميصا ، فله أخذه بغير شيء ، فإن خطته دفع إليك قيمة الخياطة ; لأنك لم تتعد ، قال صاحب النكت : لا يكونان شريكين عند ابن القاسم هاهنا وفي مسألة القصار ، بخلاف استحقاق الثوب بعد الخياطة ; لأنهما مفرطان في التسلم ، والمشتري لم يفرط فيشارك ، وسوى سحنون في الشركة بالقياس على الاستحقاق بعد الخياطة أو الصنعة في الثوب أو البناء في الأرض ; لأن هؤلاء بسطوا أيديهم في أملاكهم في ظنهم ، والفرق عند ابن القاسم بين الرد على البائع الغالط يرد [ ص: 520 ] عليه بغير شيء للقطع ، وبين الرد بالعيب بعد القطع لا يرد إلا بنقص القطع في غير المدلس : أن المراد بالعيب يمكنه التمسك ، فلما رد ألزم بالقطع .

التالي السابق


الخدمات العلمية