صفحة جزء
فرع : قال : إذا اعتل السفل وأردت إصلاحه فعليك تعليق الأعلى ببناء أو غيره ; لأن عليك العمل ، وكذلك لو كان على العلو ، علق بحمل الأعلى على الأوسط إذا اعتل الوسط .

فرع : قال : قال سحنون : إذا أردت تلبيس حائطك من دار جارك ليس له منعك ; لأنه يجب عليه تمكينك من ملكك ، كما لو ألقت الريح ثوبك في داره ليس له منعك من الدخول له أو يخرجه إليك .

فرع : قال : قال سحنون : إذا كانت خربة بين الدور فامتلأت من قمامة الناس [ ص: 183 ] وأضر ذلك بجدار جار الخربة ، فطالب صاحب الخربة بإزالة الضرر عنه بالتنظيف ، فقال : ليس هذا من ترابي لا ينفعه ذلك وينظف ; لأن الضرر الآن من جهته ، وقال أيضا على الجيران كنسه يؤخذ الأقرب فالأقرب على الاجتهاد .

فرع : قال : إذا ارتدم السفل من الطريق وضاق عليه مدخله ، فعلى صاحب العلو أن يوسع له في هواه وبنيانه بثمن يدفعه إليه قاله : ابن عبدوس ، وقال أيضا : في قناة رجل تجري على آخر فاحتاج الذي تجري عليه القناة لردم داره ; لأن الطريق علت عليه له ذلك ، ويقال لصاحب القناة : أعل دارك إن شئت وإلا فلا شيء لك ، وقال ابن اللباد : القياس ألا يفعل إلا بإذن صاحب القناة لحقه في جري القناة .

فرع : قال : قال يحيى بن عمر : إذا نقل المطر ترابك فسد به على آخر مخرجه ، لا تجبر على نقله ; لأنه ليس من فعلك بل لك نقله ; لأنه ملكك .

فرع : قال : إذا كانت دار بجنب دار مشتركة فأراد غلق باب الدار المختصة به وفتحه في الدار المشتركة لشريكه منعه لحقه في موضع الفتح قاله مالك ، وجوز فتحه في حائط دار نفسك لتدخل دار الشركة ، قال : وفيه نظر ; لأنه يطول الأمد فيظن أن فتحه حق على دار الشركة ولو قسمت الدار المشتركة فأردت غلق بابك وفتحه في النصف الذي حصل لك ، قال مالك : إن أردت الرفق جاز ، أو تجعله ممرا للناس امتنع لضرر الشريك في نصفه ، قال : ومراده أنك تخرج من ذلك الباب إلى باب دارك ; لأنك تخفف عن صاحب النصف الآخر بعض المرور ، فقد كان [ ص: 184 ] لك سكنى نصيبك وتخرج بأهلك منه ، أما لو عطلت الخروج من باب دارك امتنع ; لأن ضرر عيالين أكثر من ضرر عيال .

فرع : في الجواهر يجوز إخراج الرواشن والأجنحة على الحيطان إلى طريق المسلمين ; لأن عمر - رضي الله عنه - قضى في الأفنية لأرباب الدور ، وفسره ابن حبيب بالانتقال من المجالس والمرابط وجلوس الباعة فيها للبياعات الخفيفة دون الحيازة بالبنيان والتحظير والسكة المستدة كالملك المشترك بين سكان السكة يمنع إخراج الجناح إليها وفتح باب جديد فيها إلا برضاهم ، ولو فتح باب دار له أخرى إلى داره التي في السكة المستدة ليرتفق به ، لا ليجعله كالسكة النافذة جاز .

قاعدة : حكم الأهوية حكم ما تحتها ، فهواء الوقف وقف ، وهواء الطلق طلق ، وهواء الموات موات ، وهواء المملوك مملوك ، ومقتضى هذه القاعدة أن يمنع بيع هواء المساجد والأوقاف إلى عنان السماء لمن أراد غرس خشب حولها ، ويبنى على رءوس الخشب سقفا وبنيانا وأن يمنع إخراج الرواش ; لأنها في هواء الشارع الذي يمنع فيه الاختصاص ، غير أن المنع ثمة لنفي الضرر ، وإلا فأصله موات يقبل الإحياء ولا ضرر في هوائه فيجوز التصرف فيه .

فرع : قال : قال سحنون : لك داران متقابلان على يمين الطريق وشماله ، لك أن تبني عليهما سباطا تعمل عليه غرفة ونحوها .

فرع : قال : الجدار لك بين الدارين لا يتصرف فيه جارك إلا بإذنك ، فإن استعاره [ ص: 185 ] لوضع جذعه عليه لم تلزمك الإعارة ; لأن الإنسان لا يجبر على دفع ملكه إلا لضرر الغير ولا ضرر هاهنا ، ولهذه القاعدة حمل قوله عليه السلام لا يمنعن أحدكم جاره من وضع خشبة على جداره على الندب . وإذا أعرت لا ترجع إلا لضرورة تعرض لجدارك ولم ترد الضرر ; لأن العارية تمليك منافع ، وروي ليس عليك نزعها وإن طال الزمان احتجت إلى جدارك أم لا ، مت أو عشت ، بعت أو ورثت ، حملا للنهي في الحديث على التحريم ووجوب تمليك المنفعة ، وأما الجدار المشترك ليس لأحدكما الانتفاع إلا برضى صاحبه ; لأنه تصرف في ملك الغير ، ويجبر على قسمه عند التنازع الممتنع منهما تحصيلا للانتفاع بالملك ، وقالأصبغ : لا يقسم إلا عن تراض وبالقرعة لتوقع الضرر في قسمة الجدار ، ويجبر الممتنع من العمارة بين العمارة والمقاواة والبيع ممن يعمل ، أو يباع عليه من حقه ما به يعمل باقي حقه ، ولا تمنع أنت من الانتفاع بحقه لضرره بذلك ، وأما ما ينقسم فيقسم بينكما ، واختلف في الحائط بينكما يحتاج للصلاح ، قيل : يجبر الممتنع نفيا للضرر ، وقيل : لا بل يصلح من أراد في حقه .

فرع : قال : إذا انهدم السفل والعلو جبر صاحب السفل على البناء ، أو يبيع ممن يبني حتى يبني صاحب العلو ; لأن عليه حمل العلو وعليه الخشب والجريد ، قال أشهب : وباب الدار ، قال ابن القاسم : وعليه السلم إذا كان له علو حتى يبلغ علوه ، ثم على صاحب العلو الأعلى ، وقيل : على صاحب السفل بناء [ ص: 186 ] السلم إلى حد العلو ، فإن كان عليه علو آخر ، فعلى صاحب العلو الأوسط بناء السلم من حد العلو إلى سقف الذي عليه علو الآخر ; لأن الأسفل أبدا عليه الحمل والتمكين من منافع العلو .

فرع : قال : ومن له إجراء ماء على سطح غيره ، فالنفقة في السطح على مالكه دون صاحب المجرى ; لأن عليه التمكين ، وسقف السفل لصاحب السفل ، ولصاحب العلو الانتفاع به ، وليس لصاحب العلو الزيادة في البنيان وله رفعه .

فرع : قال : يجوز بيع حق الهواء لإخراج الأجنحة من غير أصل يعتمده البناء .

فرع : قال : حق المسيل ومجرى الماء وحق الممر وكل حق مقصود على التأبيد ; لأنه ملك .

فرع : قال : إذا انهدمت الرحى فأقمتها وامتنع الباقون ، فالغلة كلها لك عند ابن القاسم ، وعليك أجرة أنصبائهم جزافا . وقال عبد الملك : الغلة بينكم ولك من أنصبائهم ما أنفقته ; لأنك تنتفع بملكهم عامرا ، وقال ابن وهب : أنت شريك بما زاد عملك على جزئك المتقدم في غلة الرحى ، ولك أجرة ما أقمت في حصص أصحابك بأن تقوم الرحى غير معمولة فيقال : عشرة ، وبعد العمل : خمسة عشر فلك ثلث الغلة والباقي بينكم ، وعلى الذي لم يعمل ما ينوبه من الأجرة للعمل [ ص: 187 ] في قيامه بغلتها ، ثم أراد الدخول معك أعطاك ما ينوبه من قيمة ذلك يوم يدفع ذلك إليك .

فرع : قال : إذا ادعيت على رجلين دارا فصدقك أحدهما فصالحته على مال ، للآخر الأخذ بالشفعة ; لأن الصلح بيع .

فرع : قال : إذا تنازع صاحب السفل والعلو السقف صدق صاحب السفل ; لأن اليد له كالحمل على الدابة يصدق صاحبها دون الأجنبي ، ويصدق راكب الدابة دون المتعلق بلجامها ، ولأن البيت لا يكون بيتا إلا بسقفه ، ولو كان السفل بيدك والعلو بيد آخر - وطريقه في ساحة السفل - وتداعيتما الدار كلها ، قال أشهب : الدار لك إلا العلو ، وطريقه لليد بعد أيمانكما أو نكولكما أو نكول أحدكما ، فيقضى للحالف منكما .

فرع : قال : من سبق إلى موضع مباح له الجلوس فيه ، فلا يزعج منه ; لأنه أحق بالسبق .

فرع : في الطرق والمساجد ، قال : وينتفع بالمساجد بالصلاة والجلوس والذكر والقراءة والانشغال بالعلوم الشرعية والاعتكاف ، وخفف في القائلة والنوم [ ص: 188 ] فيها نهارا للمقيم والمسافر والمبيت للمار ، ولا ينبغي أن يتخذ المسجد مسكنا إلا رجل مجرد للعبادة فيه وقيام الليل ، وأرخص مالك في طعام الضيف في مساجد البادية ; لأن ذلك شأن تلك المساجد ، وكره وقود النار ، وأجاز العلو مسجدا ويسكن السفل ولم يجز العكس ; لأن ما فوق المسجد له حرمة المسجد ; لأن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - كان إذا بات على ظهر المسجد لا يقرب فيه امرأة ، وأرخص في المرور فيه المرة بعد المرة دون جعله طريقا . وكره دخوله بالخيل والبغال والحمير التي ينقل عليها إليه خشية أرواثها ، ولم يكره الإبل لطهارة أبوالها ، وكره البصاق فيه على الحصى والتراب ثم يحكه ، واتخاذ الفرش للجلوس أو الوسائد للإتكاء ; لأنه ليس من شأن المسجد ، ورخص في الخمر والمصليات والنخاخ ; لأنه عليه السلام كانت له خمرة ، ويمنع تعليم الصبيان ودخولهم له إلا للصلاة لقوله عليه السلام : ( جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ، وبيعكم وشراءكم وخصوماتكم ، وسل سيوفكم ورفع أصواتكم ، وإقامة حدودكم ، وجمروها أيام جمعكم ) . ويكره البيع والشراء وسل السيف ورفع الصوت وإنشاد الضالة والهتف بالجنائز وكلاما يرفع فيه الصوت حتى بالعلم ; لأنه من قلة الأدب عند الأماثل ، وعند منازلهم ، قال ابن حبيب : قد كنت أرى بالمدينة رسول أميرها يقف بابن الماجشون في مجلسه إذا استعلى كلامه وكلام أهل المجلس في العلم ، فيقول : يا أبا مروان - اخفض من صوتك ومن جلسائك - وقد [ ص: 189 ] قال عليه السلام " لا تمر في المساجد بلحم ، ولا تنفذوا فيها النبل بمعنى الإدارة على الظفر ليعلم استقامتها ، ولا تزين بالقوارير أي الزجاج ، قال ابن حبيب : إنا نكره القوارير التي عملت بمسجدنا بقرطبة كراهة شديدة بل ينبغي أن تعمل على باب المسجد ; لقوله عليه السلام : اجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم . وأقبح من ذلك ما فعل بقرطبة من فتح أبواب المياضي في المسجد ، بل تفتح خارجه على حدة ، وقد نبه الله تعالى على جميع ذلك بقوله تعالى : ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ) . ورفعها تعظيمها وإجلالها عما لا يليق بها .

فرع : في الكتاب من حفر بئرا بعيدة من بئرك فانقطع ماء بئرك لذلك ، فلك ردم بئره نفيا للضرر .

التالي السابق


الخدمات العلمية