صفحة جزء
فرع

قال التونسي : إن أوصى لقرابته أو لأهله ، قيل : هم عصبته دون أخواله [ ص: 19 ] وأخته وابن أخته إلا أن لا تكون له قرابة إلا من جهة النساء فذلك قرينة دالة على إرادتهم ، وقال أشهب : يدخل من تقدم لصدق الاسم عليه . وفي المنتقى ، قال أشهب : لا يدخل قرابته الوارثون ، ويدخل النصارى ؛ لأنه عرف الاستعمال .

فرع

قال : إن أوصى لمواليه : حمله ابن القاسم على الأسفلين ؛ لأنه المفهوم من كلام الناس عنده ، وقسمه أشهب بين الأعلين والأسفلين نصفين إن كان الأعلون ثلاثة فأكثر ، فلو كان أحدهما ثلاثة والآخر عشرة وقسمته إنما هي من باب الشك بأن تكون لهؤلاء ، وتارة تكون لهؤلاء ، فهو كمال تداعياه الجميع يقسم بينهما نصفين ، فإن كان أحدهما ثلاثة والآخر أقل فهو للثلاثة ؛ لأن الأول لا يسمى موال ، وإن كانا اثنين اثنين أو واحدا واحدا فهو لجملتهم لاشتراكهما في عدم صدق الاسم عند الانفراد فدل هذا على أنه أراد جملتهم ، فإن كان له أنصاف موال أعطوا نصف ما يعطى المولى الحر كله ، وقال : لعله يريد أنه أعتق نصفا وأعتق غيره نصفا ، وإذا اجتمع موال من قبل الأب وموال من قبل الأم قدم الأقرب فالأقرب من مواليه ، ويعطى الآخرون منه إن كان في المال سعة ، ويؤثر الأحوج وإن بعد ، وقيل : يدخل فيه موالي الموالي ، قال ابن يونس : قال مالك : يدخل في مواليه أم ولده ومدبره والموصى بعتقه إذا عتقوا بعد موته من الثلث ، بخلاف المعتق إلى أجل والمكاتب إن سبقهم القسم ، فإن أديت [ ص: 20 ] الكتابة وحل الأجل قبل القسم دخلوا لتناول الاسم لهم . وقال ابن القاسم : يدخلان وتوقف لهما . فإن عتقا أخذاه وإلا رجع إلى بقية الموالي ، وقال عبد الملك : إذا لم يحل أجل المعتق لا يدخل ؛ لأنه ليس مولى عند الوصية إلا أن تكون غلة تتكرر نحو الثمرة فيأخذ ما وافق العتق لتحقق الوصف حينئذ ، قال مالك : ويدخل موالي الموالي مع الموالي ، وقال عبد الملك : إن قال : على موالي عتاقي اختص بمن باشر عتقه ، أو قال لموالي وهم يحصرون لقلتهم فكذلك ، وإلا اندرج الجميع لتناول الاسم ، قال اللخمي : أدرج مالك في لفظ الموالي موالي الأجداد والجدات والإخوة دون موالي بني الإخوة والعمومة ، وقال قبل ذلك : يختص بمعتقيه وأولادهم ، قال : وهو أحسن حتى يدل دليل على غيرهم من قرينة حال .

فرع

قال ابن يونس : قال أشهب : إذا أوصى لبني فلان وهم أربعة يعلم عددهم أم لا ، فمات بعضهم قبل موت الموصي وولد آخرون : فالوصية لمن بقي دون المولود والميت ، ولو سماهم لحرم المولود ، وآخر وارث الميت ؛ لأن التسمية تعيين ، قال محمد : إذا كانوا معينين وعلم أنه قصدهم بأعيانهم لا يحرم الميت دون المولود ، قاله مالك وأصحابه .

فرع

قال : إذا أوصى لتميم لا يدخل الموالي عند مالك ؛ لأن الصفة لا تتناولهم ، وخالفه أشهب ؛ لأنه العادة بخلاف قوله لبني تميم ، فهذا يختص ؛ لأن مواليهم ليسوا من بنيهم ، وسوى عبد الملك في الدخول ، وقال : قد تكون قبائل لا يحسن فيها لفظ بني ، نحو قيس وربيعة ومزينة وخزاعة .

[ ص: 21 ] فرع

قال : قال أشهب : ولد عبد الله : يختص بالذكور ، وبني فلان : تعم الذكور والإناث ، قال ابن القاسم : لولد فلان وهم عشرة ذكور وإناث : هو بينهم بالسوية ؛ لأن الولد يتناول الذكر والأنثى ، ولفظ الابن يختص بالذكور ، ولذلك قال الله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم ) ولم يقل : في أبنائكم لتعم ، وقال أشهب : يقسم على قدر الحاجة . وإذا قال لبني فلان ، فإذا هم بنات كلهن ، فهو بينهن ، وكذلك لو مات ذكورهن قبل تنفيذ الوصية ، قاله ابن القاسم لأن الأنثى يتناولها لفظ البنين ولا يندرج الذكور في لفظ الإناث ، ويندرج بنات البنين دون أبنائهم كما يدخل ولد الولد مع الولد .

فرع

قال : ولا يندرج ولد الصلب في لفظ الأقارب ، قاله مالك ، فإن لم يترك غير ولد البنات وولد الخالات أعطوا ، قال أشهب : يدخلون وقد تقدم تقريره في الحبس ، وذوي رحمي وقرابتي سواء يدخل كل ذي رحم محرم من الرجال والنساء كان محرما أم لا ، ولا يفضلوا بالقرب بل بالحاجة ، ولا يدخل الوارثون لقرينة حرمان الشرع لهم ، ويدخل قرابته النصارى ، ويندرج الموالي في لفظ الأقرب ، ويقدم الأقرب فالأقرب ، والأخ أقرب من الجد ؛ لأنه يدلي بالبنوة ، قال ابن كنانة ومتى سماها : صدقة فلا يعطي إلا المحتاج ، ويدخل في لفظ الأهل والقرابة عند مالك ولد البنات ، وخالفه ابن القاسم ، قال الطرطوشي : إذا أوصى لأقاربه أو قرابته أو الأقربين : روى ابن القاسم عن مالك : لا يدخل ولد البنات وولد الخالات ، وروى غيره : يدخل جميع قرابته من الأب والأم ، وعن ابن القاسم : لا يدخل القرابة من قبل الأم ولا بنو البنات ، قال القاضي أبو الحسن : قرابتي عند مالك : لولدي وولد ولدي ، لا يدخل فيه ولد البنات ، وقال ابن القطان : يدخلون ، وقال ( ح ) : يدخل كل ذي [ ص: 22 ] رحم محرم إلا الوالدين والمولودين وابن العم ، وقال ( ش ) : يدخل قرابته من قبل أبيه وأمه ، وقال أحمد : يدخل قرابة الأب دون الأم ولا يتجاوز الأب الثالث ويختص المسلم به دون الكافر . لنا على الحنفية : لما نزل قوله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) نادى عليه السلام : ( يا عباس يا فاطمة ، لا أغني عنكما من الله شيئا ) فدل على اندراج العم والولد في الأقربين ؛ ولأن عمود النسب أصل القرابة ، والأصل أولى بالاندراج ، ووافقنا ( ش ) على أنه لو أمن في الحرب القرابة اندرجوا ، واحتج بقوله تعالى : ( الوصية للوالدين والأقربين ) فأفردهما من الأقربين ؛ ولأن الولد والوالد لا يفهمان من لفظ القرابة في العرف فلا يصرف إليهما كالأجنبي ؛ ولأنه مال يستحق بالقرابة فلا يدخل فيه ابن العم قياسا على النفقة .

والجواب عن الأول : أنها أصل القرب والقرابة فكيف لا يندرجان ، وإنما أفردهما لعظمهما كما أفرد جبريل صلوات الله على نبينا وعليه في قوله تعالى : ( وملائكته وجبريل ) وكما أفرد : والإحسان ، وإيتاء ذي القربى .

وكقوله : [ ص: 23 ] والمنكر والبغي ، ونظائره كثيرة .

وعن الثاني : لا يلزم من عدم دلالة العرف ( عليهما خروجهما ، لدلالة اللغة عليهما ، كما أن الأخ لا يفهم من القرابة في لفظ العرف ) وهو يندرج ، ولو صح قولكم لم يدخل في الأمان . وابن العم يدخل في القرابة عادة ولغة ، فلا يدخل في الوصية باسم القرابة .

وعن الثالث : إن الإخوة لا نفقة لهم مع اختلاف الدين ومع الغنا ، ويدخلون في الوصية ، ثم المعارضة بأنه مال مستحق بالقرابة فيدخل ابن العم كالميراث ، وهذا القياس أولى ؛ لأن الموت شرط في الميراث والوصية بخلاف النفقة .

فرع

في البيان : إذا أوصى لابن السبيل : قال مالك : لا يندرج اليهود ولا النصارى ؛ لأن الناس لا يقصدون بوصاياهم الكفار ، والوصية للكفار مكروهة ؛ لأن المسلم أولى منه إلا أن يكون قريبا فلا تحمل الوصية على المكروهات .

فرع

قال الأبهري : قال مالك إذا أوصى للفقراء وله أقارب فقراء لا يندرجون ؛ لأنه لو أرادهم لعينهم .

فرع

قال ابن يونس : ولفظ الجيران لمن يواجهه ويلصق بمنزله من ورائه وجنبه دون من بينهما السوق المتسع ، ويقتصر في الدار العظيمة الكثيرة المنازل إذا أوصى بعض سكانها عليها فإن شغل الموصي أكثرها وسكن معه غيره فالوصية لمن خارجها لا لمن فيها ، وإن سكن أقلها اختصت بمن فيها ، قال سحنون : قال عبد الملك : جوار البادية أوسع من هذا ، وقد يكون الجار على أميال إذا لم يكن [ ص: 24 ] دونه غيره إذا جمعهم المأوى والمسرح ، وقال سحنون : كل قرية صغيرة ليس لها اتصال بالحارات فهم جيران ، قال عبد الملك : وإذا أوصى لجيرانه إنما يعطى الجار الذي له المسكن والزوجة وولده الكبير البائن عنه بنفقته ، ولا يعطى الصغير والبنت البكر ولا خدمه ولا ضيف ينزل به ، ويعطى الجار المملوك إذا سكن بيتا على حدة كان سيده جارا أم لا ، وقال سحنون : يعطى الولد الصغير والبكر بالاجتهاد .

فرع

قال اللخمي : إن أوصى لولد فلان ولا ولد له إلا حمل ، حملت الوصية عليه ، فإن أسقطته أو ولد ميتا سقطت الوصية ولا شيء لمن يولد بعد ، وإن لم يكن حمل والموصي يظن أن له ولدا بطلت الوصية لعدم المحل ، وإن كان عالما حملت على من يولد بعد ، فإن كثروا فمن ولد تجر له بذلك المال ، وإن ولد آخر تجر له مع الأول ، ومن بلغ تجر لنفسه ، فإن خسر أو ضاع منه شيء حتى التجربة لم يضمن ؛ لأن الميت رضي بالوصية مع توقع ذلك والصغير لم يضمن ذلك ، فإذا بلغ وتجر لنفسه ضمن الخسارة والسلف لأجل وضع يده .

فرع

قال : ولو أوصى لميت لا يعلم بموته بطلت الوصية لعدم المحل ، أو يعلم ووصى ، وفي بها دينه وورثت عنه . قاله مالك : لأن ذلك مقصد الموصي ويقدر تقدم ملكه قبل موته كما يقدر ذلك في دية الخطأ فإنها تورث ، ولا يملكه في الحياة لبقاء الروح ، وعنه : الوصية باطلة لعدم من يصلح للملك . وقال الأئمة قياسا على الوصية للجهاد .

[ ص: 25 ] فرع

قال : إذا قال : لآبائي ، دخلت الأجداد والأمهات والجدات كما يقال للناس : أولاد آدم وحواء ، فإن لم يجز الورثة للآباء حوصص الأجداد والجدات بما ينوبهم وكان نصيبهم ميراثا ، وتندرج في الأعمام والعمات من كل جهة كالأم مع الأب ؛ لأن هذه مجازات عالية والألفاظ تحمل على العوائد وتندرج في عصبتي نسب الأب الذكور وإن بعدوا دون الإناث ؛ لأن التعصيب من المعاوضة والتقوية ، ومنه عصب الحيوان ، وذلك مختص عادة بهؤلاء دون من هو من قبل الأم .

فرع

قال : والأهل والآل سواء ؛ لأن الهمزة بدل من الهاء كما في قوله تعالى : ( هاؤم اقرءوا كتابيه ) أي هاكم فهم العصبة والأخوات والعمات دون الخالات ، قال ابن القاسم ، فجعله لمن كان من قبل الأب الذكور والإناث ( دون من هو من قبل الأم ، وقال مطرف : يدخل الأخوال والخالات وبنوهم الذكور والإناث ) وبنو البنات ذكورهم وإناثهم .

فرع

قال : وقوله : إخوتي ، يتناول الأشقاء والأب والأم ؛ لأن الأخوة هي المساواة في صفة ، ومنه قوله تعالى : ( كلما دخلت أمة لعنت أختها ) أي : المساوية لها [ ص: 26 ] في صفة الكفر ، وقوله تعالى : ( وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها ) لاستوائهما في صفة الدلالة ، وتقول : هذه النخل أخت هذه ، والأخوة مستوية إما في صفة الخروج من الظهر أو من الرحم أو منهما ، وهم الأشقاء ، فلفظ الأخوة يشمل الجميع .

فرع

في الكتاب : لولد فلان ، عالما بأنه لا ولد له ، ينتظر أيولد له أم لا ، ويساوى فيه بين الذكور والإناث لعدم اختصاص اللفظ ، وإن لم يعلم فهي باطلة لعدم من يملك ، قال ابن يونس : قال أشهب : إذا مات الموصي ولا ولد للموصى لولده بطلت الوصية ، علم بأن له ولدا أم لا ، وإن ولد له بعد ذلك إلا أن يكون له له حمل يوم موت الموصي ؛ لأنه مات ولم يجرم بنقل ماله لأحد ، وعن ابن القاسم : إذا أوصى لبني فلان فلم يوجد لهم ولد : رجعت ميراثا لعدم المحل ، والوصية لغير شيء باطلة إجماعا ، وعنه : إذا أوصى لفقراء بني عمه فوجدوا أغنياء فليوقف عليهم فمن افتقر دفع له وإن لم يفتقر أحد رجعت ميراثا .

فرع

قال صاحب البيان : الفخذ أعم من الفصيلة وأخص من البطن ، والقبيلة والبطن أخص من القبيلة ، وقد تقدم تعامل هذه الألفاظ والخلاف فيها في الوقف ، والوصية تتخرج عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية