صفحة جزء
[ ص: 44 ] فرع

في الجواهر : ينبغي أن لا يكون الموصى به زائدا على الثلث للحديث المتقدم أول الكتاب ، وهل ذلك شرط في الصحة أو النفوذ ، يتخرج على القولين في إجازة الوارث هل هي هبة أو تنفيذ ؟ .

فرع

في الكتاب : أوصى بجميع ماله وله وارث واحد فأجاز ، فلغرمائه رد الثلثين أو أحدهما في الدين ، ولو أقر أن أباه أوصى بثلثه وعلى الأب دين مغترق ، وأنكر الغرماء بعد إقراره قبل القيام عليه بالدين لعدم الحجر لا بعد القيام ، وكذلك إقراره بدين على أبيه أو بوديعة عند أبيه يجوز قبل القيام ، ويحلف المقر له إن كان حاضرا كمن شهد أن هذا الذي في يدي تصدق به فلان على فلان وتركه له في يدي ، وأنكر الذي هو له ، فإن حضر المشهود له حلف وأخذه ، وإن غاب لم يجز ؛ لأن المقر يتهم في بقاء ذلك الشيء بيده ، قال صاحب التنبيهات : جعل تنفيذ الوارث للوصية بجملة المال كالهبة وكذلك رد الغرماء ، وقال ابن العطار : بل تنفيذ لفعل الميت ، فهل المقر على أبيه بدين وعلى نفسه سواء إذا أحاط الدين بماله ؟ ولا بد من حلف المقر له للتهمة في المحاباة بالمقر به ، وقيل : لا يحلف في صورة المقر على نفسه ؛ لأنه سوى بينه وبين غرمائه ، والمقر على أبيه قدم المقر له على غرمائه هو ، فيحلف للتهمة . والحاكم يلزم هذه الأيمان وإن لم يطلب ذلك الخصم ، وليس المقر هاهنا كالشاهد ، وكذلك لم يشترط فيه العدالة ، قال صاحب .

[ ص: 45 ] النكت : لم يجعل مالك على المقر على نفسه قبل قيام غرمائه يمينا بخلاف المقر على أبيه ، ولو أقر على نفسه بوديعة قدمت على دين الغرماء ، ومع ذلك لا يحلف ؛ لأن الوديعة إذا لم توجد وجب الحصاص بها كالدين ، والدين المقر به يقدم على كل حال ، قال التونسي : إذا أقر الوارث بوديعة عند أبيه حلف المقر له وأخذها ، فإن كان معه ورثة والمقر عدل حلف المقر له ، وإلا أعطاه نصيبه منها مؤاخذة له بإقراره ، قال ابن يونس : إن أقر ولا دين عليه أن أباه أوصى بأكثر من ثلثه ، وأنه أجاز ذلك وأشهد ثم مات الابن مدينا ولم يقبض الموصى له وصيته قدمت وصية الأب إن عرف أنه مال الأب لتقدم التصرف على الحجر ، وإن لم يوجد للأب شيء من ماله وعلى الأب دين حاصص غرماء الابن الموصى له في مال الابن ، وإن وجد من مال الأب شيء أخذه الموصى له خاصة ، فما فضل حاص به ؛ لأن الوصية صارت على الابن باستهلاكه مال الأب ، قاله أشهب : قال محمد : كذلك فيما بلغ ثلث الأب وما جاوزه ، ومال الابن بيد الابن حتى مات بطل الزائد ؛ لأنه هبة له لم تقبض ، فإن كان بيد غيره نفذ للموصى له ؛ لأن ذلك كالحوز .

فرع

قال ابن يونس في الكتاب : إذا ترك ابنين وألفين فأقر أحدهما أن على الأب ألفا لفلان : حلف معه إن كان عدلا وإلا أخذ خمسمائة ، وقال أشهب : يأخذ الألف كلها ؛ لأنه لا ميراث لوارث يزعم أن الميت مديون بخلاف إقراره بالوصية ؛ لأن الموصى له شريك في المال ، ولو أقر كل واحد بألف على أبيهما لغير من أقر له الآخر وكلاهما ينكر قول أخيه : قضي بالألفين مع حلف كل واحد من المقر له إن [ ص: 46 ] كان المقران عدلين ، وإلا جرى الخلاف المتقدم ، فإن حلف أحدهما ونكل الآخر أخذ الحالف ألفه والناكل خمسمائة من المقر له ، ويحلف له الأخ الآخر : ما يعلم صحة شهادة أخيه ، ولو أقر كل واحد بثلث في وصية غير الذي أقر به الآخر ، وهما عدلان : فالحلف كما تقدم ، فإن نكل أحدهما فلا شيء له ، على الذي شهد له ؛ لأنه لم يكن بيده من الثلث شيء بخلاف الدين ؛ لأنه من رأس المال ، والوصية من الثلث لم يبق من الثلث شيء ، وإن نكلا أو كان الولدان غير عدلين أعطى كل واحد للمقر له ثلث ما في يديه ، ولو رجعا بعد الحكم وأقر أن الذي شهد به صاحبه حق بعد أن أخذ كل واحد ما شهد له به ، أخذ كلاهما من الذي أنكر وصيته ثلث ما في يديه لإقراره بإتلاف ذلك عليه ، ولو شهد اثنان من الورثة أن أباهما أوصى لفلان بالثلث ودفعا ذلك إليه ثم شهدا إن كان أوصى به لآخر ، وأنهما أخطآ ، فلا يصدقا على الأول للتهمة في الضمان الذي دخل عليهما ، ويضمنان للآخر الثلث ، ولو لم يكونا دفعاه صحت شهادتهما للآخر وبطلت الأولى لعدم التهمة المذكورة .

فرع

قال : لو أقر بدين يغترق التركة ثم أقر لآخر بمثله فإن لم يكن عدلا برئ بالأول لتعذر إبطال الإقرار ، أو عدلا وذكر عذرا بينا قبل قوله وحلف للآخر ، فإن نكل فهو كما لو لم يكن عدلا .

فرع

قال لو أقر بالوصية لفلان بالثلث ، وأعتق هذا العبد وهو الثلث بكلام متصل قدم العتق ، وإن لم يكن الولد عدلا أو كلام غير متصل وتقدمت الوصية قدمت وعتق العبد على الوارث . قال محمد : كان عدلا أم لا .

[ ص: 47 ] فرع

في الجواهر : تصح بالحمل دون الأمة وبالعكس ؛ لأن الوصية بالغرر جائزة ، فإن أطلق تناول الحمل بلفظ الجارية كالبيع ، ولو أوصى بقوس حمل على ما يرمى به النشاب دون ما يرمى به البندق ؛ لأنه الأغلب إلا أن لا يكون له إلا هو فيتعين بقرينة الحال أو تعينه قرينة أخرى ، ولو أوصى بشاة من ماله شارك بواحدة من عددها ضأنها ومعزها ذكورها وإناثها صغارها وكبارها لعدم اختصاص اللفظ فلو كانت عشرة فله عشرها ، فلو هلكت كلها فلا شيء له لتعلق الوصية بعينها ، فإن لم يكن له غنم فله من ماله قيمة شاة من وسط الغنم ، ولو قال : أعطوه شاة من غنمي فمات ولا غنم له فلا شيء له ؛ لأن الوصية إنما تعتبر عند الموت ، أو له شاة واحدة دنية أو عليه دفعت له ، أو ثلث غنمي فماتت فله ثلث ما بقي ، فلو سمى عددا مثل ثلث عدد الغنم فهل هو كقوله : ثلثها فيكون شريكا بالثلث فيما زاد أو نقص ؟ أو له ذلك القدر وإن لم يبق إلا هو أو بقي أكثر منه أخذ بحصة عدده كما لو كانت خمسين فأوصى بعشرة فعلى الأول : له خمسها زادت أو نقصت ، وعلى الثاني إن ماتت عشرة فله الربع أو عشرون فله الثلث ، أو أربعون أخذ الباقي كان أدنى أو أعلى ، ولو أوصى بتيس من غنمه شارك بواحد من التيوس ، ولا يدخل مع ذلك البهم والإناث ، أو بكبش لم يدخل إلا كبار ذكور الضأن ، أو بنعجة فكبار إناث الضأن ، ولو قال : بقر من بقري دخل الذكور والإناث ، أو ثور اختص بكبار الذكور ، أو عجل اختص بذكور العجول ، أو بقرة من عجولي ففي الذكور والإناث من العجول ، أو شاة من بهمي أو ضاينة من خرفاني لم يدخل الكبار ، أو رأس من رقيقي ومات له واحدة تعينت ، أو عدة فماتوا أو قتلوا قبل موته بطلت الوصية ، أو بعد الموت انتقلت الوصية للقيمة ، ولو قال : أعتقوا عني رقيقا فأقلها ثلاث ؛ لأنه أقل الجمع ، ومدرك هذه المسائل كلها : مقتضى اللفظ لغة أو عرفا ، وفي الجلاب : إذا أوصى بعبد من عبيده ( المختلفة القيم فله جزء منهم إن كانوا

[ ص: 48 ] عشرة فعشرهم ، أو لعبد من عبيده ) وهم عشرة فمات ثمانية فله نصف الباقين إن خرجا من ثلثه ، وإن لم يكن له مال غيرهما فثلثهما له ، ولو أوصى بعشرهم فله عشر الباقي بعد الموت .

فرع

قال صاحب البيان : قال ابن القاسم : أوصى بأحد عبيده الثلاثة لرجل ، وقال : لفلان أحدهم ، وقيمتهم سواء ولا مال له غيرهم ، أسهم للثاني فإن وقع سهمه في العبد الموصى به للأول فهو بينهما نصفان ، أو في غيره فله نصفه وللورثة نصفه ، وللأول نصف الموصى به له ونصفه للورثة ؛ لأنه ليس له أن يوصي بأكثر من الثلث ، وإن اختلفت قيمتهم أسهم للثاني أيضا ، فإن خرج الموصى به للأول وقيمته الثلث فأقل هو بينهما نصفان ، أو أكثر من الثلث شطر بينهما ما يحمل الثلث منه ، وللورثة باقيه وإن خرج في غيره وقيمته الثلث فأقل ، أخذ العبد الذي خرج وله آخر الذي أوصى له به ، أو أكثر من الثلث فلهما ثلث الثلاثة وإن لم تجز الورثة ؛ لأن الوصايا إذا لم يحملها الثلث صارت شائعة فيه ، وهذا على القول بأن من أوصي له بعبد من جملة عبيده يعطي واحدا من جملة عددهم بالقرعة ، وقيل : من عددهم بالقيمة ، وهما في المدونة وعلى الثاني سهم على الثلاثة ، فإن حمل الثلث الوصيتين أخرجتا افترقتا في العبيد أو اجتمعتا ، وإن لم يحملها ولا أجيزتا تحاصا في الثلث على قدر وصاياهما ، وفيها قول ثالث : إن الموصى له بعبد من العبيد شارك الورثة في كل عبد بالثلث ، وإن كانوا ثلاثة ، أو بالربع إن كانوا أربعة ، وعلى هذا يكون للموصى له هاهنا بالمعين ثلثا العبد الموصى له به ، وثلثه بينه وبين الآخر الموصى له بالمنكر ؛ لأن وصاياهما قد اجتمعت في ثلثه ، وللآخر ثلث كل عبد من العبدين الآخرين أيضا إن حمل ذلك الثلث وإلا يحاصصا فيه على قدر وصاياهما .

[ ص: 49 ] فرع

قال : قال ابن القاسم : قال ولد لا وارث معه : أبي أوصى بعتق هذا ، ثم قال : لا ، لكن هذا ، ثم قال : لا . بل هذا . من كل واحد ثلث قيمة ثلاثتهم ، فإن استوت قيمتهم عتق الثلاثة ، أو اختلفت عتق من قيمته ثلث قيمة ثلاثتهم . ومن قيمته أكثر عتق منه ما حمله ثلث قيمتهم ، ومعناه : إذا لم يكن للميت مال غيرهم فواحدة للوارث بإقراره ، مثاله : قيمة أحدهم عشرة والثاني عشرون والثالث ثلاثون ، فيعتق الأولان ؛ لأن قيمة كل واحد إما ثلث المال أو أقل ، وثلث الثالث ؛ لأن ذلك ثلث المال ، وإن كان مال ثلاثون ، عتق الثالث كله مع الأولين ؛ لأنه ثلث المال .

التالي السابق


الخدمات العلمية