صفحة جزء
القسم الثاني : في الأحكام الحسابية ، قال اللخمي : إذا أوصى بجميع ماله ، ولآخر بثلث ماله ولم يجز الورثة فالثلث بينهما أرباع ؛ لأنه نسبة الثلث إلى جملة المال ، وإن أجازوا تحاصوا كذلك في المال ، أو بنصف ماله ولآخر ثلثي ماله ، فالثلث بينهما أسباع ، أو المال فيجعل النصف ثلاثة فيكون الثلثان أربعة ، أو نقول : أقل عدد له نصف وثلثان ستة فيجعل الثلث ستة ، وجملة المال ثمانية عشر ، أو نقول : مخرجه النصف من اثنين ، والثلثين من ثلاثة وهما متباينان ، فبضرب ثلاثة في اثنين تكون ستة وهو جملة الثلث فيكون المال ثمانية عشر ، والوصايا وإن سميت من المال فالحجر الشرعي يردها للثلث ، فكأنه أوصى له بنصف الثلث وهو ثلاثة في هذه الصورة ، وبثلثيه وهو أربعة فذلك سبعة ، وينتقل جملة المال إلى أحد وعشرين ؛ لأنه المتحصل من ضرب ثلاثة في سبعة ، ولو أوصى بالسدس والربع فخرج الربع أربعة والسدس ستة ، فكأنه أوصى لهما بالمخرجين فيكون الثلث بينهما على عشرة ، لصاحب الربع ستة ، ولصاحب السدس مخرجه ؛ لأنه قد صرح أن صاحب الربع يفضل صاحب السدس بمثل نصف السدس وهو ما ذكرناه ، وكذلك النصف والثلث ، مخرج النصف اثنان ومخرج الثلث ثلاثة ، فكأنما أوصى لهما بالمخرجين ، لكن لكل واحد منهما مخرج صاحبه ؛ لأن النصف أكثر من الثلث بمثل نصف الثلث ، وهو زيادة مخرج الثلث على مخرج النصف ، فيكون الثلث بينهما خمسة ، وجملة المال [ ص: 72 ] خمسة عشر ، ولو أوصى بالنصف والثلث والربع فالثلث بينهم ثلاثة عشر ، للنصف ستة والثلث أربعة والربع ثلاثة ؛ لأن هذه الأعداد تثبت هذه الوصايا ، وهذا الباب كثير الفروع فقس غير هذه عليها ، واختلف إذا أوصى بثلث ماله ولآخر بعبد قيمته الثلث وأجاز الورثة قيل : يكون للموصى له بالثلث ثلثا الثلث ، ولصاحب العبد ثلثا العبد ، وثلث العبد ، بينهما نصفان ؛ لأنه وصى بثلثه مرتين ، وقيل : لصاحب الثلث جميع الثلث ، وللآخر جميع العبد لصحة إنفاذ الوصيتين ، وإن لم يجيزوا فالثلث بينهما نصفان لاستوائهما ، وقيل يبدأ بصاحب الثلث ولا شيء للآخر ؛ لأن الميت إنما أوصى له من ثلثي الورثة ، وإن قال : لفلان هذا وقيمته ثلث ماله ، ولفلان خدمة هذا الآخر وأجاز الورثة لصاحب الخدمة ، فله أن يخدمه ويقوم الورثة مقامه في المحاصة فما نابه أخذوه . وقال محمد فيمن أوصى بخدمة عبد ولآخر بعشرة دنانير ولا مال له سوى العبد وأجاز الورثة للمخدم الخدمة ، فإنه يباع ثلث العبد محاصا فيه . هذا بالعشرة والآخر بقيمة الخدمة ، فما صار للمخدم أخذه ثم يختدم ثلثي العبد حتى يموت فيرجع العبد للورثة إن صار له في المحاصة ثلث الخدمة فأقل ، وإن صار له أكثر سلم الفاضل للورثة ولا يزاد على وصيته ، وهو كرجل وصى لرجلين بثلث ماله ولآخر بنصف ماله فأجاز الورثة للموصى له بالنصف فإنه يحاص الموصى له بالثلث بجميع النصف ويعطيه الورثة تمام النصف .

[ ص: 73 ] فرع

في الكتاب : أوصى لرجل بماله ، ولآخر بثلثه ، ولآخر بعشرين دينارا ، والتركة ستون ، فلصاحب المال ستة أجزاء ، وللنصف ثلاثة ، وللثلث اثنان ، والعشرون اثنان ؛ لأن الثلث عشرون ، فذلك ثلاثة عشر يقسم عليها الثلث ، وكذلك لرجل بثلث ماله ، ولآخر بسدسه ولآخر بربعه يتحاصون في الثلث من عين ودين وغيرهما على حساب عول الفرائض سواء ، وإن أوصى بثلثه ولآخر بعبده ، وقيمته الثلث ، فهلك العبد بعد موت السيد ، قيل : النظر في الثلث . فللموصى له بالثلث ما بقي ؛ لأنه لم يوقف إلا له ، وإن أوصى بثلثه وربعه وشيء بعينه ضرب في الثلث بالتسميات وقيمة المعين فما صار لصاحب المعين حصته في ذلك المعين ، وما صار للأخوين شارك به الورثة ، فإن هلك المعين بطلت الوصية فيه ، والباقي بين أصحاب الوصايا الأخر ، قال ابن يونس : قال مالك : إن أوصى بثلثه وبنصفه فأجازوا لصاحب النصف وحده أخذ النصف ، والآخر خمس الثلث الذي كان يحصل له لو لم يجيزوا لصاحب الثلث وحده أخذه وأخذ الآخر ثلاثة أخماس الثلث . وقال أشهب : يتحاصان فما صار للمجاز له أتموا له من مواريثهم ؛ لأنها لا تستحق الثلث قبل الإجازة ، وإن أجاز بعضهم دون بعض عمل مخرجها بغير إجازة ، فما حصل لمن لم يجز له أخذه ، ومخرجها مع الإجازة ، فما وقع للمجاز أخذه ، والفاضل عن حصته لو لم يجز للموصى له ، وبمذهبنا في التراجم في الثلث عند عدم الإجازة قال ( ش ) ، وقال ( ح ) : إذا أوصى بالنصف والثلث ، الثلث بينهما نصفان وتسقط الزوائد على الثلث ، وكأنه أوصى لكل واحد بالثلث ، ونقص أصله فيقسم على التفاوت إذا أجاز الورثة ، وإذا أوصى بالثلث وبالربع أو بالسدس ، لنا : قوله تعالى : ( فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ) . والمخالف بدل ؛ لأن الميت فاوت وهو سواء [ ص: 74 ] بل نقول : إذا أوصى بماله وقد أوصى بجميع ثلثه ، وإذا أوصى بنصف ماله فقد أوصى بنصف ثلثه ، وإذا أوصى بربع ماله فقد أوصى بربع ثلثه ، فينبغي أن يقسموا على هذه النسبة أو نقول : ما قسم على التفاضل عند السعة قسم على التفاضل عند الضيق قياسا على المواريث ؛ لأنها وصية لقوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم ) فكما عمل في العول يعمل هاهنا . احتجوا بأمور : أحدها : قلب القياس المتقدم فقالوا : وصية لا يزاحم فيها بأكثرها وهو الثلث ، كالميراث لا يزاحم فيه بأكثره وهو الثلثان ، وثانيها : الزوائد لا تستحق بالوصية فلا يضرب به كمال الفقير .

والجواب عن الأول : أن الشرع ما سمى أكثر من الثلثين ، وهاهنا سمى أكثر من الثلث ، ولا يتصور هناك الخمس والسبع ونحوهما بخلاف هاهنا ، فدل على اتساعه .

والجواب عن الثاني : أن مال الغير غير قابل بخلاف ماله .

التالي السابق


الخدمات العلمية