صفحة جزء
[ ص: 134 ] فرع

في الكتاب : استحداث الدين في المرض يرد ما بتل من العتق في المرض ويضر ذلك بالعبد كما يضر به ما تلف ، ( وقد قال غير هذا ) .

فرع

قال ابن وهب : إذا أوصى بما تلده بقرته هذه أبدا : إن كانت حاملا يوم الوصية فهو له ، وإلا فلا شيء ولو حدث حمل ، ولربها بيعها ؛ لأن الوصية يرجع فيها . وقال أشهب : بل له ما تلده أبدا وهو أصوب ؛ لأنه ظاهر اللفظ . قال محمد : وهذا إذا لم تكن يوم الوصية حاملا وإلا فليس له إلا حملها ، وإذا أوصى بصوف غنمه ولبنها لرجل وبها لآخر : فالنفقة على صاحب الغلة ، وله ما كان تاما في الصوف يوم مات ، وما في ضروعها من اللبن ، وما في بطونها من ولد وما تلد حياته ، يريد : إذا لم تكن حوامل يوم الوصية ، وإنما حملت يوم الموت . ولو كانت حوامل يوم الوصية لم يكن له غيره إلا أن يوصي بما تلده حياته أو يعلم أنه أراد ذلك ، قال عبد الملك : إذا أوصى بما في بطن أمته أو غنمه أو ثمرة نخله وبوصايا ، فولدت قبل النظر حوصص بالولد على حسنه وقبحه وقيمته وإلا حوصص بقيمة الأمهات ، فإن تبين عدم الحمل رد ما وقف على أهل التلف ، فإن ماتت الأمهات ، وخفي أمرها وكان الحمل بينا مضى الحصاص على عشر قيمة الأمهات ، وقيل : تباع الأمهات ولا تنتظر ، ولا تكون أقوى حالا ممن يعتق ما في بطنها ثم يموت ، فإنها تباع في دينه ، وإذا أثمرت النخل فينظر كم يسوى المؤجل تبعهما يحاصص بذلك وكذلك يحاصص في [ ص: 135 ] العبد الآبق يرضى بقيمته على غرره .

قال ابن القاسم : يوقف الزرع الموصى به حتى يحل بيعه فيحاص به . وقال أشهب : إن أوصى بحمل أمته : إن حمل الأم الثلث حاملا وقفت حتى تضع فتقوم الوصية على وجهها ، ولا ضرورة في الغرر . قال ابن القاسم : إن قال : ثمرة حائطي ولم يبين أي ثمرة ولا المدة : إن كان فيها يوم الوصية ثمرة لم يكن له غيرها ؛ لأنها الموجودة التي تسمى ثمرة ، وإلا فله ثمرته حياته ، وإن أوصى بثمرة حائطه ولم يدع غيره ولم تؤبر ، لم يلزمهم إيقاف الحائط حتى يؤبر ، بل إما أجازوا أو قطعوا له الثلث من التركة ، ولو أوصى بغلة ثلث حائطه لزم الورثة كما لو أوصى بثلث حائطه ملكا ، لأن ثلث غلته إيقاف لجملته ولا يصح فيه القسم ، والآخر يصح فيه القسم . قال سحنون : لو أوصى بغلة حمامه للمساكين : ليس للورثة قسمته وإن خرج الحمام من الثلث ، بل يبقى الثلث موقوفا حتى تحصل غلة جميعه فيعطى ثلثها كما أوصى . فإن لم يحمله الثلث خير الورثة بين إيقافه كله وإعطاء ثلث الميت للمساكين ، وإنما قال ذلك في الحمام ؛ لأنه لا ينقسم ، ولو كان دارا تحمل القسم لفرق بين قوله : غلة ثلث داري ، وثلث غلة داري ، كما تقدم لأشهب في الحائط .

فرع

في الكتاب : إذا أوصى لبني فلان ، قسم بينهم بالسوية لا بحسب الحاجة بخلاف الحبس فإنه يجري مجرى الصداقة .

فرع

في الكتاب : إذا مات الموصى له بعد موت الموصي فهي لورثة الموصى له علم بها أم لا ، لموته بعد تقرر حقه ، وإن مات قبله بطلت الوصية علم الموصي بموته أم [ ص: 136 ] لا ؛ لأن الوصية إنما تعتبر عند الموت ، فإذا ظهر أنها لا محل لها حينئذ بطلت ، ويحاص بها ورثة الموصي أهل الوصايا في ضيق الثلث ؛ لأن مورثهم إنما أوصى لأهل الوصايا بصفة كونهم يضايقوا بوصية الميت ، وعنه : إذا علم بموته بطلت الوصية وعليه الرواة ؛ لأنه إذا علم فقد أقر وصيته لمن بقي من أهل الوصايا ، وإلى الأول رجع مالك ، وبه أخذ ابن القاسم ، قال ابن يونس : قال مالك : إذا رد أحد أرباب الوصايا وصيته بعد موت الموصي ، حاصص بها الورثة كالميت فيقسمها الورثة مع ميراثهم ، فلو رد قبل موت الموصي ، فهي كموته قبل موت الموصي ، ويجري فيها اختلاف قول مالك . قال اللخمي في محاصة الورثة : إذا مات قبل موت الموصي والوصايا أكثر من الثلث : أقوال لمالك ، ثالثها : إن علم لم يحاصصوا ، وإلا حاصصوا فالمحاصة - وإن علم - مبنية على أحد أقواله : إن الميت إذا زاد على ثلثه فقد قصد دخول أرباب الوصايا ( بعضهم على بعض وعدم المحاصة ، وإن لم يعلم إما على أحد القولين في دخول الوصايا ) فيما لم يعلم به ؛ أو لأنه يتوقع رده والتفرقة بناء على أن علمه إقرار لأصحابه . أما إن أوصى له بالثلث فلم يقبل أحدهم أو مات حاص الورثة بنصيبه قولا واحدا ؛ لأن الموصي إنما أعطى بصفة المحاصة فلا يؤخذ أكثر منها .

فرع

قال ابن يونس : قال يحيى : إذا ترك زرعا أخضر وثمرة لم تطب ورقيقا وأوصى بما يضيق عنه الثلث : فإن كان بمال بيع رقيقه ونفذت الوصية وانتظر حالة جواز بيع الزرع . بيع ودفع لهم ثلث الثمن . فإن أوصى بعتق أو ببعض الرقيق فلا يباع [ ص: 137 ] فيه ، بل إذا حل بيع الزرع بيع الزرع ولا يقسم شيء حتى يباع الزرع إلا أن يجيز الورثة فيقتسمون بقية المال ويبقى الزرع لهم . وقال أصبغ : إن كان الزرع في أول بذره وفي ذلك عطب الحيوان والضرر على العبد عتق محمل الثلث .

فرع

في الجواهر : كل تبرع في المرض المخوف فهو محسوب في الثلث ، وإن كان منجزا ، وقاله الأئمة لحديث المعتق ستة أعبد فأقرع - عليه السلام - بينهم فأعتق ثلثهم ورق ثلثاهم . وكذلك إن وهب في الصحة وقبض في المرض ؛ لأن القبض معتبر في الهبة ويحجر عليه إلا في الثلث ، وإن لم يكن المرض مخوفا لم يحجر عليه ، والمخوف : كل ما لا يؤمن فيه الموت ، كالحمى الحادة ، والسل ، والقولنج ، وذات الجنب ، والإسهال المتواتر مع الدم ، وما يقول الأطباء : إنه سبب الهلاك غالبا ، وما دون الجرب ، ووجع الضرس وحمى يوم ، والرمد ، والبرص ، والجنون ، وحمى الربع ، وكل ما أشكل ، أخذ فيه بقول أهل المعرفة بالطب كما في العيوب ، وأما المفلوج والمجذوم إن لزما الفراش ، فكالمرض ، وإلا فلا ، ويلحق بالمخوف : الحامل في ستة أشهر ، والمحبوس للقتل في قصاص أو حد ، والحاضر في صف القتال متعرضا للقتل ؛ لأن هؤلاء يغلب في حقهم الموت كالمرض المخوف ، وألحق ابن وهب وأشهب : الملجج في البحر وقت الهول ، وخالفهما ابن القاسم ، ولا يحجر عليه في القوت والكسوة والتداوي وما يحتاج إليه من الأشربة وأجرة الطبيب ونحو ذلك ، وكذلك المعاوضة كالتجارة بغير محاباة ، والإجارة والرهن والأخذ بالشفعة فلا يحجر عليه ؛ لأنه لا ضرر على الورثة فيه ، وما عدا ذلك من التبرعات موقوف ، وإن مات فمن الثلث ، أو عاش نفذت ، وإن أجر بأقل من الأجرة [ ص: 138 ] فالمحاباة في الثلث ، وفي المنتقى : قال عبد الوهاب : يحجر على المريض فيما زاد على حاجته في الدواء والكسوة والإدام وما خرج عن العادة . قال : ومحاباة المريض موقوفة ، فلو باع ذهبا بورق وحابى فيه صح ؛ لأنه لم يقصد الإتلاف بل هو ينجز حتى يرد الورثة ، كالرد بالعيب ، ووافقنا أحمد في الحامل ، وخالفنا ( ش ) و ( ح ) حتى تبلغ المخاض ؛ لأنها صحيحة ، وجوابهما : أنها في العادة يندفع حلها وهي أيضا تتغير صحتها وتتعلل ، ويشير إليه قوله تعالى : ( حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين ) فدل على أن زمن الثقل هو الزمن المرجى للوضع ومظنته ، ولذلك دعوا ، ومعلوم أنها في الستة مثقلة ، وخالف الشافعي في الزاحف في الصف حتى يتصدى للجراح ليشرع في المطاعنة ، لنا : قوله تعالى : ( ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ) وإنما رأوا القتال وهو الذي كانوا يتمنونه فجعله موتا لوجود مظنته .

فرع

قال : الوصية بالعتق لا تفتقر إلى قبول العبد ؛ لأن العتق حق لله تعالى . وكذلك لو أوصى برقبته ، ووقع في الكتاب : إذا أوصى ببيع أمته ممن يعتقها ، لها الامتناع إن كانت من جواري الوطء حيث يكون العتق هدرا ، قاله ابن القاسم ، كمن أوصى بضرر وأنفذ غيره عتقها ؛ لأنه قربة يثاب عليها .

فرع

قال : لو أوصى بثلث ماله فاستحق ثلثا ماله فالوصية في ثلث الثلث شائعا ، ووافقنا الشافعي على أن المعتبر في قدر المال بحال الموت دون يوم الوصية .

[ ص: 139 ] فرع

قال : إذا أعتق عبيدا وضاق المال أقرع بينهم . قال صاحب البيان : قال مالك : تقع القرعة في الموصى بعتقهم ، وفي المبتلين في المرض إذا أوصى بعدد منهم أو جزء أو بجميعهم ولا يحملهم الثلث لما في الموطأ : أن رجلا أعتق ستة أعبد عند موته فأسهم - عليه السلام - بينهم فأعتق ثلثهم ورق الباقي . قال مالك : وبلغني أنه لم يكن له مال غيرهم ، ولو كان له مال غيرهم عتق منهم بالقرعة محمل الثلث عند مالك . وقال ابن نافع : تختص القرعة بموت السيد في العتق عند الموت ولا مال له غيرهم ؛ لأنها تذهب ما ثبت لجميعهم من العتق . وقال أشهب : لا يقرع إلا في الموصى بعتقه لعدم ثبوت العتق ؛ لأن الوصايا تقبل الرجوع بخلاف المبتلين في المرض . فلو قال : أحد عبدي هذين حر ونصفهما أعتق نصف قيمتها بالقرعة عند الجميع بأن يقوم كل واحد على حدته ويقرع عليهما . فإن خرج العتق للأول عتق من الآخر بقية نصف الجميع ، وإن خرج الأكثر خرج منه قدر نصفهما دون باقيه وجميع الآخر . ولو قال : أنصاف عبيدي حرة ، أو أنصاف عبدي عتق من كل واحد نصفه . قال ابن القاسم : ولو قال في رقيقه ليس له مال غيره : بيعوا رأسا منه في الدين ، والبقية أحرار ، بيع واحد بالقرعة ، فإن فضل من الثلث شيء أسهم بين الباقي ، فمن خرج عتق منه بقدر الباقي .

فرع

قال صاحب البيان : قال مالك : إذا أوصى بعبد بعينه فمات العبد عن مال قبل النظر في مال الميت : المال للموصى له ويتخرج فيه الخلاف في بيع مال العبد في الوصية ، ويخرج المال من ثلث ما بقي بعد موت العبد كأن العبد لم يكن .

[ ص: 140 ] فرع

قال : قال ابن القاسم : إذا أقر في مرضه أن عبدي هذا حر ، وكنت اغتصبته على نفسه وهو حر ، الأصل : إن كان يورث كلالة لا يصدق للتهمة في إزوائه عن الورثة ، ولا يعتق من المال ولا غيره ؛ لأنه لم يقل : أعتقته ، وإن ورثه ولده عتق من رأس المال لعدم التهمة مع الولد . وهذا التفصيل فيمن قال : أولدت أمتي هذه ، وفي المسألتين ثلاثة أقوال : إن لم يورث كلالة يعتق من رأس المال في المدونة ؛ لأنه إقرار صحيح . لا يعتق مطلقا قاله ابن القاسم في المدونة ؛ لأن الحالة حالة حجر ، ولم يخرجه مخرج الوصايا ، ويعتق من الثلث ؛ لأن أقل أحواله يكون وصية ، وإن ورث كلالة فثلاثة أقوال : يعتق مطلقا في المدونة . ويعتق من رأس المال في المدونة . وروي : إقراره نافذ مطلقا ورث كلالة أم لا ، فتجتمع في المسألة خمسة أقوال . لا يعتق مطلقا ورث كلالة أم لا . ويعتق مطلقا من رأس المال في كلالة وغيرها ، ويعتق من رأس المال إن لم يكن كلالة ، وإلا لم يعتق مطلقا .

فرع

قال : قال مالك : إذا أوصى أن ربع عبده حر ، لم يقوم على العبد باقيه ؛ لأن السيد هو المعتق ، ولو أوصى لعبده بربع نفسه عتق وقوم عليه باقيه ، كأن العبد ملك بعض نصيبه فأعتقه بالتقويم عليه أولى من الشريك المعتق .

التالي السابق


الخدمات العلمية