صفحة جزء
[ ص: 167 ] الباب الثاني

في الأحكام

وفي الكتاب : يجوز للوصي أن يوصي غيره عند موته ويكون بمنزلته في النكاح وغيره ، وقاله ( ح ) ، وقال ( ش ) : ليس له أن يوصي كما لا يوكل الوكيل ولا يودع المودع ولا يقارض المقارض ، وجوابه : أن المفروض في هذه الصور لم يوص بغير الأول ، وفي الوصية فوض إليه مطلقا ثم الفرق : أن في تلك الصور أن المفوض حي يمكنه نيابة الغير بحسن نظره ، فلا ينفذه نظر غيره ، وهو هاهنا ميت عديم النظر فلو لم يثبت نظر الموصى من قبله لضاعت المصالح ، وله أن يقدم في مصالحه عموما فتكون له النيابة كالإمام ، بل هاهنا أولى ؛ لأنه موصى من جهة الموصي . قال يحيى بن سعيد : فإن كانوا ثلاثة فأوصى أحدهم عند موته بما أوصي به إليه لغير شريكيه في الوصية جاز لما تقدم ، وأباه سحنون ؛ لأنه استقلال بالتصرف ، ومقتضى الشركة عدمه قال ابن يونس : قال سحنون : لا يوصي أحدهم لأحد ، بل للحاكم جعل رجل مع الوصيين بدل الميت أو يقرهما منفردين .

[ ص: 168 ] فرع

في الكتاب : إذا قبل في حياة الموصي ليس له الرجوع بعد موته بخلاف الوكيل له عزل نفسه ؛ لأن الموت يمنع من استدراك المصلحة ، وقاسه ( ش ) على الوكيل ، والفرق : ما ذكرناه ، قال التونسي : له الرجوع ما لم يمت الموصي ، وعن أشهب : ليس له وكأنه وهب منافعه ونظره للأطفال للبلوغ والرشد . والواهب لا يرجع في هبته . قال ابن يونس : قال أشهب : إن قبلها بعد موت الموصي أو صدر منه ما يدل على رضاه كالبيع ونحوه لزمته ، وإن امتنع من قبولها في حياته وبعد مماته ليس له القبول إلا أن ينصه السلطان لحسن نظره . قال أصبغ : في الرجل يجعله السلطان ينظر لليتيم ليس له العزل ، عزل ذلك السلطان أم لا ، إلا أن يزيله السلطان على وجه النظر ، وخالفه أشهب ؛ فإنها نيابة وليست وصية . قال ابن وهب : إذا أوصى لرجل بوصية وبما هو وصي فيه فقبل وصيته في نفسه دون ما هو وصي فيه للإمام أن يلي أمر الأول لعدم وصي ، وقال أشهب : يقبل الجميع أو يتركه ؛ لأن الجميع متعلق بمن وصاه . قال اللخمي : ليس للوصي الرجوع إلا أن تطول مدة السفه بعد البلوغ ؛ لأنه لم يلتزم النظر إلا إلى الوقت المعتاد . وفي الجواهر : الوصية عقد جائز قبل الموت لا بعده ، فللموصي عزل الوصي ، وللوصي عزل نفسه بعد القبول قبل الموت ، وظاهر إطلاق عبد الوهاب وابن الجلاب : منعه من الرجوع بعد القبول مطلقا إلا أن يعجز أو يكون له عذر في تركها . وقال ابن القاسم : إن لم يقبلها قبل الموت فله الرجوع ، وخالفه أشهب . فإن امتنع من القبول قبل الموت وبعده فليس له بعد قبولها إلا أن يجعلها له السلطان لإعراضه عن العقد بالكلية فيفتقر إلى إنشاء إيجاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية