الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
591 [ ص: 90 ] ( 8 ) كتاب الزكاة في الدين

551 - مالك ، عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد ; أن عثمان بن عفان كان يقول : هذا شهر زكاتكم . فمن كان عليه دين فليؤد دينه [ ص: 91 ] [ ص: 92 ] حتى تحصل أموالكم . فتؤدون منه الزكاة .

552 - وروى مالك ، عن يزيد بن خصيفة ; أنه سأل سليمان بن يسار ، عن رجل له مال وعليه دين مثله . أعليه زكاة فقال : لا .


12564 - قال أبو عمر : قال عثمان بن عفان رضي الله عنه يدل على أن الدين يمنع من زكاة العين ، وأنه لا تجب الزكاة على من غلبه دين .

12565 - وبه قال سليمان بن يسار وعطاء بن أبي رباح ، والحسن البصري ، وميمون بن مهران ، والثوري ، والليث بن سعد ، وأحمد ، وإسحاق ، [ ص: 93 ] وأبو ثور .

12566 - وهو قول مالك ، إلا أن مالكا يقول : إن كان عند من عليه الدين من العروض ما يفي بدينه لزمته الزكاة فيما بين يديه من الدين .

12567 - وللشافعي في هذه المسألة قولان معروفان : أحدهما أن لا يلتفت إلى الدين في الزكاة وأنه يوجب عليه الزكاة وإن أحاط الدين بماله ; لأن الدين في ذمته والزكاة في عين ما بيده . والقول الآخر أن الدين إذا ثبت لم يزك أموال التجارة إذا أحاط الدين بها ، إلا أنه لا يجعل الدين في شيء من العروض .

12568 - قال الشافعي : لا يجعل دينه في العروض ؛ وإنما جعله في عين إن كان له ، وكان قادما عليه ؛ لأن العروض لما لم تجب في عينها الزكاة لم توجب زكاة ، ومرة وجبت عليه الزكاة .

12569 - وهو قول ربيعة ، وحماد بن أبي سليمان .

12570 - وقال أبو حنيفة : الدين يمنع الزكاة ، ويجعل في الدنانير وعروض التجارة ، فإن فضل كان في السائمة ولا يجعل في عبد الخدمة ولا دار السكنى إلا إذا فضل عن ذلك .

[ ص: 94 ] 12571 - وهو قول الثوري أنه لا يمنع الزكاة وتجعل في الدراهم دون خادم لغير التجارة .

12572 - وقال مالك : الدين لا يمنع زكاة السائمة ولا عشر الأرض ، ويمنع زكاة الدراهم والدنانير وصدقة الفطر في العيد .

12573 - هذه رواية ابن القاسم عنه .

12574 - وقال ابن وهب عن مالك كما ذكر في " الموطأ " ولم يذكر صدقة الفطر .

12575 - وقال الأوزاعي : الدين يمنع الزكاة ولا يمنع عشر الأرض .

12576 - وقال ابن أبي ليلى ، والحسن بن حي : الدين لا يمنع الزكاة .

12577 - وقال زفر : يمنع الزكاة إلا أنه يجعله فيما بيده من جنسه ، فإن كان الدين طعاما وفي يده طعام للتجارة أو غيرها وله دراهم جعل الدين بالطعام دون الدراهم .

12578 - وقال الشافعي : إذا كان له مائتي درهم وعليه مثلها فاستعدى عليه صاحب الدين السلطان قبل الحول فلم يقض عليه بالدين حتى حال الحول أخرج زكاتها ثم قضى غرماءه بقيتها ، ولو قضى عليه بالدين وجعل لغرمائه ماله حيث وجدوه قبل الحول ، ثم حال عليه الحول قبل أن يقضيه الغرماء لم يكن عليه زكاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية