الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
606 566 - مالك ، عن زيد بن أسلم ؟ أنه قال : شرب عمر بن الخطاب لبنا فأعجبه فسأل الذي سقاه ، من أين هذا ؟ فأخبره أنه ورد على ماء ، قد سماه . فإذا نعم من نعم الصدقة . وهم يسقون . فحلبوا لي من ألبانها ، فجعلته في سقائي ، فهو هذا . فأدخل عمر بن الخطاب يده فاستقاءه " .


13092 - قال أبو عمر : محمله عند أهل العلم أن الذي سقاه اللبن لما لم يكن من ماله ، وعلم أنه كان من مال الصدقة وكان عمر غنيا لا تحل [ ص: 230 ] الصدقة له وكان الذي سقاه إياه لم يملك اللبن ولم يكن من الذي يحل له الصدقة ; فاستقاءه ولم يبق في جوفه شيئا لا يحل له وهو قادر على دفعه ولم يقدر على أكثر من ذلك ؛ لأنه لم يكن كذلك اللبن ملك لمعين يعوضه منه أو يستحله .

13093 - وهو شأن أهل الورع والفضل والدين . على أنه لم يشربه إلا غير عامد ولا عالم .

13094 - وقد قال الله عز وجل : وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ( 5 من سورة الأحزاب ) .

13095 - ولكنه لما علم أن الأموال تضمن بالخطأ ولم يجد مالكا يستحله منه أو يعوضه ولا كان ساقيه له ممن يصح له ملك فيعد ذلك اللبن هدية منه له كما عد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أهدت إليه بريرة من اللحم الذي تصدق به عليها ، فحل ذلك له لصحة ملك بريرة . لما تصدق به عليها - لم يجد بدا من استقاءته رضي الله عنه .

13096 - ومع هذا كله فلعله قد أعطى مثل ما حصل في جوفه من اللبن أو قيمته للمساكين ، فهذا أشبه وأولى به إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية