الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
13178 - قال مالك : وإنما يؤخذ من الزيتون العشر ، بعد أن يعصر ويبلغ زيتونه خمسة أوسق . فما لم يبلغ خمسة أوسق ، فلا زكاة فيه . والزيتون بمنزلة النخيل . ما كان منه سقته السماء والعيون ، أو كان بعلا ، ففيه العشر . وما كان يسقى بالنضح ، ففيه نصف العشر ، ولا يخرص شيء من الزيتون في شجره .


13179 - قال أبو عمر : هذا قوله في موطنه أن الزيتون لا يخرص ولا يخرص من الثمار غير النخل والعنب ، ولا يخرص شيء من الحبوب ، ولم يختلف عنده في شيء من ذلك إلا رواية شاذة في خرص الزيتون .

[ ص: 253 ] 13180 - وهو قول الشافعي ببغداد ، قال : يخرص النخل والعنب بالخبر ، ويخرص الزيتون قياسا على النخل والعنب .

13181 - وقال في الكتاب المصري : لا زكاة في الزيتون ؛ لأنه إدام ليس بقوت .

13182 - وهو قول أبي ثور وأبي يوسف ومحمد .

13183 - وأما أبو حنيفة فيرى أن الزيتون والرمان وغير ذلك من الثمار على ظاهر قوله عز وجل : وهو الذي أنشأ جنات معروشات . . إلى آخر الآية ( 141 من سورة الأنعام ) .

13184 - قال أبو عمر : القول في خرص العنب ما حدثناه عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا أبو العباس الكديمي .

13185 - وأخبرنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال حدثنا أبو داود ، قالا جميعا : حدثنا عبد العزيز بن السري الحافظ ، قال حدثنا بشر بن منصور ، عن عبد العزيز بن إسحاق ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن عتاب بن أسيد ، قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أخرص العنب آخذ زكاته زبيبا كما تؤخذ زكاة النخل تمرا .

[ ص: 254 ] 13186 - وقال الأوزاعي : مضت الزكاة في التمر أن الزكاة في العنب والزيتون فيما سقت السماء والأنهار . . . ، فذكر معنى قول مالك سواء .

13187 - وقال الثوري : لا زكاة في غير النخل والعنب من الثمار ولا في غير الحنطة والشعير من الحبوب .

13188 - وذكر عنه ابن المنذر الزكاة في الزيتون فوهم عليه .

13189 - وكذلك أخطأ في ذلك أيضا على أبي ثور .

13190 - وفي " الموطأ " : وسئل مالك : متى يخرج من الزيتون العشر أو نصفه . أقبل النفقة أم بعدها ؟ فقال : لا ينظر إلى النفقة ولكن يسأل عنه أهله ، كما يسأل أهل الطعام عن الطعام . ويصدقون بما قالوا . فمن رفع من زيتونه خمسة أوسق فصاعدا ، أخذ من زيته العشر بعد أن يعصر ، ومن لم يرفع من زيتونه خمسة أوسق لم تجب عليه في زيته الزكاة .

13191 - وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم : تؤخذ زكاة الزيتون من حبه إذا بلغ خمسة أوسق .

13192 - وهو قول الشافعي ببغداد .

13193 - قيل لمحمد إن مالكا يقول : إنما تؤخذ زكاته من زيته . فقال : ما اجتمع الباب على حبه فكيف على زيته ؟

[ ص: 255 ] 13194 - قال أبو عمر : من أوجب الزكاة على الزيتون فإنما قاله قياسا على النخل والعنب ، المجتمع على الزكاة فيهما .

13195 - والقائلون في الزيتون بالزكاة : ابن شهاب الزهري ومالك والأوزاعي والليث بن سعد ، وهو أحد قولي الشافعي .

13196 - وقياس الزيتون على النخل والعنب غير صحيح عندي ، والله أعلم ؛ لأن التمر والزبيب قوت ، والزيتون إدام .

13197 - : وقال مالك في " الموطأ " . والسنة عندنا في الحبوب التي يدخرها الناس ويأكلونها ، أنه يؤخذ مما سقته السماء من ذلك ، وما سقته العيون ، وما كان بعلا ، العشر . وما سقي بالنضح نصف العشر . إذا بلغ ذلك خمسة أوسق بالصاع الأول صاع النبي صلى الله عليه وسلم ، وما زاد على خمسة أوسق ففيه الزكاة بحساب ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية