الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
13198 - قال مالك : والحبوب التي فيها الزكاة : الحنطة والشعير والسلت والذرة والدخن والأرز والعدس والجلبان واللوبيا والجلجلان وما أشبه ذلك من الحبوب التي تصير طعاما . فالزكاة تؤخذ منها بعد أن تحصد وتصير حبا .

13199 - قال : والناس مصدقون في ذلك . ويقبل منهم في ذلك ما دفعوا .


13200 - قال أبو عمر : لا خلاف بين العلماء فيما علمت أن الزكاة [ ص: 256 ] واجبة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب .

13201 - وقالت طائفة : لا زكاة في غيرها .

13202 - روي ذلك عن الحسن وابن سيرين والشعبي ، وقال به من الكوفيين : ابن أبي ليلى وسفيان الثوري والحسن بن صالح وابن المبارك ويحيى بن آدم وإليه ذهب أبو عبيد .

13203 - وحجة من ذهب هذا المذهب ما رواه وكيع عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة ، عن أبي موسى : أنه كان لا يأخذ الزكاة إلا من الحنطة والشعير والتمر والزبيب .

13204 - ومثل هذا يبعد أن يكون رأيا منه . وقد روي ذلك عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا .

13205 - وأما الشافعي فقوله في زكاة الحبوب كقول مالك ، إلا أنها عنده أصناف يعتبر النصاب في كل واحد منها ، ولا يضم شيئا منها إلى غيره قطنية كانت أو غيرها .

13206 - وهو قول أبي ثور .

13207 - وستأتي مسألة ضم الحبوب في الزكاة من القطنية وغيرها في موضعها . إن شاء الله .

1338 - واختلف عن أحمد بن حنبل فروي عنه نحو قول أبي عبيد ، [ ص: 257 ] وروي عنه مثل قول الشافعي . 132 - وهو قول إسحاق .

13210 - والحجة لمن ذهب مذهبهما القياس على ما اجتمعوا عليه في الحنطة والشعير ؛ لأنه ييبس ويؤخذ قوتا .

13211 - قال الشافعي : كل ما يزرعه الآدميون وييبس ويدخر ثم يقتات مأكولا خبزا وسويقا وطبيخا ففيه الصدقة .

13212 - قال : والقول في كل صنف جمع منه رديئا وجيدا أنه يعتد بالجيد مع الرديء كما يعتد بذلك في التمر ، ويؤخذ من كل صنف بقدره .

13213 - والعلس عنده ضرب من الحنطة .

13214 - قال : فإن أخرجت من أكمامها اعتبر فيها خمسة أوسق ، وإلا فإذا بلغت عشرة أوسق أخذت صدقتها ؛ لأنها حينئذ خمسة أوسق .

13215 - وقال : فخير أهلها في ذلك فأبى ذلك اختاروا ، وأحملوا عليه .

13216 - ثم قال : يسأل عن العلس أهل الحنطة والعلس .

13217 - وقال : لا يؤخذ زكاة شيء منه ولا من غيره في سبيله .

13218 - قال : ويضم العلس إلى الحنطة إلى أن يخرج من أكمامه .

13219 - وقال إسحاق : كل حب يقتات وييبس ويدخر ففيه الصدقة .

[ ص: 258 ] 13220 - وقال الليث : كل ما يقتات ففيه الصدقة .

13221 - وعن الأوزاعي ، قال : الصدقة من الثمار في التمر والعنب والزيتون ، ومن الحبوب في الحنطة والشعير والسلت .

13222 - وروي عنه مثل قول مالك .

13223 - واختلف العلماء في ضم الحبوب بعضها إلى بعض في الزكاة . فمذهب مالك أنه تجمع الحنطة والشعير والسلت .

13224 - بعضها إلى بعض ، يكمل النصاب في بعضها من بعض ، وكذلك القطنية كلها صنف واحد ، يضم بعضها إلى بعض في الزكاة .

13225 - وقال الشافعي : لا تضم حبة عرفت باسم وهي في دون صاحبتها وهي خلافها ثابتة في الخلقة والطعم إلى غيرها ، ويضم كل صنف بعضه إلى بعض رديء إلى صنفه ؛ كالتمر إلى غيره ، والزبيب أسوده وأحمره ، والحنطة أنواعها من السمراء وغيرها .

13226 - وقال الثوري ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وأبو ثور مثل قول الشافعي .

13227 - وقال الليث تضم الحبوب كلها القطنية وغيرها بعضها إلى بعض في الزكاة .

13228 - وكان أحمد بن حنبل ينهى عن ضم الذهب إلى الورق وضم [ ص: 259 ] الحبوب بعضها إلى بعض ثم كان في آخر عمره يقول فيها بقول الشافعي .

التالي السابق


الخدمات العلمية