الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
665 [ ص: 131 ] ( 11 ) باب صيام يوم عاشوراء

625 - مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه في الجاهلية . فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، صامه ، وأمر بصيامه . فلما فرض رمضان ، كان هو الفريضة . وترك يوم عاشوراء . فمن شاء صامه ، ومن شاء تركه .

[ ص: 132 ] 626 - وذكر عن ابن شهاب ، " عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ; أنه سمع معاوية بن أبي سفيان يوم عاشوراء عام حج ، وهو على المنبر يقول : يا أهل المدينة ! أين علماؤكم ؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لهذا اليوم : " هذا يوم عاشوراء . ولم يكتب عليكم صيامه ، وأنا صائم . فمن شاء فليصم ، ومن شاء فليفطر " .


[ ص: 133 ] 14260 - قال أبو عمر : لا يختلف العلماء أن يوم عاشوراء ليس بفرض صيامه .

14261 - وفي هذا الحديث دليل على فضل صوم يوم عاشوراء ; لأنه لم يخصه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بندبه أمته إلى صيامه ، وإرشادهم إلى ذلك ، وإخباره إياهم بأنه صائم له ليقتدوا به - إلا لفضل فيه ، وفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأسوة الحسنة .

14262 - وقوله : " فمن شاء فليصمه ، ومن شاء فليفطر " ، فإنها إباحة وردت بعد وجوب ; وذلك أن طائفة من العلماء قالوا : إن صوم يوم عاشوراء كان فرضا ثم نسخ بشهر رمضان ؛ فلهذا ما أخبرهم بهذا الكتاب .

14263 - واحتجوا بحديث الزهري عن عروة ، عن عائشة ، قالت : " كان صيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن ينزل في رمضان . . . " الحديث .

14264 - وهكذا رواه ابن عيينة وجماعة عن ابن شهاب الزهري ، عن عروة ، عن عائشة .

14265 - وروى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فوجد يهود تصوم يوم عاشوراء ، فقال لهم : " ما هذا ؟ " قالوا : هذا يوم نجى الله فيه موسى ، وأغرق فرعون ; فنحن نصومه . فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصيامه .

14266 - ولما فرض رمضان صام رسول الله صلى الله عليه وسلم - على وجه الفضيلة والتبرك ، [ ص: 134 ] وأمر بصيامه على ذلك ، وأخبر بفضل صومه ، وفعل ذلك بعده أصحابه .

التالي السابق


الخدمات العلمية