الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 160 ] ( 15 ) باب ما يفعل المريض في صيامه

633 - قال مالك : الأمر الذي سمعت من أهل العلم ، أن المريض إذا أصابه المرض الذي يشق عليه الصيام معه ، ويتعبه ، ويبلغ ذلك ذلك منه - فإن له [ ص: 161 ] أن يفطر ، وكذلك المريض الذي اشتد عليه القيام في الصلاة ، وبلغ منه ، وما [ ص: 162 ] الله أعلم بعذر ذلك من العبد ، ومن ذلك ما لا تبلغ صفته ، فإذا بلغ ذلك ، صلى وهو جالس ، ودين الله يسر .

[ ص: 163 ] وقد أرخص الله للمسافر ، في الفطر في السفر . وهو أقوى على الصيام من المريض ; قال الله تعالى في كتابه : فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر [ البقرة : 184 ] فأرخص الله للمسافر في الفطر في السفر . وهو أقوى على الصوم من المريض .

[ ص: 164 ] فهذا أحب ما سمعت إلي ، وهو الأمر المجتمع عليه .


14367 - قال أبو عمر : قد جود مالك في هذا الباب ، وأتى عليه بعين الصواب ، والأمر في هذا المعنى أنه شيء يؤتمن عليه المسلم ، فإذا بلغ به المرض إلى حال لا يقدر معها على الصيام أو كان بحال يستيقن أنه قال : إذا قام فأداه المريض حتى بلغ به إلى الحال المخوفة عليه كان له أيضا أن يتأول في مرضه ذلك .

14368 - وحسب المسلم أن لا يفطر حتى يدخل تحت قول الله عز وجل بيقين : فمن كان منكم مريضا أو على سفر [ البقرة : 184 ] ، فإذا صح مرضه صح له الفطر ، وبالله التوفيق .

14369 - وقد قيل : إن المريض إنما يفطر للمرض الذي قد نزل به ولا يطيق الصيام ، ولا يفطر لما يخشى من زيادة المرض ؛ لأنه ظن لا يقين معه ، وقد وجب عليه الصيام بيقين ، وسقط عنه المرض بيقين ، فإذا لم يستيقنه لم يجز له الفطر ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية