الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
685 645 - وأما حديث مالك في هذا الباب ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، أنه كان يقول : من كان عليه قضاء رمضان فلم يقضه ، وهو قوي على صيامه حتى جاء رمضان آخر . فإنه يطعم مكان كل يوم مسكينا مدا من حنطة ، وعليه مع ذلك القضاء .

14663 - وعن مالك ، أنه بلغه عن سعيد بن جبير مثل ذلك .


14664 - قال أبو عمر : ليس في هذا الباب عند مالك شيء عن أحد من الصحابة ، ولا أعلم فيه حديثا مسندا . وما ذكر فيه أنه بلغه عن سعيد بن جبير فهو محفوظ عن سعيد بن جبير .

14665 - رواه ابن أبي شيبة ، عن غندر ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير .

14666 - وأما أقاويل الفقهاء في هذه المسألة .

14667 - فقال مالك ، والثوري ، والليث بن سعد ، والشافعي ، والحسن [ ص: 225 ] بن حي ، والأوزاعي : إن فرط في رمضان حتى دخل رمضان آخر ، صام الآخر ، ثم قضى ما كان عليه من الأول وأطعم عن كل يوم مسكينا .

14668 - وروي ذلك عن ابن عباس ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وعطاء ، والقاسم بن محمد ، وابن شهاب الزهري .

14669 - وبه قال أحمد بن حنبل ، وإسحاق ، والكوفيون : نصف صاع ، والحجازيون : مد ، كل على أصله .

14670 - وذكر يحيى بن أكثم أنه وجب في هذه المسألة الإطعام عن ستة [ ص: 226 ] من الصحابة لم يعلم لهم منهم مخالفا .

14671 - وقال أبو حنيفة وأصحابه : يصوم رمضان الثاني ، ثم يقضي الأول ، ولا فدية عليه ، سواء قوي على الصيام أم لا .

14672 - وهو قول الحسن ، وإبراهيم النخعي .

14673 - وبه قال داود : ليس على من أوجب الفدية في هذه المسألة حجة من كتاب ولا سنة ولا إجماع .

14678 - وقال أبو جعفر الطحاوي : قال الله تعالى : فعدة من أيام أخر فوجب القضاء دون غيره ، فلا يجوز زيادة الطعام .

14675 - إلا أن هذه الجماعة من الصحابة قد اتفقت على وجوب الإطعام بالتفريط إلى دخول رمضان آخر .

[ ص: 227 ] 14676 - قال أبو عمر : التفريط أن يكون صحيحا لا علة تمنعه من الصيام حتى يدخل رمضان آخر .

14677 - واختلفوا فيما يجب عليه إن لم يصح من مرضه حتى دخل الرمضان المقبل .

14678 - فروي عن ابن عباس ، وابن عمر ، وسعيد بن جبير ، وقتادة : يصوم الثاني إذا أدركه صحيحا ، ويطعم عن الأول ، ولا قضاء عليه .

14679 - وقال الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، وطاوس ، وحماد بن أبي سليمان ، وأبو حنيفة ، والثوري ، ومالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق : يصوم الثاني ثم يقضي الأول ولا فدية عليه لأنه لم يفرط .

14680 - وقال الأوزاعي : إذا فرط في قضاء رمضان الأول ، ومرض في الآخر حتى انقضى ، ثم مات ، فإنه يطعم عن الأول مدين ؛ مدا لتضييعه ، ومدا للصيام . ويطعم عن الآخر مدا لكل يوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية