الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
709 [ ص: 7 ] ( 1 ) باب الغسل للإهلال

671 - مالك ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن أسماء بنت عميس ، أنها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء ، فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " مرها فلتغتسل ، ثم لتهل "

672 - مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، أن أسماء بنت عميس ولدت محمد بن أبي بكر بذي الحليفة . فأمرها أبو بكر أن تغتسل ، ثم تهل .

[ ص: 8 ] 673 - مالك ، عن نافع ; أن عبد الله بن عمر كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم ولدخوله مكة ، ولوقوفه عشية عرفة .


15151 - قال أبو عمر : حديث عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن أسماء مرسل ; لأنه لم يسمع القاسم من أسماء بنت عميس .

15152 - وقد رواه سليمان بن بلال ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : سمعت القاسم بن محمد يحدث عن أبيه ، عن أبي بكر الصديق ( رضي الله عنه ) : أنه خرج حاجا بامرأته أسماء بنت عميس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فولدت محمد بن أبي بكر بالشجرة ; فأتى أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره ، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمرها أن تغتسل ثم تهل بالحج ، ثم تصنع ما يصنعه الحاج إلا أنها لا تطوف بالبيت .

15153 - حدثنا سعيد بن نصر ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا ابن وضاح ، قال : حدثنا أبو بكر : قال حدثنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا سليمان بن بلال . . ، فذكره مسندا .

15154 - ورواه إسحاق بن محمد الفروي أيضا ، مسندا عن عبد الله بن عمر العمري ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة . وعن نافع ، عن ابن عمر - أن أبا بكر خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه أسماء بنت عميس حتى إذا كانت بذي [ ص: 9 ] الحليفة ولدت أسماء محمد بن أبي بكر ; فاستفتى أبو بكر لها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " مرها فلتغتسل ثم تهل " .

15155 - قال أبو عمر : مرسل مالك أقوى وأثبت من مسانيد هؤلاء ; لما ترى من اختلافهم في إسناده ، والفروي ضعيف . وسليمان بن بلال أحد ثقات أهل المدينة .

15156 - وأما حديث مالك عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب فاختلفوا فيه عن سعيد .

[ ص: 10 ] 15157 - فرواه ابن وهب عن الليث ، ويونس ، وعمرو بن الحارث ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب مرفوعا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أسماء بنت عميس ، أم عبد الله بن جعفر ، وكانت عاركا أن تغتسل ثم تهل بالحج .

1518 - قال ابن شهاب : فلتفعل المرأة في العمرة ما تفعل في الحج .

15159 - ورواه ابن عيينة عن عبد الكريم الجزري ، وعن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب موقوفا على أبي بكر كما رواه مالك .

15160 - والمعنى فيه صحيح عند جماعة العلماء في الحائض والنفساء تغتسلان وتهلان بالحج وإن شاءتا بالعمرة ، ثم تحرمان ، وإن شاءتا فلتعملا عمل الحج كله إلا الطواف بالبيت .

15161 - أخبرنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ، وإسماعيل بن إبراهيم : أبو معمر ، قالا : حدثنا مروان بن شجاع ، عن خصيف ، عن عكرمة ومجاهد وعطاء ، عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( النفساء والحائض إذا أتتا على الوقت تغتسلان ، وتحرمان ، وتقضيان المناسك كلها غير الطواف بالبيت " .

[ ص: 11 ] 15162 - لم يذكر ابن عيسى " عن عكرمة ومجاهد " ، وإنما قال : عن خصيف ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، عن ابن عمر .

15163 - قال أبو عمر : في أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحائض والنفساء بالغسل عند الإهلال دليل على تأكيد الإحرام بالغسل بالحج أو العمرة .

15164 - إلا أن جمهور العلماء يستحبونه ولا يوجبونه ، وما أعلم أحدا من المتقدمين أوجبه إلا الحسن البصري ، فإنه قال في الحائض والنفساء إذا لم تغتسل عند الإهلال اغتسلت إذا ذكرت .

15165 - وبه قال أهل الظاهر : الغسل واجب عند الإهلال على كل من أراد أن يهل وعلى كل من أراد الحج طاهرا كان أو غير طاهر .

15166 - وقد روي عن عطاء إيجابه ، وروي عنه : أن الوضوء يكفي منه .

15167 - قال أبو عمر : الغسل عند الإهلال بالحج أو العمرة سنة مؤكدة عند مالك وأصحابه ، لا يرخصون في تركها إلا من عذر ، ولا يجوز عندهم ترك السنن اختيارا .

15168 - روى ابن نافع ، عن مالك أنه استحب الأخذ بقول ابن عمر في الاغتسال والإهلال بذي الحليفة ، وبذي طوى لدخول مكة ، وعند الرواح إلى عرفة ، ولو تركه تارك من عذر لم أر عليه شيئا .

15169 - وقال ابن القاسم : لا يترك الرجل والمرأة الغسل عند الإحرام إلا من ضرورة .

[ ص: 12 ] 15170 - وقال مالك : إن اغتسل بالمدينة وهو يريد الإحرام ثم مضى من فوره إلى ذي الحليفة فأحرم فإن غسله يجزئ عنه .

15171 - قال : وإن اغتسل بالمدينة غدوة ، ثم أقام إلى العشي ، ثم راح إلى ذي الحليفة فأحرم ، قال : لا يجزئه غسله إلا أن يغتسل ويركب من فوره إلا أن يأتي ذا الحليفة إذا أراد الإحرام .

15172 - وقال أحمد بن المعدل ، عن عبد الملك بن الماجشون : الغسل عند الإحرام لازم إلا أنه ليس في تركه ناسيا ولا عامدا دم ولا فدية .

15173 - قال : وإن ذكره بعد الإهلال فلا أرى عليه غسلا .

15174 - قال : ولم أسمع أحدا قاله . يعني أوجبه بعد الإهلال .

15175 - وقال ابن نافع عن مالك : لا تغتسل الحائض بذي طوى ; لأنها لا تطوف بالبيت .

15176 - وقد روي عن مالك أنها تغتسل كما تغتسل غير الحائض .

15177 - وقال ابن خواز منداد : الغسل عند الإهلال عند مالك أوكد من غسل الجمعة .

15178 - وقال أبو حنيفة ، والأوزاعي ، والثوري : يجزئه الوضوء .

15189 - وهو قول إبراهيم .

[ ص: 13 ] 15180 - وقال الشافعي : لا أحب لأحد أن يدع الاغتسال عند الإهلال ، فإن لم يفعل فقد أساء إن تعمد ذلك ، وأجزأه .

التالي السابق


الخدمات العلمية