الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
872 [ ص: 304 ] ( 50 ) باب من أصاب أهله قبل أن يفيض

827 - مالك ، عن أبي الزبير المكي ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عبد الله بن عباس ; أنه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى ، قبل أن يفيض . فأمره أن ينحر بدنة .

828 - مالك ، عن ثور بن زيد الديلي ، عن عكرمة مولى ابن عباس ; قال : لا أظنه إلا عن عبد الله بن عباس ; أنه قال : الذي يصيب أهله قبل أن يفيض ، يعتمر ويهدي .

829 - مالك ; أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول في ذلك ، مثل قول عكرمة ، عن ابن عباس . قال مالك : وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك .


17782 - قال أبو عمر : كان مالك - رحمه الله - قد سمع الاختلاف في ذلك ، وهو ثلاثة أقوال : 17783 - أحدها : قول مالك هذا : من وطئ بعد الجمرة قبل الإفاضة ، فعليه عمرة ، وهدي . [ ص: 305 ] 17784 - وهو قول عكرمة . 17785 - وبه قال ربيعة . 17786 - وفيه رواية عن ابن عباس . 17787 - وإليه ذهب أحمد بن حنبل فيما ذكر عنه الأثرم . 17788 - والثاني : أنه ليس عليه إلا هدي بدنة ، وحجهما تام . [ ص: 306 ] 1778 - هذا هو الصحيح عن ابن عباس ، روي عنه من وجوه . 17790 - وبه قال عطاء ، والشعبي . 17791 - وإليه ذهب أبو حنيفة ، والثوري . والشافعي ، وأبو ثور ، وداود . 17792 - وقال الشافعي : يجزئه ما استيسر من الهدي . 17793 - والثالث : أن حجه فاسد ، وعليه حجة قابل ، والهدي . 17794 - وهو قول ابن عمر . [ ص: 307 ] 17795 - روى هشيم ، قال : أخبرنا جعفر بن إياس ، قال : أخبرنا علي البارقي : أن رجلا من أهل عمان حج مع امرأته ، فلما قضيا وحلق الرجل رأسه ولبس الثياب ، وذبح ، ظن أنه قد حل له كل شيء ، فوقع بامرأته قبل أن يطوف بالبيت ، فانطلقت به إلى ابن عمر ; فذكرت ذلك له ; فقال : اقضيا ما بقي عليكما من نسككما وعليكما الحج في قابل . قال : قلت : يا أبا عبد الرحمن إنهما من أهل عمان بعيد الشقة ؟ فلم يزدني على ذلك . 17796 - وقال الحسن البصري ، وابن شهاب الزهري ، وهو معنى قول عمر بن الخطاب فيمن رمى جمرة العقبة أنه قد حل له كل ما حرم عليه إلا النساء والطيب . 17797 - قال أبو عمر : قد اختلف في الطيب ولم يختلفوا أن النساء عليه حرام . 17798 - وإلى هذا ذهب إسماعيل بن إسحاق القاضي ، وأبو الفرج عمر [ ص: 308 ] بن محمد المالكي ، قالا : من وطئ قبل الإفاضة فسد حجه . سواء كان قبل رمي الجمرة أو بعده ; لأن وطء النساء عليه حرام حتى يطوف طواف الإفاضة المفترض عليه . 17799 - وقد ذكرنا فيما تقدم رواية أبي حازم ، وأبي مصعب فيمن وطئ بعد يوم النحر قبل رمي الجمرة ، وذكرنا الإجماع فيمن وطئ قبل الوقوف بعرفة . 17800 - وتحصيل مذهب ابن القاسم عن مالك أن من وطئ بعد يوم النحر وإن لم يرم الجمرة فليس عليه إلا الهدي والعمرة خاصة ، وإنما يكون عندهم الهدي إذا وطئ بعد رمي الجمرة يوم النحر قبل الإفاضة . 17801 - قال عبد الملك بن الماجشون . إنما فعل مالك عليه العمرة مع [ ص: 309 ] الهدي ليكون طوافه بالبيت في إحرام صحيح . 17802 - قال إسماعيل : هذا قول ضعيف ; لأن إحرامه لعمرة يوجب عليه طوافا لها وسعيا ، فكيف يكون الطواف للعمرة والإفاضة معا ؟ .

التالي السابق


الخدمات العلمية