الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
893 [ ص: 66 ] ( 57 ) باب السير في الدفعة

848 - مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أنه قال : سئل أسامة بن زيد - وأنا جالس معه - كيف كان يسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع حين دفع ؟ قال : كان يسير العنق . فإذا وجد [ ص: 67 ] فجوة نص .

[ ص: 68 ] قال مالك : قال هشام : والنص فوق العنق .

849 - مالك ، عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يحرك راحلته في بطن محسر ، قدر رمية بحجر .


[ ص: 69 ] 18092 - وقال أبو عمر : هكذا قال يحيى " فرجة " وتابعه جماعة منهم : أبو المصعب ، وابن بكير ، وسعيد بن عفير .

18093 - وقالت طائفة منهم ابن وهب ، وابن القاسم والقعنبي : فإذا وجد فجوة نص .

18094 - والفجوة والفرجة سواء في اللغة .

18095 - وليس في هذا الحديث أكثر من معرفة كيفية السير في الدفع من عرفة إلى المزدلفة ، وهو شيء يجب الوقوف عليه وامتثاله على أئمة الحاج فمن دونهم ؛ لأن في استعجال السير إلى المزدلفة استعجال الصلاة بها ، ومعلوم أن المغرب لا تصلى تلك الليلة إلا مع العشاء بالمزدلفة ، وتلك سنتها فيجب أن تكون على حساب ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن قصر عن ذلك أو زاد فقد أساء إذا كان عالما بما في ذلك .

18096 - وسيأتي حكم الصلاتين بالمزدلفة في موضعه إن شاء الله .

18097 - والعنق مشي الدواب ، معروف لا يجهل ، وربما استعمل في غير الدواب مجازا .

18098 - والنص ههنا كالخبب أو فوق ذلك ، وأرفع .

[ ص: 70 ] 18099 - وأصل النص في اللغة الرفع ، يقال منه نصت الدابة في سيرها .

18100 - قال الشاعر :

ألست الذي كلفتها نص ليلة من اهل منى نصا إلى أهل يثرب

18101 - وقال اللهبي :

ورب بيداء وليل داج     قطعته بالنص والإدلاج



18102 - وقال صالح بن عبد القدوس : [ ص: 71 ] ونص الحديث إلى أهله فإن الوثيقة في نصه أي ارفعه إلى أهله وانسبه إليهم

18103 - وقال أبو عبيد : النص : التحريك الذي يستخرج به من الدابة أقصى سيرها ، وأنشد قول الراجز :

تقطع الخرق بسير نص



18104 - وأما النص في الشريعة فللفقهاء في العبارة تنازع عنه ليس هذا موضع ذكره .

18105 - وأما حديث مالك ، عن نافع : أن ابن عمر كان يحرك راحلته في بطن محسر قدر رمية بحجر فإن فعله في ذلك مأخوذ من السنة .

18106 - وروى الثوري وغيره ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه السكينة وقال لهم : " أوضعوا في وادي محسر " .

[ ص: 72 ] 18107 - وقال لهم : " خذوا عني مناسككم " .

18108 - وروى معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر أنه كان إذا فاض من عرفة سار على هيئته حتى يأتي المزدلفة ، فإذا أفاض منها سار أيضا على هيئته حتى يأتي محسرا ، ثم يستحث راحلته شيئا ، ثم يسير على هيئته حتى يأتي الجمرة .

18109 - وروى الأعمش ، عن عمارة بن عبيد ، عن عبد الرحمن بن زيد أنه أوضع ابن مسعود - يعني في وادي محسر

18110 - والإيضاع سرعة السير ، ولا خلاف بين العلماء في هذا الباب .

التالي السابق


الخدمات العلمية