الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
897 [ ص: 80 ] 852 - مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، عن حفصة أم المؤمنين أنها قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما شأن الناس حلوا ، ولم تحلل أنت من عمرتك ؟ فقال : " إني لبدت رأسي ، وقلدت هديي ، فلا أحل حتى أنحر " .


18135 - وأما قول حفصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( ما بال الناس حلوا ولم تحلل أنت ) فالمعنى فيه أنه أمر أصحابه المحرمين بالحج أن يحلوا إذا طافوا وسعوا ويجعلوا حجهم ذلك عمرة إلا من كان معه هدي فإن محله محل هديه ، وإنه لا يحل حتى ينحر هديه ، ولم تعرف حفصة من أمره هذا فسألته .

[ ص: 81 ] 18136 - وقد مضى قولنا في أن فسخ الحج في العمرة ليس - عند جمهور العلماء - لأحد بعد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين أمروا به .

18137 - ودللنا على أنهم خصوا بذلك على ما ذكرناه من الآثار في ذلك ، وذكرنا العلة الموجبة ( عليه السلام ) أصحابه بفسخ الحج في العمرة ، وأن يحل الحل كله إنما كان ليريهم أن العمرة في أشهر الحج جائزة ، وكانوا يرون ذلك محرما ، فأعلم بجواز ذلك ليدينوا به بغير ما يدينون به في الجاهلية ، ويدركوا في عامهم ذلك ويكونوا متمتعين ؛ لأن الله ( عز وجل ) قد أذن في التمتع بالعمرة إلى الحج ، وإباحته مطلقة ، وكذلك القران والإفراد ، كل ذلك مباح بكتاب الله - تعالى - وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ولم يأت في الكتاب ولا في السنة أن بعضها أفضل من بعض . فهذا معنى قول حفصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( ما بال الناس حلوا ولم تحلل أنت ) .

18138 - وكان أمره - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالإحلال محالهم في دخول مكة قبل أن يطوفوا ، وذلك موجود محفوظ في حديث يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس بقين من ذي القعدة لا نرى إلا الحج ، فلما دنونا من مكة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت أن يحل .

[ ص: 82 ] 18139 - قال أبو عمر : يعني بالطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة . وهي العمرة .

18140 - وذلك أيضا محفوظ في حديث جابر من رواية عطاء وغيره : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه أن يجعلوها عمرة ويطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يحلقوا أو يقصروا ويحلوا إلا من كان معه هدي .

18141 - وهذا يرفع الإشكال فيما قلنا والحمد لله .

[ ص: 83 ] 18142 - وأما قول حفصة : ( ولم تحلل أنت من عمرتك ) ، فقد ظن بعض الناس أن قولها : من عمرتك لم يقله في هذا الحديث غير مالك . وأظنه رأى رواية من رواه فقصر في ذلك ولم يذكر في الحديث ( من عمرتك ) ، فظن أنه لم يقله غير مالك ; لأنه لم يذكر ابن جريج عن نافع في حديثه هذا ، وقد ذكره البخاري عن مسدد ، عن يحيى القطان ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر فلم يذكر فيه : ( من عمرتك ) ، وهي لفظة محفوظة في هذا الحديث من رواية مالك ، وعبيد الله ، وغيرهما عن نافع .

18143 - فأما رواية مالك فلم يختلف عنه في ذلك .

18144 - وأما رواية عبيد الله ، فقال : 18145 - حدثني سعيد بن نصر قال : حدثني قاسم بن أصبغ قال : حدثني محمد بن وضاح قال : حدثني أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثني أبو أسامة قال : حدثني عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت من عمرتك ؟ قال : " إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر " .

18146 - وحدثني عبد الوارث بن سفيان قراءة مني عليه أن قاسم بن [ ص: 84 ] أصبغ حدثه قال : حدثني بكر بن حماد قال : حدثنا مسدد بن مسرهد قال : حدثني يحيى بن سعيد القطان ، عن عبيد الله قال : حدثني نافع ، عن ابن عمر ، عن حفصة قالت : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : ما شأن الناس حلوا ولم تحل من عمرتك ؟ قال : " إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر في الحج " .

18147 - وأخبرنا عبد الله بن محمد ، وعبد الرحمن بن عبد الله قالا : حدثني أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك قال : حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدثني أبي قال : حدثني يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله قال : حدثني نافع ، عن عبد الله بن عمر ، عن حفصة ابنة عمر ، قالت : لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه أن يحللن بعمرة قلت : فما يمنعك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تحل معنا ؟ قال : " إني قد أهديت ولبدت فلا أحل حتى أنحر هديي " .

18148 - ورواه سفيان بن عيينة ، عن أيوب بن موسى ، عن نافع ، عن صفية بنت أبي عبيد ، عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما شأن الناس حلوا ولم تحلل أنت ؟ قال : " إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلست محلا إلا محل هديي " .

18149 - قال أبو عمر : لم يقم إسناده أيوب بن موسى ، والقول فيه قول [ ص: 85 ] مالك ومن تابعه .

18150 - وذكر : ( عمرتك ) وتركه في هذا الحديث سواء ؛ لأنه معلوم أن المأمورين بالحل هم المحرمون بالحج ليفسخوه في عمرة كما تقدم ذكرنا له ، ويستحيل أن يأمر بذلك المحرمين بعمرة ; لأن المعتمر يحل بالطواف والسعي ، والخلاف ليس في ذلك شك عنهم في الجاهلية والإسلام ولا عند من بعدهم . وقد اعتمروا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعرفوا حكم العمرة في الشريعة ، فلم يكن ليعرفهم شيئا في علمهم بل عرفهم بما أحله الله لهم في عامهم ذلك من فسخ الحج في عمرة فما كانوا جهلوه ، وأنكروه من جواز العمرة في زمن الحج حتى قال بعضهم يتوجه إلى منى ولم يكونوا في الجاهلية يتمتعون بالعمرة إلى الحج ولا يعتمرون في أشهر الحج ، ولا يخلطون عمرة مع حجة ولا يجمعونها فأتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الله في الحج بغير ما كانوا عليه في جاهليتهم وصدع بما أمر به ، وأوضح معالم الدين - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله أجمعين .

18151 - فحديث حفصة هذا يدل ، والله أعلم ، على القران ؛ لأن هدي القران يمنع من الإحلال ، وليس كذلك ما ساقه المفرد ؛ لأن هدي المفرد هدي [ ص: 86 ] تطوع لا يمنع شيئا ، ولولا هديه المانع له من الإحلال لحل مع أصحابه ، ألا ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة " يعني عمرة مفردة يتمتع فيها بالحل إلى يوم التروية على ما أمر به أصحابه . ومن ساق هديا لمتعته من الحل .

18152 - وقد بينا أن قوله ( عليه السلام ) لأصحابه : من لم يكن معه هدي فليحل ، كان قبل الطواف للقدوم بدليل حديث عائشة ، قولها : فلما دنونا من مكة ، وكذلك حديث جابر على ما تقدم ذكره .

18153 - وهذا كله ينفي أن يكون هديه هدي متعة لأنه لو كان هدي متعة لحل حينئذ مع أصحابه ، ولم يكن ليخالفهم ويعتذر إليهم فيقول : " لولا أني سقت الهدي لأحللت " وهدي المتعة لا يمنع من الإحلال عند أهل الحجاز .

18154 - قال مالك والشافعي : المعتمر يحل من عمرته إذا طاف وسعى ساق هديا أو لم يسق .

18155 - وقال أبو حنيفة : إذا ساق المعتمر في أشهر الحج هديا وهو يريد المتعة لم ينحره إلا بمنى ، وطاف وسعى وأقام إحراما ولا يحل منه شيء ولا يحلق ولا يقصر لأنه ساق معه الهدي فمحله محل الهدي لا يحل حتى ينحر الهدي .

[ ص: 87 ] 18156 - قالوا : ولو لم يسق الهدي كان له أن يحل من عمرته ، واحتجوا بحديث حفصة أيضا : " ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت من عمرتك " فلم ينكر عليها قولها ، وقال لها : " إني قلدت هديي ولبدت رأسي فلا أحل حتى أحل من الهدي " .

18157 - وحجة مالك والشافعي ومن قال بقولهما ظاهر قول الله - تعالي - فمن تمتع بالعمرة إلى الحج [ البقرة : 196 ] ومعلوم أنه لا يكون متمتعا بالعمرة إلى الحج إلا من حل من إحرامه وتمتع بالإحرام إلى أن يحرم لحجه يوم التروية .

18158 - وأما هدي القران فإنه مانع من الإحلال والفسخ عند الجمهور السلف والخلف إلا ابن عباس .

18159 - وتابعته فرقة إذا لم يسق الهدي جاز له فسخ الحج في العمرة .

18160 - قال على ما قدمنا من مذهبه في ذلك : روى خصيف ، عن طاوس ، وعطاء ، عن ابن عباس : أنه كان يأمر القارن أن يجعلها عمرة إذا لم يسق الهدي .

18161 - قال أبو عمر : قول ابن عباس يحتمله قول النبي ( عليه السلام ) حين أمر أصحابه بفسخ الحج في العمرة : " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولحللت - يعني فسخت الحج من العمرة كما أمرتكم .

[ ص: 88 ] 18162 - وقد أوضحنا أن فسخ الحج خصوص لهم بالآثار المروية في ذلك ، وعلى هذا لقول الله تعالي وأتموا الحج والعمرة لله [ البقرة : 196 ] وبالله التوفيق .

18163 - قال أبو عمر : وهدي القران يمنع من الإحلال عند جماعة فقهاء الأمصار وجمهور أهل العلم فالأولى بمن يرون الإنصاف ألا يشكوا في حديث حفصة هذا أنه دال على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قارنا مع ما يشهد له من حديث أنس وغيره أنه كان قارنا وقد ذكرناها في باب القران .

18164 - وإنما اختار مالك ( رحمه الله ) الإفراد ، ومال إليه لأنه روي من وجوه عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج .

18165 - مال إلى ما روى وهذا اللازم له ولغيره أن يقف عند ما علم ، وحكمه على اختيار الإفراد أيضا مع علمه باختلاف الناس في اختيار القران والتمتع .

18166 - والإفراد ما صح عنده عن الخليفتين أبي بكر وعمر ( رضى الله عنهما ) أنهما أفردا الحج ، وعن عثمان مثل ذلك أيضا .

18167 - وكان عمر ينكر ذلك وينهى عنه ويقول : افصلوا بين حجكم وعمرتكم فهو أتم لحج أحدكم أن تكون عمرته في غير أشهر الحج .

[ ص: 89 ] 18168 - فاختيار مالك هو اختيار أبي بكر ، وعمر وعثمان ( رضي الله عنهما ) ، وكان مالك يقول : إذا اختلفت الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في شيء فانظروا إلى ما عمل به الخليفتان بعده أبو بكر وعمر ، فهو الحق .

18169 - قال أبو عمر : يعني الأولى والأفضل لا أن ما عداه باطل ؛ لأن الأمة مجتمعة على أن الإفراد والقران والتمتع كل ذلك جائز في القرآن والسنة والإجماع ، وأنه ليس منها شيء باطل بل كل ذلك حق ودين وشريعة من شرائع الإسلام في الحج ، ومن مال منها إلى شيء فإنما مال برأيه إلى وجه تفضيل اختاره وأباح ما سواه .

18170 - وجائز أن يقال : أفرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج بمعنى أمر به فأذن فيه كما قيل رجم ماعزا ، وقتل عقبة بن أبي معيط ، وقطع في مجن .

18171 - ويبين هذا المعنى قوله تعالى : ونادى فرعون في قومه [ الزخرف : 51 ] المعنى أنه أمر بذلك .

18172 - ومن ذهب إلى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان مفردا تأول في حديث حفصة : ما بال الناس حلوا من إحرامهم ولم تحل أنت من إحرامك الذي ابتدأته معهم .

18173 - وقال بعضهم : قد تأتي ( من ) بالباء كما قال الله ( عز وجل ) يحفظونه من أمر الله [ الرعد : 11 ] أي بأمر الله . يريد ولم تحل أنت بعمرة من إحرامك الذي جئت به مفردا في حجتك .

[ ص: 90 ] 18174 - ومن اختار القران مال فيه إلى أحاديث منها حديث شعبة قال : حدثني حميد بن هلال قال : سمعت مطرف بن الشخير يقول : قال لي عمران بن حصين : جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين حج وعمرة ، ولم ينه عنه بعد ذلك قال رجل برأيه ما شاء الله .

18175 - أخبرنا عبد الله بن محمد بن أمية قال : حدثني حمزة قال : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ، قال حدثني هشيم قال : أخبرنا عبد العزيز بن صهيب ، وحميد الطويل ، ويحيى بن أبي إسحاق ، كلهم عن أنس أنهم سمعوه يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لبيك عمرة وحجا " .

[ ص: 91 ] وأخبرنا عبد الله قال : حدثني حمزة قال : حدثني أحمد بن شعيب قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن جعفر قال : أخبرني يحيى بن معين قال : حدثني حجاج - وهو الأعور - قال : حدثني يونس بن إسحاق ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : كنت مع علي ( رضي الله عنه ) حين أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اليمن فأصبت معه أواقي ، فلما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال علي : وجدت فاطمة قد نضحت البيت بنضوح قال : فتخطيته فقالت لي : ما لك فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر أصحابه أن يحلوا قال : قلت : إني أهللت بإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم قال : فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم فقال لي : " كيف صنعت ؟ " قلت : إني أهللت بما أهللت قال : " فإني سقت الهدي وقرنت " .

18177 - أخبرنا خلف بن قاسم قال : حدثني عبد الله بن محمد بن ناصح قال : حدثني أحمد بن علي بن سعيد القاضي قال : حدثني يحيى بن [ ص: 92 ] معين قال : حدثني حجاج بن محمد قال : حدثني يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : كنت مع علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) حين أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اليمن فلما قدم على النبي - صلي الله عليه وسلم - قال علي : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي : كيف صنعت ؟ " فقلت : أهللت بإهلالك قال : " فإني سقت الهدي وقرنت " قال : وقال لأصحابه : " لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما فعلتم ، ولكنى سقت الهدي وقرنت " .

18178 - قال أبو عمر : فهذا أنس يخبر أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي بالعمرة والحج معا . وعلي يخبر أنه سمعه يقول : سقت الهدي وقرنت " .

18179 - وليس يوجد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه صحيح إخبار عن نفسه أنه أفرد ، ولا أنه تمتع وإنما يوجد عن غيره إضافة ذلك إليه بما يحتمل التأويل .

18180 - وهذا لفظ يدفع الإشكال ، ويدفع الاحتمال ، وبالله التوفيق وهو المستعان .

18181 - ومما يدل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قارنا : حديث مالك عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام [ ص: 93 ] حجة الوداع فأهللنا بعمرة ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا " .

18182 - ومعلوم أنه كان معه هدي ، وأنه لم يحل حتى نحر الهدي وبالله التوفيق ، وهو حسبي ونعم الوكيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية