الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
905 860 - مالك ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن رجلا أتى القاسم بن محمد فقال : إني أفضت ، وأفضت معي بأهلي ، ثم عدلت إلى شعب ، فذهبت لأدنو من أهلي ، فقالت : إني لم أقصر من شعري بعد ، فأخذت من شعرها بأسناني ، ثم وقعت بها ، فضحك القاسم وقال : مرها فلتأخذ من شعرها بالجملين .

18262 - قال مالك : أستحب في مثل هذا أن يهرق دما . وذلك أن [ ص: 115 ] عبد الله بن عباس قال : من نسي من نسكه شيئا فليهرق دما .


18263 - قال أبو عمر : هذا الحديث بين ما فيه مدخل للقول إلا أن من السنة إذا رمى الجمرة إن كان معه هدي أن يحلق وينحر ثم يقبض ، وعمل يوم النحر الحلق والرمي للإفاضة قد أجاز فيه جمهور أهل العلم التقديم والتأخير ، ومعلوم أن من طاف للإفاضة فقد حل له النساء ، فلم يأت الرجل حراما في فعله ذلك إلا أنه أساء إذ وطئ قبل الحلق ، وعليه أن يحلق كما قال له القاسم لا غير .

18264 - واستحب له مالك الدم مع ذلك عن ابن عباس ، ولم يره عليه القاسم لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " افعل ولا حرج " - يعني في التقديم والتأخير فيما يعمل يوم النحر من أعمال الحج .

18265 - روى القاسم أن التقصير بالأسنان له هذا الشأن ، وأجمعوا أن سنة المرأة : التقصير ، لا الحلاق .

18266 - وقد روى الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا تحلق المرأة رأسها " .

18267 - وقال الحسن : حلق رأسها مثلة ، فرأى القاسم الأخذ بالجلمين [ ص: 116 ] للمقصر لأنه المعروف بالتقصير ، كما أن المعروف بالحج : الحلاق بالموسى في الحج .

18268 - وكان مالك يقول : الحلق بالموسى في غير الحج مثلة .

18269 - وقال غيره : لما كان الحلق بالموسى نسكا في الحج كان في غير الحج حسنا .

18270 - وفي أخذ ابن عمر من آخر لحيته في الحج دليل على جواز الأخذ من اللحية في غير الحج ؛ لأنه لو كان غير جائز ما جاز في الحج لأنهم أمروا أن يحلقوا أو يقصروا إذا حلوا محل حجهم ما نهوا عنه في حجهم .

18271 - وابن عمر روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اعفوا اللحى " وهو أعلم بمعنى ما روى . فكان المعنى عنده وعند جمهور العلماء : الأخذ من اللحية ما تطاير ، والله أعلم .

18272 - وروي عن علي ( رضي الله عنه ) أنه كان يأخذ من لحيته ما يلي وجهه . 18273 - وقال إبراهيم : كانوا يأخذون من عوارض لحاهم .

[ ص: 117 ] 18274 - وكان إبراهيم يأخذ من عارض لحيته .

18275 - وعن أبي هريرة : أنه كان يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة .

18276 - وعن ابن عمر مثل ذلك .

18277 - وعن الحسن مثله .

18278 - وقال قتادة : ما كانوا يأخذون من طولها إلا في حج أو عمرة ، كانوا يأخذون من العارضين .

18279 - كل ذلك من كتاب ابن أبي شيبة بالأسانيد .

18280 - أخبرنا عبد الوارث قال : حدثني قاسم قال : حدثني الخشني قال : حدثني محمد بن أبي عمر العدني قال : حدثني سفيان قال : حدثني ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : رأيت ابن عمر قبض على لحيته يوم النحر ، ثم قال للحجام : خذ ما تحت القبضة .

التالي السابق


الخدمات العلمية