الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
938 [ ص: 226 ] ( 73 ) باب الإفاضة

894 - مالك ، عن نافع وعبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب خطب الناس بعرفة ، وعلمهم أمر الحج . وقال لهم فيما قال : إذا جئتم منى ، فمن رمى الجمرة فقد حل له ما حرم على الحاج ، إلا النساء والطيب ، لا يمس أحد نساء ولا طيبا ، حتى يطوف بالبيت .

[ ص: 227 ] 895 - مالك ، عن نافع وعبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال : من رمى الجمرة ، ثم حلق أو قصر ، ونحر هديا - إن كان معه - فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء والطيب ، حتى يطوف بالبيت .


18669 - قال أبو عمر : في هذه المسألة أربعة أقوال للسلف والخلف .

18670 - ( أحدها ) : قول عمر هذا : أنه من رمى جمرة العقبة فقد حل له كل ما حرم عليه إلا النساء والطيب .

18670 م - وهو مذهب عمر في الطيب على ما تقدم في باب الطيب ( عند الإحرام ) في أول الكتاب .

18671 - ( والثاني ) : إلا النساء ، والطيب ، والصيد .

18671 م - وهو قول مالك .

18672 - وحجته قول الله تعالى : لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم [ المائدة : 95 ] .

18672 م - ومن لم يحل له وطء النساء ، فهو حرام .

[ ص: 228 ] 18673 - ( والثالث ) : إلا النساء ، والصيد .

18673 م - وهو قول عطاء ، وطائفة من العلماء .

18674 - ( والرابع ) : إلا النساء خاصة .

18674 م - وهو قول الشافعي ، وسائر العلماء ، والقائلين بجواز الطيب عند الإحرام ، وقبل الطواف بالبيت على حديث عائشة .

18675 - وروى ابن عيينة ، ومعمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه قال : قال عمر : إذا رمى الرجل الجمر بسبع حصيات ، وذبح ، وحلق ، فقد حل له كل شيء إلا النساء ، والطيب .

18675 م - وفي حديث معمر ، قال سالم : وكانت عائشة تقول : قد حل له كل شيء إلا النساء ، ثم قالت : إني طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

18676 - وزاد ابن عيينة : لحرمه ولحله قبل أن يطوف بالبيت .

18676 م - قال سالم : وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع .

18677 - ولم يذكر هذه الزيادة معمر .

[ ص: 229 ] 18677 م - وروى الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن الحسن العرني قال : كان ابن عباس يقول : إذا رميتم الجمرة ، فقد حل لكم كل شيء أحرمتم منه إلا النساء ، فقلت : يا أبا عباس ! والطيب ؟ قال : لا ، إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضمخا بالطيب .

18678 - وذكر معمر أيضا ، عن ابن المنكدر قال : سمعت ابن الزبير يقول : إذا رميتم الجمرة ، وحلقتم ، وذبحتم ، فقد حل لكم كل شيء إلا النساء .

18678 م - وبه قال طاوس ، وعلقمة .

18679 - وروى عبد الرزاق قال : حدثنا الثوري ، عن ابن جريج ، عن عطاء قال : إذا رميت الجمرة ، فقد حل لك كل شيء إلا النساء والصيد ، وإن شئت أن تتطيب فتطيب ، ولك أن تقبل ، ولا يحل لك المسيس .

18679 م - وروى مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، ويحيى بن سعيد ، وربيعة : سأل سالم بن عبد الله ، وخارجة بن زيد بعد أن رمى الجمرة ، وحلق ، [ ص: 230 ] وقبل أن يفيض عن الطيب ، فرخص له خارجة بن زيد ، ونهاه سالم .

18680 - وهذا عن سالم خلاف ما رواه عنه ابن شهاب في حديث ابن عيينة .

18681 - وقد اختلف قول مالك فيمن تطيب بعد رمي الجمرة ، وقبل الإفاضة فمرة رأى عليه الفدية ، ومرة لم ير فيه شيئا ، لما جاء فيه عن عائشة ، وخارجة .

18682 - قال أبو عمر : لم يختلف الفقهاء أن طواف الإفاضة - وهو الذي يدعوه أهل العراق طواف الزيارة - لا يرمل فيه ، ولا يوصل بالسعي بين الصفا والمروة ، إلا أن يكون القادم لم يطف ، ولم يسع ، أو المكي الذي ليس عليه أن يطوف طواف القدوم ، فإن هذين يطوفان بالبيت ، وبالصفا والمروة طوافا واحدا سبعا ، وبين الصفا والمروة على ما قد أوضحناه في غير موضع من هذا الكتاب .

18683 - وذكر عبد الرزاق قال : أخبرنا عبد الله وعبيد الله ابنا عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان إذا أفاض لا يزيد على طواف واحد ، ولا يرمل فيه .

18684 - قال : وأخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر مثله .

[ ص: 231 ] 18865 - وعن سعيد بن جبير ، وطاوس ، وعطاء مثل ذلك .

18686 - قال : وأخبرنا معمر ، عن ابن طاوس قال : كان أبي إذا أفاض لا يزيد على سبع واحدا .

18687 - ذكر عبد الرزاق ، عن معمر ، والثوري ، عن عبد الكريم قال : طفت مع سعيد بن جبير يوم النحر ، فلم يزد على سبع .

18688 - قال : وأخبرنا معمر ، عن طاوس ، عن أبيه قال : لا يرمل الرجل إذا أفاض إلا إذا لم يطف قبل ذلك .

18689 - قال : وأخبرنا ابن جريج قال : قال عطاء : أفاض النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر ، فلم يسمع في ذلك : سبع بالبيت .

18690 - قال أبو عمر : يعني لم يرمل ولم يطف بين الصفا والمروة ، إلا أن عطاء كان يقول : يطوف إن شاء .

18691 - ذكر عبد الرزاق قال : أخبرنا هشيم ، عن الحجاج ، عن الحكم قال : كان أصحاب عبد الله لا يزيدون يوم النحر على سبع .

18692 - قال الحجاج : فسألت عطاء ، فقال : طف كيف شئت .

[ ص: 232 ] 18693 - قال أبو عمر : كان إبراهيم النخعي يستحب لمن أفاض أن يطوف ثلاثة أسابيع ، ويحكى عن شيوخه أنهم كانوا كذلك يفعلون .

18694 - وذكر عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن المغيرة ، عن إبراهيم قال : كان الاختلاف إلى مكة أحب إليهم من الجوار ، وكانوا يستحبون إذا اعتمروا أن يقيموا ثلاثا ، وكانوا لا يعتمرون في السنة إلا مرة ، وكانوا يستحبون للرجل أول ما يحج أن يحلق ، وأول ما يعتمر أن يحلق ، وأول ما يحج أن يحرم من بيته ، وأول ما يعتمر أن يعتمر من بيته ، وكانوا يستحبون لمن قدم مكة ألا يخرج منها حتى يختم القرآن ، وكانوا يستحبون أن يطوفوا يوم النحر ثلاثة أسابيع ، وكانوا يقولون إذا قصر ، أو لبد أن يحلق .

18695 - قال أبو عمر : كانوا يستحبون لمن حج ، أو اعتمر أن يحلق في أول حجة يحجها ، أو عمرة يعتمرها ، يعني ولا يقصر .

التالي السابق


الخدمات العلمية