الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
947 [ ص: 268 ] ( 76 ) باب فدية ما أصيب من الطير والوحش

903 - مالك ، عن أبي الزبير أن عمر بن الخطاب قضى في [ ص: 269 ] الضبع بكبش ، وفي الغزال بعنز ، وفي الأرنب بعناق ، وفي اليريوع [ ص: 270 ] بجفرة .


18806 - قال أبو عمر : واليربوع دويبة لها أربعة قوائم وذنب ، تجتر كما تجتر الشاة ، وهي من ذوات الكرش .

[ ص: 271 ] 18807 - روينا ذلك عن عكرمة .

18808 - وبه قال أهل اللغة .

18809 - وفي حديث عمر فوق ما نجزي به الضبع ، وما نجزي به الغزال ، وما نجزي به الأرنب واليربوع ، فقال في الضبع كبش ، وفي الغزال عنز ، وفي الأرنب عناق ، وفي اليربوع جفرة .

18810 - ولو كان العناق عنزا ثنية كما زعم بعض أصحابنا ، لقال عمر في الغزال والأرنب واليربوع عنز ، ولكن العنز عند أهل العلم ما قد ولد ، أو ولد مثله .

18811 - والجفرة عند أهل العلم بالعراق ، وأهل اللغة والسنة من ولد المعز ، ما أكل ، واستغنى عن الرضاع .

18812 - والعناق ، قيل : هو دون الجفرة ، وقيل : هو فوق الجفرة ، ولا خلاف أنه من ولد المعز .

18813 - قال أبو عمر : خالف مالك - رحمه الله - عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - من هذا الحديث في الأرنب واليربوع ، فقال : لا يفديان بجفرة ولا بعناق ، ولا يفديهما من أراد فداءهما بالمثل من النعم ، إلا بما [ ص: 272 ] يجوز هديا وضحية .

18814 - وولد الجذع فما فوقه من الضأن ، والثني وما فوقه من الإبل والبقر والمعز ، وإن شاء فداءهما بالطعام كفارة للمساكين ، أو عدل ذلك صياما ، هو مخير في ذلك ، فإن اختار الإطعام قوم الصيد ، وينظر كم ثمنه من الطعام ، فيطعم لكل مسكين مدا ، أو يصوم مكان كل مد يوما .

18815 - قال : وفي صغار الصيد مثل ما في كباره ، وفي فراخ الطير ما في الكبير إن حكم عليه بالهدي ، أو بالصدقة ، أو الصيام ، يحكم عليه في الفرخ بمثل دية أبويه .

18816 - قال : وكذلك الضباع ، وكل شيء .

18817 - قال : وكذلك دية الكبير والصغير من الناس سواء .

18818 - وقال أبو عمر : سيأتي بيان قوله في الحمام وغيره من الطير فيما بعد من هذا الكتاب - إن شاء الله .

18819 - وحجة مالك فيما ذهب إليه من ذلك ظاهر قول الله - تعالى - : ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة [ المائدة : 95 ] فلما قال هديا ، ولم يختلفوا أن من [ ص: 273 ] جعل على نفسه هديا أنه لا يجزئه أقل من الجذع من الضأن ، والثني مما سواه ، كان كذلك حق الصيد ، لأنه قياس على الهدي الواجب ، والتطوع ، والأضحية .

18820 - وقال الشافعي : هدي صغار الصيد بالمثل من صغار النعم وكبار الصيد بالمثل من كبار النعم .

18821 - وهو معنى ما روي عن عمر ، وعثمان ، وعلي ، وابن مسعود - رضي الله عنهم - في تأويل قول الله - عز وجل - : فجزاء مثل ما قتل من النعم [ المائدة : 95 ] .

18822 - وقال الشافعي : والطائر لا مثل له من النعم ، فيفدى بقيمته ، واحتج في ذلك بما يطول ذكره .

18823 - وعنده في النعامة الكبيرة : بدنة ، وفي الصغيرة : فصيل ، وفي حمار الوحش الكبير : بقرة ، وفي ولده : عجل ، وفي الولد الصغير خروف ، أو جدي .

[ ص: 274 ] 18824 - وقال أبو حنيفة في الصغير قيمته على أصله في القيمة .

18825 - وقال : المثل في جزاء الصيد القيمة .

18826 - وقال أبو يوسف ، ومحمد : إذا بلغ الهدي عناقا ، أو جملا جاز له أن يهديه في زمن الصيد .

18827 - واتفق مالك والشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهم أن الهدي في غير جزاء الصيد لا يكون إلا جذعا من الضأن ، أو ثنيا مما سواه من الأزواج الثمانية ما يجوز ضحية .

18828 - والثني أحب إليهم ، من كل شيء .

18829 - وكان الأوزاعي يجيز الجذع من البقر دون المعز .

18830 - واتفق مالك والشافعي ومحمد بن الحسن ، على أن المثل المأمور به في جزاء الصيد هو الأشبه به من النعم في البدن ; فقالوا : في الغزالة : شاة ، وفي النعامة : بدنة ، وفي حمار الوحش : بقرة .

18831 - وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف : الواجب في قتل الصيد قيمته ، سواء كان مما له مثل من النعم ، أو لم يكن ، هو بالخيار بين أن يتصدق [ ص: 275 ] بقيمته ، وبين أن يصرف القيمة في النعم ، فيشتريه ويهديه .

التالي السابق


الخدمات العلمية