الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
962 918 - مالك ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما رؤي الشيطان يوما ، هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة . وما ذاك إلا لما رأى من تنزيل الرحمة ، وتجاوز الله عن الذنوب العظام ، إلا ما أري يوم بدر " قيل : وما رأى يوم بدر يا رسول الله ؟ قال : " أما إنه قد رأى جبريل يزع الملائكة " .


[ ص: 336 ] 19099 - إبراهيم بن أبي علبة رجل من بني عقيل ، وقيل : تميم . والأول أكثر ، يكنى أبا إسحاق ، وقيل : أبا إسماعيل ثقة ، أدرك طائفة من الصحابة ، وعمر عمرا طويلا ، وهو معدود في الشاميين .

19100 - وطلحة بن عبيد الله بن كريز ، خزاعي ، تابعي ، شامي ، ثقة ، وكريز بفتح الكاف في خزاعة ، وكريز بضمها في عبد شمس بن عبد مناف من قريش .

[ ص: 337 ] 19101 - وليس في هذا الحديث أكثر من الترغيب في شهود عرفة ، والتعريف بفضل ذلك الموقف ، وفي ذلك من فضل الحج ما فيه .

19102 - وفي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الحج المبرور ليس له جزاء إلا في الجنة " . كفاية .

19103 - وقال عليه السلام : " من حج ، فلم يرفث ، ولم يفسق ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " .

[ ص: 338 ] 19104 - وقد ذكرنا في " التمهيد " عند ذكر حديث عبد الله بن أبي عبلة هذا ، من فضل شهود عرفات في الحج ما فيه شفاء واكتفاء ، والحمد لله .

[ ص: 339 ] [ ص: 340 ] [ ص: 341 ] 19105 - كذلك أتينا من الشواهد على معنى قوله : " يزع الملائكة " في " التمهيد " أيضا بما لا مزيد فيه .

19106 - ومختصر ذلك ، أن الوازع هو المانع الذي يكف ، وهو هذا الحديث بمعنى يعبئهم ، ويرتبهم للقتال ، ويصفهم ، ويمنع من أن يشف بعضهم بعضا ، ويخرج بعضهم عن بعض .

19107 - قال الشاعر :

ولا يزع النفس اللجوج عن الهوى من الناس إلا وافر العقل كامله



التالي السابق


الخدمات العلمية