الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
967 923 - مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن ابن أبي مليكة أن عمر بن الخطاب مر بامرأة مجذومة ، وهي تطوف بالبيت . فقال لها : يا أمة الله . لا تؤذي الناس . لو جلست في بيتك . فجلست . فمر بها رجل بعد ذلك . فقال لها : إن الذي كان قد نهاك ، قد مات ، فاخرجي . فقالت : ما كنت لأطيعه حيا ، وأعصيه ميتا .


19162 - وفي هذا الحديث من الفقه الحكم بأن يحال بين المجذومين وبين اختلاطهم بالناس ; لما في ذلك من الأذى لهم ، وأذى المؤمن والجار لا يحل .

[ ص: 356 ] 19163 - وإذا كان آكل الثوم يؤمر باجتناب المسجد ، وكان في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربما أخرج إلىالبقيع ، فما ظنك بالجذام ؟ وهو عند بعض الناس يعدي ، وعند جميعهم يؤذي .

19164 - وأما قول عمر للمرأة : لو جلست في بيتك . بعد أن أخبرها أنها [ ص: 357 ] تؤذي الناس ، فإن ذلك كان منه - والله أعلم - من لين القول لها ، والتعريض بأنه لم يكن يقدم إليها ، ورحمها بالبلاء الذي نزل بها ، فرق لها ، وكان أيضا من مذهبه أنه كان لا يعتقد أن شيئا يعدي ، وقد كان يجالس معيقيبا الدرسي ، وكان على بيت ماله ، وكان يؤاكله ، وربما وضع فمه من الإناء على ما يضع عليه معيقيب فمه .

19165 - وقد ذكرنا الخبر بذلك في صدر كتاب " التمهيد " فلهذا - والله أعلم - لم يزجرها ، ولم ينهها ، وأشار إليها إشارة ، كانت منها مقبولة ، ولعله [ ص: 358 ] لم تخطئ فراسته فيها ؟ فأطاعته حيا وميتا .

التالي السابق


الخدمات العلمية